تغيرت موسيقى الجاز ولم تعد كما كانت في السنوات الماضية وباتت"جازات"إذا صح التعبير، بفعل ما يسمى اليوم بثورة ما بعد الحداثة، لأن ما قدم في مهرجان" بور جاز"في لاهاي أخيراً وشارك فيه فنانون وعازفون من أنحاء العالم، كان مختلفاً تماماً عن الجاز الذي نعرفه. ثلاثمائة عازف وراقص ومغنٍ، جعلوا المدينة ترقص حتى ساعات متأخرة من الليل، لكن هل سمع أحد بموسيقى"جيبسي جاز"أو"الجاز المغربي"أو" راب جاز"؟ تبقى الموسيقى في حالة تطوّر حالها حال الفنون الأخرى، لكن الذي تغير في الأمر أن الموسيقى بكل أنواعها لم تعد حكراً على أحد، وأصبح اليوم بإمكان أي فريق أن يقدم موسيقاه بالطريقة التي يراها مناسبة وان يستعير أي نوع من الموسيقى ويمزجها مع موسيقاه المحلية. هذا ما حدث في مهرجان" بور جاز"الهولندي، حيث مزجت فرقة غجرية مؤلفة من مجموعة من الغيتارات وكمان واحد، موسيقى الجاز بموسيقاها المعروفة ب"جيبسي كينكز"لتنتج" جيبسي جاز". لكن ما حدث مع"المغرب جاز"كان مختلفاً تماماً لأن الفرقة المغربية لم تقدم أية إضافات سوى بعض الإيقاعات العربية التقليدية، خصوصاً أن الآلات الرئيسة العربية، كالعود والقانون والناي، لم تكن حاضرة. وشاركت آلتان تقليديتان هما الطبلة والدف وكان أداؤهما ضعيفاً باستثناء بعض الوصلات الطربية الراقصة، ولوحظت صعوبة ظهور قوة هاتين الآلتين العربيتين أو طبيعتهما، في موسيقى مثل الجاز. فرقة موسيقية مؤلفة من عدد من العازفين الشبان، قدمت خلال اقل من ساعة عدداً من المقطوعات الموسيقية المختلفة توزعت بين الكلاسيك والبوب والجاز في خلطة غريبة لكن ممتعة، اظهر خلالها الموسيقيون براعة غيرت أمزجة الجمهور. فمنهم من كان يتمايل مع الموسيقى الكلاسيكية، ومنهم من رقص مع آلات النفخ والغيتار. فرقة" اوركسترا باو باب"الافريقية تميزت بقوة الأداء، ومزجت بين الإيقاع الإفريقي والغيتار الغربي بطريقة متناغمة. ورافقت الإيقاع في قوته رهافة الغيتار وحدته بانسجام طيب مع الفارق الواضح في عدد الضربات في الإيقاع والغيتار. وهذه الفرقة التي تتألف من عشرة عازفين، قدمت أنواعاً مختلفة من الموسيقى توزعت بين الفولكلور والموسيقى الحديثة. وسبق ل"اوركسترا باو باب"أن فازت في عام 2003 بجائزة"بي بي سي". الفرق المحلية الهولندية المشاركة كانت كثيرة لكنها لم تقدم غير الموسيقى التقليدية ذات المقام الواحد أو المقامين مع لوازم تتكرر في غالبية الألحان والأغنيات. الا ان بعض الفرق المعروفة عزفت موسيقى الجاز على الطريقة الأميركية . أما الفرق الانكليزية التي تحظى بشهرة عالمية، فمثلتها فرقة"بيت فيلي"التي افتتحت المهرجان وقدمت عدداً كبيراً من المقطوعات الموسيقية ومن أنماط مختلفة . وأتاح المهرجان الذي استغرق أربعة أيام وهي فترة طويلة قياساً بالمهرجانات الموسيقية، فرصة كبيرة للمواهب الشابة الآتية من كل إنحاء العالم، فتألق عازف الساكسوفون الأميركي جيرمي بيلت حين قدم مقطوعات موسيقية مشغولة بعناية . آلة الساكسوفون الرحبة الممتدة، يمكن أن تكون أيضاً آلة خشنة حين يتعلق الأمر بالرعب... هذا ما استطاع أن يستخرجه بيلت من جوف الآلة المعدنية المتألقة بأصابعه المرنة والراقصة. ومن نيويورك أيضاً قدمت نينا سيمون مع فرقتها التي يشرف عليها الموسيقي ستيفان ماكاي، مقطوعات سمتها موسيقى روحية لم تخل من الآلات الإيقاعية التي رافقت الغيتار والدرامز. موسيقى الأطفال كانت حاضرة، وهي لم تعد تغيب عن أي نشاط ثقافي أو فني في هولندا. ويكون النشاط اجمالًا مجانياً لكي يتيح للأطفال فرصة مبكرة للتعرف الى الفنون والآداب، اذ قدّمت فرقة"لويس الصغير"المخصصة للأطفال عدداً من الوصلات الراقصة من الهيب هوب جعلت الاولاد يستدعون ذويهم للرقص معهم أمام الجميع.