يستقبل المتحف البغدادي الشهير الذي يجسد مشاهد قديمة من الحياة في العاصمة العراقية، الزوار بعد إعادة افتتاحه إثر الانتهاء من عمليات التأهيل والترميم خلال فترة إغلاق استمرت أكثر من خمس سنوات. وكان المتحف التابع لأمانة بغداد، والذي يعود تاريخه الى العام 1970، أغلق أبوابه بعد دخول الجيش الأميركي بغداد في آذار مارس 2003، وخضع لأكثر من مرحلة تطوير وتغيير معالم بعض المشاهد، فضلاً عن تجديد التالف منها نتيجة تقادم الزمن. ويقول مدير الشؤون السياحية في أمانة بغداد سعد العنزي:"المتحف يمثل إرثاً اجتماعياً كبيراً وثقافة شعبية. فالناس كانوا حريصين دائماً على زيارته لاستعادة تفاصيل الذكريات التي يكتنزها عن الحياة البغدادية القديمة والعادات والطقوس التي لا تزال بقاياها راسخة في الذاكرة". وتقول مديرة المتحف سليمة خضير:"نأمل بأن يستعيد المتحف علاقته مع البغداديين الذين يجدون في زيارته فرصة للعودة الى الماضي الجميل، ليتذكروا الحياة الشعبية التي كانوا يعيشونها". ويفتح المتحف أبوابه بين الساعة التاسعة صباحاً والثانية عشرة ظهراً يومياً، بسبب انقطاع التيار الكهربائي، الأمر الذي يحدّ من فترة التجول في أروقته. وحدّد المسؤولون في إدارة المتحف سعر بطاقة الدخول بأقل من نصف دولار للبالغين، وأقل منها للأطفال. ويضم المتحف الآن أكثر من 200 تمثال تجسد نحو 70 مشهداً حياتياً مختلفاً تعود لفترات زمنية تتجاوز القرن. ويقع المتحف قرب نهر دجلة في جانب الرصافة في مبنى قديم شيد عام 1869، كان مطبعة لولاية بغداد إبان عهد الوالي العثماني مدحت باشا. وكان المتحف الذي يجاور منطقة تجارية أصبحت الآن مركزاً رئيساً للتسوق بعد إغلاق شارع الرشيد أمام المركبات، محطة استراحة للوافدين من كل المدن العراقية. وفي المتحف فريق من الفنيين المختصين في أعمال النجارة والزخرفة، نجح في إدخال مشاهد تراثية هي كناية عن شناشيل مصنوعة من الخشب المزخرف. وتمتاز أزقة بغداد وأماكنها السكنية القديمة بالشناشيل التي كانت أبرز معالمها. وتكتسب الشناشيل، أو النوافذ الخشبية المحفورة أو المزخرفة، أهمية اجتماعية لدى البغداديين من حيث ضمان الخصوصية في المنزل، فضلاً عن تخفيفها حدة أشعة الشمس وتلطيف الهواء، كما ان بعضها مغطى بالزجاج اتقاء لبرودة الشتاء. وتعود فكرة تأسيس المتحف البغدادي الى العام 1968، عندما ارتأت أمانة بغداد ضرورة الحفاظ على تاريخ العاصمة وتوثيق فترة زمنية يرى البغداديون الآن انها كانت حقبة ذهبية. وحرص الفنيون على ان تكون اعمال التطوير والتحديث قريبة جداً للوقائع الحياتية لتمنح الزائر انطباعاً بأنه يعيش أجواء بغداد القرن الماضي، فالصحون والأطباق ومستلزمات العمل من أباريق ونراجيل زجاجية وتفاصيل أخرى كلها تتوافق مع طبيعة المرحلة القديمة.