فجأة ضغط السائق على الفرامل، فسرى الارتباك بين ركاب الباص. «كاد يصدم صاحب العربية». قال أحدهم مشيراً إلى شاب يجلس على كرسي متحرك يستخدمه للتنقل بسبب إعاقة في ساقيه. ولئن أكد السائق انه لم يكن مخطئاً إلا أن الركاب ابدوا تعاطفاً مع الشاب مطالبين السائق بأن يبقى منتبهاً. عدم وجود طرق وممرات مصممة لاستيعاب حركة بعض ذوي الحاجات الخاصة هو من المشاكل التي يواجهها هؤلاء في اليمن. فغالبية المنشآت بما فيها المدارس والمتاجر والجامعات، لا تسهل حركة المعوقين. وتلفت سماح الشغدري ( 30 سنة) إلى عدم وجود مصعد في أحد المباني الجديدة في جامعة صنعاء، والمكون من أربعة طبقات، مؤكدة أن الأمر لا يقتصر على المباني والطرقات بل يمتد إلى المؤسسات العامة. وذكرت الشغدري وهي واحدة من شابات قليلات نجحن في عدم الاستسلام لإعاقتهن الجسدية، أن الصم والبكم لا يتمكنون من مواصلة تعليمهم الثانوي والجامعي لافتقار هذه المؤسسات لأدوات التأهيل من معلمين ومنهج. كما يعاني المكفوفون الدارسون في الجامعات من عدم وجود كتب خاصة بهم تعتمد لغة «بريل» ما يدفعهم إلى اعتماد آلات لتسجيل المحاضرات وتدوين الكتب المقررة بأصوات ذويهم. وقالت الشغدري ان طالبة كفيفة في كلية الإعلام عانت الأمرين بسبب اعتذار زميلاتها وزملائها عن قراءة الأسئلة لها خلال اختبار شهري. وبحسب احمد عبد الحفيظ مدير عام الرعاية الاجتماعية وتأهيل المعوقين في وزارة الشؤون الاجتماعية بلغ عدد الجمعيات والمراكز الرسمية والأهلية التي يمولها صندوق الرعاية الاجتماعية 104 جمعيات ومركز، فيما بلغ عدد المستفيدين من خدمات الصندوق حتى نهاية العام الماضي 126 الف معوق من الجنسين معظمهم في عمر الشباب. كما وفر الصندوق 40 حافلة لنقل المعوقين. وقال عبد الحفيظ إن قانون المعوقين يكفل لذوي الحاجات الخاصة جملة من الحقوق ومنها إلزام المؤسسات الحكومية بتخصيص 5 في المئة من إجمالي الدرجات الوظيفية لهم، مؤكداًً دعم الصندوق لمختلف النشاطات والخدمات الصحية والثقافية والرياضية. وذكر عبد الحفيظ أن الحكومة بصدد إقرار الإستراتيجية الوطنية للإعاقة. وقال إن الحكومة اليمنية منذ مصادقتها على الاتفاقية الدولية الخاصة بذوي الإعاقة تحرص على تعزيز أوضاع ذوي الحاجات الخاصة ودمجهم في المجتمع، مشيراً إلى أن الصندوق يضمن تعليم المعوق بدءاً من الروضة حتى حصوله على الشهادات العليا. فيما أفاد بعض ذوي الحاجات الخاصة ان ما يمنح للطالب الجامعي منهم ينحصر بالرسوم الجامعية وبدل مواصلات. وكان تعدد الجمعيات والمراكز المختصة برعاية ذوي الحاجات قاد إلى تشكيل ما يسمى «اتحاد جمعيات المعوقين اليمنيين» ويمثل واجهة التفاوض والمطالبة مع الجهات الرسمية. بيد أن بعض الشبان من ذوي الحاجات الخاصة يطرحون كثيراً من الملاحظات على نشاط الاتحاد كما على أداء الجمعيات. وقالت الشغدري: «هناك تبديد للأموال المخصصة للمعوقين. فجزء من موازنة صندوق الرعاية الاجتماعية البالغة بليونين سنوياً ينفق في أعمال لا تفيد ذوي الحاجات الخاصة، إضافة الى سوء التعامل مع المترددين على الإدارات المعنية». وانتقدت الشغدري التي التحقت أخيراً للعمل في قناة «سبأ» التلفزيونية الشبابية ضعف دور وسائل الإعلام في التوعية بقضايا المعوّق وحقوقه، مشيرة إلى غياب البرامج الموجهة لذوي الحاجات الخاصة عن وسائل الإعلام اليمنية. مستثنية في ذلك نشرة الأخبار المحلية في الفضائية اليمنية والتي تضم مترجماً لإشارات الصم والبكم. وقالت ان بعض الأسر لا يولي اهتماماً بالمعوقين لا بل يحرج من وجود معوق. وكان بعض الصحف خصص صفحة بلغة الإشارة موجهة للصم والبكم إلا أن مثل هذا الأعمال تبقى هامشية وغير منتظمة. وبدا أن معاناة الإناث من ذوي الحاجات الخاصة تتضاعف في اليمن وبخاصة لجهة الترفيه والمشاركة المجتمعية. ويعتبر عدم زواج المعوقة لاسيما الكفيفة عبئاً على بعض الأسر. ودرجت بعض الجمعيات على تنظيم برامج زواج في ما بين المعوقين أنفسهم مستعينة في هذا على دعم بعض البيوت المالية. وعلى رغم وجود اتحاد رياضي للمعوقين إلا أن ممارسة الرياضة في أوساط ذوي الحاجات الخاصة شكلية وأقرب إلى الاستعراض في المناسبات.