يدّعي السناتور جوزف ليبرمان أنه ديموقراطي مستقل، وأدعي أنه ليس ديموقراطياً وليس مستقلاً، فهو سناتور إسرائيلي في مجلس الشيوخ الأميركي، سجله في التصويت كان دائماً ضد كل مصلحة للعرب والمسلمين، ومع إسرائيل حتى وهي تحتل وتقتل وتمارس سياسة إرهابية من مستوى نازي. ليبرمان ليس وحده، فهناك ألف مثله جعلوا بلداً رائداً في حقوق الإنسان ونموذجاً للديموقراطية والحرية في كل بلد، أكثر بلد مكروه في العالم، حتى أن الأوروبيين في استفتاء مشهور وجدوا الولاياتالمتحدة خطراً أكبر على السلام من إيران وكوريا الشمالية. لا أستطيع سوى الإيجاز وقد اخترت اليوم ليبرمان نموذجاً عن الاعتذاريين الإسرائيليين في الولاياتالمتحدة، وسأكمل غداً بالمتطرفَيْن نورمان بودهورتز وجون بولتون، مكتفياً بما يهمنا كمواطنين في الشرق الأوسط. على سبيل التذكير، ليبرمان كان مرشحاً لمنصب نائب الرئيس سنة 2000 وخسر، وأيَّد كل حرب قبل ذلك الترشيح وبعده، مع أن الحزب الديموقراطي وسطي ليبرالي، وليبرمان من هذا النوع في القضايا الداخلية، من رعاية اجتماعية وإجهاض وما إلى ذلك، غير أنه من صقور السياسة الخارجية والى درجة أن حزبه نبذه ورشَّح تِد لامونت لمجلس الشيوخ سنة 2006. وفاز ليبرمان كمستقل، بعد أن أيَّده 70 في المئة من الجمهوريين في ولاية كونتكت، ومجرد 33 في المئة من الديموقراطيين، وما أذكر من تلك الحملة أنه هاجم خصمه لأنه لا يؤيِّد إسرائيل بما يكفي. أخيراً وجدت نفسي أتفق مع ليبرمان على قضية، فهو يريد الترشيح نائباً للرئيس مع جون ماكين، إلا أنه لا يصرح بذلك، وهناك من عصابة الشر من يدعم ترشيحه، وأرى أنه إذا خاض الانتخابات مع ماكين فسيخسران لتقدمهما في السن وعصبية الأول وانتهازية الثاني وتطرفهما المشترك. أكتب في نهاية الأسبوع وربما لا تنشر هذه السطور حتى يكون ماكين اختار نائبه، وقد وجدت بين الأسماء المطروحة النائب الجمهوري إريك كانتور، وهو من نوع ليبرمان، فهذان يقولان إن دفاع الولاياتالمتحدة عن إسرائيل واجب ديني. وليبرمان أعلن في مؤتمر للمسيحيين الصهيونيين ان الآباء المؤسسين كانوا سيؤيدون أن تحارب أميركا حروب إسرائيل، أما كانتور فقال إن ما يصيب القدس يهدد أمن الولاياتالمتحدة وحلفائها حول العالم. هذا جنون، إلا أنه أيضاً سياسة أميركية معلنة لسياسيين نافذين يؤثرون كثيراً في المرشح الجمهوري المفترض للرئاسة، المتطرف أصلاً وداعية الحرب بامتياز، فله حل عسكري لكل مشكلة. باراك أوباما يفضل التفاوض، ولكن من دون التخلي عن الخيار العسكري، إلا أن هذا يعتبر انهزامية وتخاذلاً عند عصابة الحرب، وقد روج أعضاؤها لفكرة أن أوباما غيّر رأيه من الانسحاب من العراق خلال 16 شهراً، ما جعل المرشح الديموقراطي يقول:"سأحاول مرة ثانية. يبدو أنني لم أكن واضحاً بما يكفي في الصباح بالنسبة الى موقفي من الحرب في العراق. قلت طوال حملة الانتخابات إنني سأعيد القوات الأميركية الى بلادنا بمعدل لواء أو لواءين في الشهر، لينتهي التزامنا هناك خلال 16 شهراً. هذا الموقف لم يتغير ولم أتراجع. ولا أبحث عن التناور في هذا المجال". كان هذا الكلام في أوائل تموز يوليو وقد كاد هذا الشهر أن ينتهي ولا تزال عصابة الحرب تردد الأكاذيب عن المرشح الديموقراطي. ليبرمان غاضب لأن أوباما سيحرم الولاياتالمتحدة"نصرها"في العراق، ولا نصر هناك البتة، فعندما زادت القوات الأميركية في العراق انتقل الإرهابيون الى أفغانستان، وهم يهاجمون قوات الناتو هناك بجرأة متزايدة ويوقعون خسائر يومية فيها. وإذا زادت القوات الأميركية والحليفة في أفغانستان، فهم سيعودون الى العراق. أعتقد أن ليبرمان يحاول تدمير الحزب الديموقراطي الذي يزعم أنه ينتمي إليه، وهو يستطيع أن يفلسف موقفه كما يريد، إلا أنني أصر على أن السبب هو أنه يريد أن ينتهج الحزبان سياسة خارجية متطرفة تخدم إسرائيل، فهو يمثلها في مجلس الشيوخ.