بمناسبة الذكرى الخامسة لاحتلال العراق، قدم عازف القانون العراقي والمؤلف الموسيقي أسامة عبد الرسول أمسيتين موسيقيتين في مدينتي بروكسيل وخنت البلجيكيتين، ضمن مهرجان كبير شارك فيه شعراء وراقصون ومسرحيون من العراقوبلجيكا والسودان. عزف عبد الرسول مقطوعات موسيقية لم نعتد عليها في آلة القانون، لكننا نكتشف، اذ نعرف انه يعزف أيضاً على آلة العود والغيتار والبيانو، انه نقل تقنيات هذه الآلات إلى آلة القانون واستخلص إيقاعات موجودة في الموسيقى العربية، لكنها تكاد تكون غريبة على الأذن العربية. يستخدم عبد الرسول الذي تعلم العزف علي القانون بمفرده، مقامات غير مستقرة أو يقوم بتغيير ترتيب النغمات في هذه المقامات، ما يجعل الإيقاع مختلفاً والنغم محرفاً. لكن النتائج المترتبة على ذلك في غاية الأهمية، لأن التأليف للقانون يعتمد في أحيان كثيرة على مقام مستقر وإيقاعات ثابتة. وتوافرت للفنان فرصة فريدة هي دراسة موسيقى شعوب أخرى لمعرفة المختلف والمؤتلف مع الموسيقى العربية، فاستثمرهما في شكل جيد وقدم لنا بعض المؤلفات الجديدة. ففي معزوفة"حزن"، التي قدمها في مدينة خنت في الأمسية الأخيرة، اعتمد على مزج أفكار لحنية جديدة مع ألحان تقليدية عراقية متأثراً بموسيقى الشعوب الأخرى، كالاسبانية والتركية والهندية واليونانية، فأصبح النغم خافتاً إلى درجة الاندثار، حتى أن مقامي الحجاز والسيكاه اللذين اعتمدهما في هذه المقطوعة بدوا مشتتين، لكن كانت النتائج جديدة وواضحة للغاية. هذه المدونة الموسيقية تستثمر اكبر عدد من الإيقاعات المختلفة، وتمزجها مع مقامات من نمط مختلف تتيح للمؤلف أفقاً أوسع لتجديد القاعدة التي انطلق منها. هذا هو بالضبط ما قام به عبد الرسول حين زاوج بين القانون والغيتار الكلاسيكي والبيانو. عمل عبد الرسول، المولود في مدينة الحلة العراقية عام 1968، مع فرق عالمية وعربية مهمة، ناهلاً من تقاليدها الموسيقية. لذا نجده مختلفاً عن عازفي القانون، إذ يعتمد كثيراً على الارتجال. عمله مع الفرقة السمفونية البلجيكية، التي تضم أكثر من 85 عازفاً جعله يتعرف في شكل عميق على الموسيقى الغربية الكلاسيكية ودفعه الى دراسة الغيتار الكلاسيكي في بريطانيا. أما عمله مع فرقة كورال بلغراد فعمق لديه الإحساس بالهارمونية الصوتية، وفرقة الجاز الايطالية منحته القدرة على التمييز ومزاوجة الإيقاعات. إضافة إلى ذلك، عمل عبد الرسول مع فنانين عالميين وعرب في شكل منفرد ومن ثقافات مختلفة، منهم الفنانة اللبنانية جاهدة وهبة والتونسية أمينة علوي والبرتغالية لولا بينا، ووضع الموسيقى التصويرية لأفلام ومسرحيات عدة. كما ساهم في التوزيع الموسيقي لعدد كبير من الفنانين العرب والأتراك والأرمن وشارك في العزف مع عازفين من أميركا واليونان وساحل العاج وإيطاليا وإيران. وقدم عبد الرسول خارج بلجيكا عروضاً موسيقية، منفردة أو مع عازفين آخرين. ففي بريطانيا قدم عرضاً في قاعة الملكة اليزابيث في لندن، وفي مسرح المدينة في باريس، وشارك عدداً من أهم العازفين في العالم في افتتاح اولمبياد 2006 في اليونان. كما قدم عروضه المنفردة في اسبانيا والبرتغال وألمانيا والدنمارك. وعلى الصعيد العربي شارك في لبنان، ومهرجان جرش في الاردن، وقرطاج في تونس، ودول عربية أخرى.