يُقال إنّ أيّ مشروع حكومي يهمل جانباً من جوانب الحياة العامة للانسان هو مشروع"أعرج". وكثيراً ما ظلّت فئة المعوقين أو ذوي الحاجات الخاصة على الهامش ومخفية في الظّل، فيما يكسب"الأصحاء"فرصاً أفضل. ومن منطلق العارف بالأولويات، أولت دولة قطر أهمية منقطعة النظير لذوي الحاجات الخاصة، ومنحهم حقوقاً وامتيازات ذات قيمة عالية، ما جعل الفرد المعوّق يشعر بأنه شخص عادي. أماكن كثيرة في مواقف السيارت خصصت لذوي الحاجات الخاصة. ومَن يتعدي على هذه المواقف، ما لم يكن من"مستحقيها"، يدفع غرامة مالية قدرها 3000 ريال قطري - أيّ ما يعادل 850 دولاراً أميركياً - وهذه العقوبة من أكثر المخالفات صرامة في التطبيق من جانب شرطة المرور والطرقات، ولا مجال للنقاش من أجل الغائها أو تخفيضها. قبل سنوات قليلة، كانت هذه الفئة في قطر، على موعد مع أكبر الأحداث أهمية في مسارها التاريخي، فقد تمّ إشهار"الجمعية القطرية لأولياء أمور ذوي الإعاقة". وهي أول جمعية أهلية تتم الموافقة على إشهارها استناداً الى قانون الجمعيات والمؤسسات الخاصة، الذي صدر عام 2004. ونص هذا القانون على اعتبار ذوي الحاجات الخاصة يتمتعون، إضافة إلى ما يتمتعون به من حقوق بموجب التشريعات الأخرى السابقة، بالعديد من الحقوق كالتربية والتعليم والتأهيل، كل بحسب قدراته، والرعاية الطبية والنفسية والثقافية والاجتماعية، والحصول على الأدوات والأجهزة ووسائل النقل والمعدات التي تساعدهم على التعلم والتأهل والحركة والتنقل. كما تعهّد القانون بتوفير خدمات الإغاثة والمعونة والخدمات المساعدة الأخرى، وتوفير العمل الذي يتناسب مع قدراتهم ومؤهلاتهم وتأهيلهم في القطاعين الحكومي والخاص، وممارسة الرياضة والترويح وفقاً لقدراتهم الخاصة، وأيضاً المسكن الذي يكفل لهم الحركة والتنقل بأمان وسلامة، وتأمين المرافق الخاصة بهم في الأماكن العامة. وتنصّ المادة العاشرة من القانون على"ضرورة أن تؤمّن الجهات المختصة لذوي الحاجات الخاصة مساكن بمواصفات خاصة وفقاً للأولوية والضوابط التي يضعها المجلس". وتعفي المادة 12"مراكز رعاية ذوي الحاجات الخاصة ومؤسساتها التابعة لها من رسوم تسجيل هذه الأماكن". من بين هذه المؤسسات التي تمّ الترخيص لها"الجمعية القطرية لتأهيل ذوي الحاجات الخاصة"التي تأسست في 1992، وتضم ثلاثة فروع هي"المركز الثقافي الاجتماعي لذوي الحاجات الخاصة"و"المركز التعليمي"و"مركز تثقيف الأمهات". وكلها تعمل على توفير الأماكن اللازمة والمناسبة لإيواء ذوي الحاجات الخاصة تمهيداً لرعايتهم وإعدادهم إعداداً تربوياً ومهنياً. إضافة إلى إنتاج وتصنيع واستيراد كل الأجهزة والوسائل التعليمية المختلفة والأطراف الاصطناعية اللازمة لمنتسبيها. وكانت مباردة مركز"الشفلح"، وتعني براعم نبتة"الكبر"التي تنمو في قطر ولها ازهار وردية وبيضاء، القاضية باطلاق الخط الساخن لخدمة ذوي الحاجات الخاصة، من أكثر الخطوات جدية وتطبيقاً لمبدأ"التجسيد الفعليّ"، ونظمت هذه المبادرة من خلال وحدة دعم الاسرة من أجل تقديم أفضل الخدمات للأهالي والجمهور والعاملين في مجال ذوي الحاجات الخاصة. ويقدّم المركز شروحاً حول طرق التعامل مع الابناء من ذوي الحاجات الخاصة، في كل المجالات والخدمات المقدمة لهم ومساعدتهم على ايجاد الحلول والبدائل ومساعدتهم في التغلب على المشكلات التي تواجههم في المجالات كافة، ومن خلال الرد عليهم من قبل المتخصصين لدى المركز في اقسام متنوعة تتثمل أساساً في"الخدمات الاسرية والاجتماعية"و"دعم الاسرة والتربية الخاصة والاقسام التأهيلية". وعدا الحقوق المميزة التي يتمتعون بها من سكن وتعليم وركن للسيارات، فإنه من حق ذوي الحاجات الخاصة الحصول على وظيفة. وأكدّ مدير إدارة العلاقات العامة في معهد"النور"، خالد الشعيبي أخيراً، أنه سيتم توظيف 14 كفيفاً في مختلف قطاعات الدولة، الحكومية منها والخاصة، وذلك بعد تدريبهم وتأهيلهم جيداً للإنخراط في سوق العمل من خلال إخضاعهم لفترة تدريب مكثف داخل المعهد وخارجه. وهي بادرة تسعى الى دمج المكفوفين في المجتمع على الصعيدين العلمي والعملي ومشاركة أقرانهم في الحقوق والواجبات وفق ما تسمح به قدراتهم. وتبدو تجربة ذوي الحاجات الخاصة في دول مجلس التعاون الخليجي في تطور دائم، لا سيما من خلال الاهتمام برياضتهم الخاصة.