بدأت الحكومة المركزية العراقية أمس محادثات مهمة مع حكومة إقليم كردستان، في محاولة لتسوية الأزمة بين الجانبين، بعد قرار بغداد"انهاء التمدد الكردي خارج الخط الازرق"الذي تنتهي عنده حدود الإقليم. لكن الأكراد استنكروا ذلك بشدة، ما أثار تكهنات بانهيار الاتفاق الرباعي الموقع بين"المجلس الاعلى"و"حزب الدعوة"من جهة، والحزبين الكرديين الكبيرين من جهة ثانية. ومع وصول وفد كردي رفيع المستوى، برئاسة نائب رئيس الوزراء برهم صالح نائب الأمين العام ل"الاتحاد الوطني الكردستاني"، وعضوية روز نوري شاويش، ممثل رئيس الاقليم في المجلس السياسي للأمن الوطني، وفؤاد معصوم، رئيس كتلة"التحالف الكردستاني"في البرلمان، بدأت المحادثات في بغداد، فيما تستمر الأجواء المشحونة وحرب التصريحات بين الطرفين. وقال مصدر مقرب من الحكومة ل"الحياة"إن"نقاشات مكثفة عقدت بين الحكومة والوفد الكردي فور وصوله ركزت على أزمة خانقين، مضيفاً ان رئيس الوزراء نوري المالكي ونائب رئيس الجمهورية عادل عبدالمهدي ترأسا وفد الحكومة المركزية، فيما ترأس الوفد الكردي برهم صالح، مشيراً الى ان"الجولة الاولى جرت في منزل المالكي"، ولافتاً الى ان"المفاوضات لم تقتصر على أزمة خانقين بل شملت كل المناطق المتنازع عليها". وتعد مناطق قرتبة وجلولاء وخانقين التابعة لمحافظة ديالى، وأجزاء كبيرة من سهل نينوى في محافظة الموصل، فضلا عن كركوك، من المناطق المتنازع عليها وتضم خليطا سكانياً، حيث يقطنها عرب وتركمان وأكراد، وتنتشر فيها قوات"البيشمركة"الكردية منذ عام 2003. وأشار المصدر الى ان"الوقت ما زال مبكراً للحديث عن نتائج للمفاوضات التي ما زالت في بدايتها". مشيراً الى انها ستستغرق اياماً عدة، و"لن تنتهي قبل التوصل الى تسوية حاسمة للأزمة التي نشبت بين الجانبين"، لافتا الى ان الطرفين"متفقان على ضرورة حسم القضية قبل موعد انطلاق الفصل التشريعي الجديد للبرلمان في 9 الشهر الجاري". ووصف المستشار الخاص لرئيس الوزراء ياسين مجيد محادثات الوفد الكردي مع المالكي بأنها"صريحة وشفافة وواضحة". وتصاعدت حدة الخلافات بين الحكومة المركزية واقليم كردستان، على خلفية دخول قوات الأمن العراقية التي تنفذ عملية"بشائر الخير"الى خانقين، وامهالها قوات حماية الاقليم"البيشمركة"24 ساعة لاخلاء مواقعها بأمر من المالكي لكن قادة"البيشمركة"رفضوا الانصياع للأمر، مؤكدين انهم تلقوا أوامر من رئاسة اقليم كردستان بالبقاء في مواقعهم. وتواصلت أمس حرب التصريحات بين المسؤولين العرب والاكراد، وفيما أكد مسؤولون في قوات"البيشمركة"استعدادها لأي مواجهة محتملة مع الجيش في خانقين والمناطق الأخرى المتنازع عليها، أكدت الحكومة حق الجيش العراقي دستوريا في دخول كردستان. واستغرب القيادي في"المجلس الاعلى"الشيخ همام حمودي امس رد الفعل الكردي على تصريحاته التي أدلى بها في ايران عندما قال إن أي عنصر من"البيشمركة"سيعتبر ملاحقاً خارج حدود الخط الازرق. فضلا عن قوله إن حصة الاكراد من الموازنة الاتحادية يجب ان تخضع للدستور. و"الخط الازرق"هو خط عرض 36 الذي حددته الولاياتالمتحدة عام 1991 لحظر الطائرات العراقية من التحليق فوق المناطق التي تقع ضمنه، ويمرّ الخط في محافظات نينوى واربيل والسليمانية، حيث كانت الطائرات الاميركية تحلق باستمرار في اجواء المنطقة لضمان عدم حدوث خروقات للمنطقة المحظورة. وجاء في بيان صدر عن مكتب حمودي امس"كنا نأمل من جميع الحلفاء والأصدقاء الذين يعرفون تاريخ الشيخ همام حمودي ومواقفه المدافعة عن مظلومية الأخوة الكرد على طول السنوات الماضية أن يبادروا لمعرفة حقيقة الموقف قبل إصدار بياناتهم كي نحفظ لهذه العلاقة نموها وازدهارها". واضاف البيان ان ما تم نقله عبر وسائل الإعلام عن حمودي"لم يكن دقيقاً"وجاء في معرض إجابة الشيخ على أسئلة مجموعة من الطلبة الجامعيين العراقيين في طهران حول أهم المشاكل التي ستتم مناقشتها في الفصل التشريعي المقبل، ووجهات النظر المختلفة حولها، ومنها الموازنة العامة وموضوع النسبة المخصصة للأخوة الأكراد والتي تم الاتفاق عليها وتثبيتها في موازنة هذه السنة، فقد اشار أيضاً إلى ضرورة احتسابها وفقاً للنص الدستوري المتعلق بالنسبة السكانية والتي كانت المناقشة فيها سبباً في تأجيل الموازنة إلى بداية هذه السنة وأنها جاءت بقرار سياسي وليس طبقا ً للتعداد السكاني. الى ذلك طالب القيادي في جبهة"التوافق"عبدالكريم السامرائي، عضو المكتب السياسي ل"الحزب الاسلامي"القادة الاكراد بابداء المزيد من المرونة في ملف انتشار وحدات الجيش العراقي في قضاء خانقين واضاف في بيان نشر على موقع الجبهة الالكتروني امس"نأمل بأن لا تكون هناك أزمة بين الحكومة واربيل فالوضع العراقي فيه من الملفات الساخنة ما لا يحتمل تفجر أزمة جديدة ... وبتقديري إن الجانب الكردي مطالب بالمرونة الكبيرة لامتصاص التوتر، فمشكلة خانقين جرى حسمها عندما اتفق المسؤولون في الحكومتين على انسحاب لواء البيشمركة الكردي إلى خارج حدود ديالى وترك مسؤولية الأمن هناك للجيش العراقي". من جهته وصف النائب عن الائتلاف العراقي الموحد عباس البياتي تحرك قطعات الجيش العراقي في محافظة ديالى بأنه"حق مشروع للحكومة لا يجوز الاعتراض عليه"، مشيراً الى ان"من حق الحكومة المركزية تحريك قواتها العسكرية في اي مكان في البلاد طبقا للدستور".