يقول المخرج الفلسطيني محمد علوه، وهو معد ومخرج برنامج "عين" الذي تبثه قناة الشارقة الفضائية ويعنى بالتجارب السينمائية الشابة وعروض الأفلام القصيرة، رداً على تساؤل حول ما إذا كان في وسع البرامج التلفزيونية مواكبة السينما من دون التقليل من شأنها باعتبار أن الناقد"المرئي"لم يفلح في تأسيس شيء استثنائي في هذا المجال:"إذا كان المقصود بنجاح هذه المواكبة الناحية التقنية، فبالطبع التلفزيون استمد عناصره من السينما، وثمة الكثير مما هو مشترك بينهما مثل الكاميرا والعرض الخلفي والمزج، وهو قد بسّط استعمالها إلى درجة أنه يتفوق تقنياً على السينما نفسها، وبالتالي أصبحت الناحية التقنية السينمائية تعتمد على الكثير من التقنيات التلفزيونية، ولكن إذا ما نظرنا - يضيف علوه - إلى المضمون، فإن السينما سوف تظل سبّاقة، وذلك لاختلاف المواضيع التي تقدمها، ولطبيعة المشاهدة، وطبيعة العرض التلفزيوني الذي يخلق بدوره مشاهداً كسولاً يتربى على نتاجات استهلاكية يومية تشبه الوجبات السريعة التي تؤكل بسرعة ثم تنسى، بينما يظل العمل السينمائي قابعاً في ذاكرة من يشاهده لفترات طويلة". ويقول المخرج علوه رداً على سؤال متعلق بالتبسيط التلفزيوني الذي تمتح منه هذه البرامج وتشكل حالة ضد السينما نفسها:"بالطبع التبسيط يشكل نوعاً من الخطر على الثقافة السينمائية بخاصة أننا بتنا شاهدين على استخدام مختلف التقنيات الرقمية التي تحولت إلى ما يشبه الآفة، وهي بالفعل بسطت العمل السينمائي نتيجة دخولها عليه وأصبحت في متناول من هب ودب حتى أصبح يخيل للبعض إن ما يصور بهذه الكاميرات يمكن أن يحاكي النتاجات السينمائية الرفيعة، مع أن السينما تظل بعيدة كل البعد عن هذه التجارب المفرغة من الثقافة السينمائية والإبداع". ويقول المخرج محمد علوه الذي يعمل في تلفزيون وفضائية الشارقة منذ حوالي سبعة عشر عاماً في محاولة منه لتحديد مكانة"عين"من فحوى إجابته السابقة بخاصة أنه عرض للكثير من التجارب القائمة على استخدام التقنيات الرقمية:"لقد كان معظم ما يعرض على الشاشات العربية هو النتاجات التجارية التي تغص بها السينما العربية ولم يكن هناك مكان أبداً للفيلم العربي القصير بمختلف أنواعه الروائي والتسجيلي والتجريبي، هذا الفيلم محروم من الوصول إلى المشاهد في دور العرض أو عبر التلفزيون ونحن جئنا في برنامجنا وفتحنا نافذة من خلال تلفزيون الشارقة للأفلام القصيرة التي تمتاز بمستوى جيد جداً، وقدمناها للمشاهد العربي الذي لم يكن يستطيع مشاهدتها إلا من خلال المهرجانات الدولية إذا صدف له وتواجد فيها، وارتأينا بالطبع أن نعرض لمعظم الأفلام الحاصلة على جوائز من المهرجانات العربية والدولية مع التنويع بالطبع على مختلف الجنسيات العربية التي كانت تردنا منها الأفلام وبعضها جاء من أوروبا وقد أنتجت على أيدي مخرجين عرب، ويمكنني أن أجزم أن تلفزيون الشارقة كان سبّاقاً واستثنائياً بعرض الأفلام العربية القصيرة على مدى ثلاث سنوات من عمر البرنامج". وحول سؤال عن استخدامه في برنامجه للكثير من التجارب الشبابية التي قام بعضها على استخدام الكاميرات الرقمية الخفيفة يقول:"لقد اضطررت في بعض الأحيان إلى عرض بعض الأفلام التي صوّرت بالتقنية الرقمية لقلة الأفلام القصيرة المنتجة سينمائياً في الوقت الراهن نظراً لارتفاع كلفة الإنتاج السينمائي. أضف إلى ذلك أنني قمت باختيار أفضل ما قدم لنا من الأفلام المصورة بهذه التقنية والتي حصلت على جوائز مهمة كما أسلفت". وحول سؤال يتردد حول عدم مرورنا ببرنامج تلفزيوني يحاكي حقيقة السينما وأهميتها ويترك ذلك الحضور المؤثر يقول:"ليس عدد النقاد السينمائيين كبيراً جداً، وللأسف الشديد تلجأ المحطات التلفزيونية في إعداد البرامج السينمائية إلى كتاب الصحافة الفنية والمنوعات، ذلك أن التلفزيون يسعى للاستفادة من المعلومات البسيطة لدى هذا الصحافي أو ذاك في تغطية برامج أخرى، بمعنى آخر الغالبية من هؤلاء الصحافيين تتحول إلى أبواق إعلامية لهذه المحطة أو تلك، ولكن هذا لا يمنع أن المحطات المحترمة تستعين ببعض النقاد السينمائيين المهمين لإنتاج برامج خاصة بالسينما وبالنقد، على أننا يجب ألا نغفل أن ما نستطيع قوله في الصحافة يصعب علينا قوله في برنامج تلفزيوني".