سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
يؤيدان زيادة القوات في أفغانستان والتركيز على باكستان في الحرب على الارهاب ونشر الدرع الصاروخية . تقارب أوباما وماكين في السياسة الدفاعية يهيء لاستراتيجية أمنية تتخطى خلافات الحزبين
يتهيأ للمراقب لدى سماعه الخطابين الانتخابيين للمرشح الجمهوري جون ماكين ومنافسه الديموقراطي باراك أوباما أن جبلاً من الخلافات يتوسط سياستهما الدفاعية وتظلله مواقفهما المتضاربة ظاهرياً حول حرب العراق، والموقف من ايرانوروسيا، إلا أن نظرة متعمقة في الخطوط العريضة لرؤيتهما الدفاعية تعكس نقاط تلاق في الاستراتيجية والأهداف وتمهد لتوجه دفاعي واستراتيجية للأمن القومي"تتخطى حواجز الحزبين"كما أكد المرشح الديموقراطي أمس، تصوغها وجوه وقيادات عسكرية مخضرمة في الوسط الأميركي. ماكين، المقاتل والأسير السابق في فيتنام والذي جعل من النجمة العسكرية شعاراً لحملته، يأتي من المدرسة الدفاعية البراغماتية والتقليدية. فالسناتور"الثائر"دوماً على أركان حزبه، كان أول المعارضين لسياسات وزير الدفاع السابق دونالد رامسفيلد وتمرد على الادارة نهاية العام2004، داعياً الى اقالة رامسفيلد. ثم دخل ماكين في خلاف مع ديك تشيني نائب الرئيس، لانتقاد المرشح الجمهوري السياسات الدفاعية للبنتاغون ودعوته الى اغلاق معتقل غوانتانامو، اضافة الى وقوفه الى جانب السناتور الديموقراطي في 2001 والمستقل اليوم جوزيف ليبرمان في الدعوة الى تشكيل لجنة التحقيق في اعتداءات 11 أيلول سبتمبر 2001 الامر الذي عارضه بوش في البداية. وتصاعدت خلافات ماكين - رامسفيلد بسبب استراتيجية الأخير في العراق ورفضه زيادة عدد القوات هناك على رغم اندلاع الفوضى الأمنية وارتفاع عدد الضحايا الأميركيين، الى جانب قرب وزير الدفاع السابق من الشركات الدفاعية وزيادته معدل الإنفاق في الوزارة، وهي كلها قضايا اعترض عليها ماكين. وجاءت استقالة رامسفيلد في خريف 2006 ومن ثم زيادة الادارة عدد القوات في العراق ونجاح الخطة الأمنية هناك والتي راهن عليها ماكين وحده بين المرشحين، لتعزز موقعه في الوسط العسكري ولتتحول نقطة قوة في حملته لاحقاً. أما أوباما والذي يأتي من خلفية تغيب عنها الخدمة العسكرية مثله مثل الرئيس السابق بيل كلينتون، فيحيط نفسه بمستشارين بارزين في المؤسسة الحزبية الديموقراطية في السياسة الدفاعية، مثل وزير الدفاع ويليام بيري، ووزير البحرية السابق ريتشارد دانزيغ، والسناتور السابق وخبير الشؤون النووية صاموئيل نان، وهؤلاء يشكلون المثلث الرئيس لحملة أوباما في الشؤون الدفاعية. كما يساعد المرشح الديموقراطي وجود شخصيات جمهورية الى جانبه مثل السناتور تشاك هاغل وهو محارب سابق في فيتنام، والسناتور جاك ريد الذي يأتي من خلفية عسكرية ويقدم الاثنان لأوباما استشارات في الشؤون الدفاعية، الى جانب وزير الخارجية السابق والقائد الأعلى للقوات أيام حرب تحرير الكويت كولن باول. رحلة المرشح الديموقراطي القصيرة في مجلس الشيوخ سنتان وخصوصاً مقارنة بخصمه الجمهوري 27 سنة في الكونغرس تعكس التزاماً بالخطوط العريضة للحزب في القضايا