يستقبل المتحف البغدادي الشهير الذي يجسد مشاهد قديمة من الحياة في العاصمة العراقية، الزوار بعد اعادة افتتاحه اثر الانتهاء من عمليات التاهيل والترميم خلال فترة اغلاق استمرت اكثر من خمسة اعوام . وكان المتحف التابع لامانة بغداد ويعود تاريخه الى العام 1970، قد اغلق ابوابه بعد احداث اذار / مارس عام 2003 وخضع لاكثر من مرحلة تطوير وتغيير معالم بعض المشاهد فضلا عن تجديد التالف منها نتيجة تقادم الزمن . ويقول مديرالشؤون السياحية في امانة بغداد سعد العنزي ان " المتحف يمثل ارثا اجتماعيا كبيرا وثقافة شعبية، فالناس كانوا حريصين دائما على زيارته لاستعادة تفاصيل الذكريات التي يكتنزها عن الحياة البغدادية القديمة والعادات والطقوس التي ما تزال بقاياها راسخة في الذاكرة " . من جهتها، تقول مديرة المتحف سليمة خضير لفرانس برس " نأمل ان يستعيد المتحف علاقته مع البغداديين الذين يجدون في زيارته فرصة للعودة الى الماضي الجميل ليتذكروا الحياة الشعبية التي كانوا يعيشونها " . ويفتتح المتحف ابوابه بين التاسعة صباحا والثانية عشرة ظهرا يوميا بسبب انقطاع التيار الكهربائي، الامر الذي من شانه ان يحد من فترة التجول في اروقته . وحدد المسؤولون في ادارة المتحف سعر بطاقة الدخول باقل من نصف دولار للبالغين واقل منها للاطفال . واعيد افتتاح المتحف الذي يروي طبيعة الحياة الاجتماعية للبغداديين وعاداتهم وتقاليدهم التي تميزوا بها عن سائر العراقيين في 28 اب / اغسطس الماضي . ويضم المتحف الان اكثر من مئتي تمثال تجسد حوالى 70 مشهدا حياتيا مختلفا تعود لفترات زمنية تتجاوز القرن تصور الحرف والمهن الشعبية التي كانت معروفة انذاك والحياة الشعبية في مناطق بغداد القديمة .وتقول ام احمد احدى الزائرات وكانت بصحبة ابنتها " انها فرصة طيبة تتاح امامنا لاستعادة الاجواء القديمة التي كانت جميلة رغم بساطتها وتواضعها كانت علاقات طبيعية نفتقدها الان " .وتضيف المراة الستينية " اغتنمنا فرصة وجودنا في سوق الشورجة للتبضع واصبحنا على مقربة من المتحف فقررنا زيارته امضينا وقتا ممتع وعن المشاهد التي لفتت نظرها، توضح " حياة المراة قديما والعادات الشعبية التي كانت سائدة واندثرت الان .ما لفت انتباهي مشاهد الزفة وبائعة الباقلاء " او الفول الاخضر . ويقع المتحف قرب نهر دجلة في جانب الرصافة في مبنى قديم شيد العام 1869 وتشير المصادر الى انه كان مطبعة لولاية بغداد ابان عهد الوالي العثماني مدحت باشا . وكان المتحف المجاور لمنطقة تجارية اصبحت الان مركزا رئيسيا للتسوق بعد اغلاق شارع الرشيد امام المركبات، محطة استراحة للوافدين من مختلف المدن العراقية . وفي المتحف فريق من الفنيين المختصين في اعمال النجارة والزخرفة .ونجح هذا الفريق في ادخال مشاهد تراثية هي كناية عن شناشيل مصنوعة من الخشب المزخرف " . وتمتاز ازقة بغداد واماكنها السكنية القديمة بالشناشيل التي كانت ابرز معالمها . وتكتسب الشناشيل، او النوافذ الخشبية المحفورة او المزخرفة، اهمية اجتماعية لدى البغداديين من حيت ضمان الخصوصية في المنزل فضلا عن تخفيفها حدة اشعة الشمس وتلطيف الهواء كما ان بعضها مغطى بالزجاج اتقاء لبرودة الشتاء . ومن التماثيل والمشاهد التي خضعت لاعمال التطوير والتجديد بائعة الباقلاء التي تفترش ازقة واحياء بغداد القديمة وهي تقوم بتهيئة وجبة الفطور للبغدادين وللعمال الذين يخرجون فجرا بحثا عن العمل في ثلاثينيات القرن الماضي . وتعود فكرة تأسيس المتحف البغدادي الى العام 1968 عندما ارتأت امانة بغداد ضرورة الحفاظ على تاريخ العاصمة وتوثيق فترة زمنية يرى البغداديون الان انها كانت حقبة ذهبية . وحرص الفنيون على ان تكون اعمال التطوير والتحديث قريبة جدا للوقائع الحياتية لتمنح الزائر انطباعا بانه يعيش اجواء بغداد القرن الماضي فالصحون والاطباق ومستلزمات العمل من اباريق ونراجيل زجاجية وتفاصيل اخرى كلها تتوافق مع طبيعة المرحلة القديمة .