الدفاعية، مثل تأييد جدول زمني للانسحاب في العراق وتأييد تقليص الموازنة لهذه الحرب، وهي نقاط يختلف فيها مع ماكين. ويلتقي المرشحان في رؤيتهما الدفاعية العامة والأهداف المرجوة، اذ يؤيدان زيادة عديد الجيش ب 65 ألف جندي و27 ألف"مارينز"على مدى السنوات الست المقبلة، كما يتعهدان تقوية الاستخبارات وزيادة عدد قوات العمليات الخاصة وتحسين تقنيات الاستخبارات ووسائل مكافحة الارهاب. كما يلتقيان حول خفض معدلات الإنفاق بإلغاء بعض العقود الدفاعية وتلك المتعلقة بالأسلحة الثقيلة. اذ ارتفع معدل الصرف العسكري بنسبة 40 في المئة هذا العام الى 612.5 بليون دولار مع اضافة تكاليف حربي العراقوأفغانستان. كما أكدا أنهما سيعيدان النظر في بعض العقود الدفاعية وبينها طائرات كارغو كلفتها 260 مليون دولار للواحدة، ونظام قتال حديث سيكلف 160 بليون دولار وعلى مدى السنوات ال 15 المقبلة. وتتقاطع مواقف المرشحين بتأييدهما زيادة عدد القوات في أفغانستان والتركيز على باكستان في الحرب على الارهاب، الى جانب رفض العودة الى زمن الحرب الباردة في العلاقات مع روسيا وتأييد بناء منظومة الدرع الصاروخية. ترجيح بقاء غيتس وعكست هذا التقارب أخيراً، تصريحات مستشارين في الحملتين لصحيفة"نيويورك تايمز"بأن كليهما"مستعد لدرس امكان إبقاء روبرت غيتس"وزيراً للدفاع في منصبه في الادارة المقبلة. وكان سبق لأوباما أن أثنى على رصيد غيتس أكثر من مرة، فيما يعتبر ماكين من أهم الداعمين لتولي الوزير منصبه في العام 2006 خلفاً لرامسفيلد. ويشكل غيتس افتراقاً عن سياسة المحافظين الجدد والتي رافقت بوش في ولايته الأولى، وهو الى جانب وزيرة الخارجية كوندوليزا رايس من أبرز الدافعين بسياسة براغماتية لادارة بوش تنطلق من مبدأ"القوة الناعمة"والديبلوماسية وترفض العودة الى الحرب الباردة، انما في الوقت ذاته تدعو الى الحفاظ على التفوق العسكري الأميركي وتأييد نشر منظومة الدرع الصاروخية في شرق أوروبا وإبقاء الخيار العسكري ضد ايران على الطاولة. ويرجح ان يبقى غيتس في المرحلة الأولى لأي ادارة جديدة لتسهيل العملية الانتقالية لوزير جديد، في حال قرر أي من أوباما أو ماكين إبداله. وتطرح أسماء دانزيغ وهاغل والجنرال جيم جونز ضمن المرشحين لحقيبة الدفاع اذا فاز الديموقراطيون فيما يبرز اسم ليبرمان على رأس البنتاغون في أي ادارة لماكين. وعلى رغم خلافات المرشحين حول حرب العراق، يرى المراقبون أن الانسحاب التدريجي من هناك والاستماع الى رأي القيادة العسكرية، سيرسم استراتيجية الادارة المقبلة سواء كانت ديموقراطية أم جمهورية، ذلك أن العبء العسكري الملقى على عاتق الجيش الأميركي الى جانب نجاحات الخطة الأمنية، يهيئ لاستراتيجية كهذه ولتحويل الانتباه وزيادة عدد القوات في أفغانستان وهو ما يؤيده المرشحان. وكان أوباما أكد في مقابلة ليل الأربعاء - الخميس مع شبكة"أي بي سي"أنه سيجعل من بناء سياسة في الأمن القومي تتخطى الفروقات الحزبية أولوية لإدارته وأنه سيستقطب أسماء جمهورية في مناصب للدفاع والأمن القومي، فيما سيحاول ماكين إحياء هذا النمط بتعيين السناتور المستقل ليبرمان.