فجرت تصريحات مسؤول في وزارة الدفاع الأميركية البنتاغون لشبكة "أي. بي. سي" الاخبارية عن المخاوف من"احتمال إقدام إسرائيل على ضرب منشآت نووية إيرانية قبل نهاية السنة"جدلاً في الأروقة السياسية الأميركية حول تداعيات أي خطوة عسكرية ونيات الادارة قبل ستة شهور على انتهاء ولاية الرئيس جورج بوش. وأكد مسؤولون سابقون وخبراء اقليميون، تحدثوا الى"الحياة"، انه رغم زيادة احتمالات الضربة العسكرية، الا ان فرص تنفيذها تظل"ضئيلة"نظرا الى رفض الجناح البراغماتي، في الادارة والاستخبارات الأميركية، وغياب التأييد الدولي والتحالف المطلوب على الأرض لنجاح هكذا خطوة. ورأى الخبير في الشؤون الاسرائيلية في مؤسسة"نيوسانشيري"القرن الجديد دانيال ليفي، أن احتمالات شن هجوم عسكري تصاعدت نسبياً في الفترة الأخيرة رغم بقاء فرص ترجمتها"ضئيلة". وتوقع ان تتم أي ضربة"عبر اسرائيل وليس الولاياتالمتحدة"، معتبراً ان خطوات تل أبيب بالانفتاح على سورية، والتهدئة مع"حماس"، وتبادل الأسرى مع"حزب الله"تهدف الى شل أذرع ايران الاقليمية في حال تحركت اسرائيل عسكرياً. الا أن ليفي يؤكد أن هذا الاحتمال يبقى ضئيلا لأسباب تتعلق بالمناخ الدولي والاقليمي غير المشجع، وبسبب"عدم جهوزية اسرائيل عسكرياً واستخباراتياً"وانتظارها وواشنطن نتائج الانتخابات الرئاسية في طهران العام المقبل أيار/مايو 2009. وتبقى حتمية انجرار واشنطن لأي مواجهة عسكرية بين تل أبيب وطهران، سبباً رئيسياً لاستبعاد هذا الخيار حاليا. وقالت المسؤولة الأميركية السابقة وخبيرة الانتشار النووي في"معهد العلوم والأمن الدولي"جاكلين شاير إن الاستخبارات الأميركية لا تتوقع حيازة طهران القنبلة النووية قبل سبع سنوات، فيما ترجح تقارير الاستخبارات الاسرائيلية ان يحصل ذلك في غضون عام ونصف العام. ومن هنا الرغبة الاسرائيلية في الاستعجال وتريث واشنطن، وخصوصاً الجناح البراغماتي في البنتاغون والخارجية الوزيران روبرت غيتس وكوندوليزا رايس وعدم تحبيذهما الحل العسكري. وتعزو شاير، التي شاركت في مفاوضات ادارة الرئيس بيل كلينتون مع كوريا الشمالية لإقناعها بالتخلي عن طموحها النووية، موقف القيادة الأميركية وترددها في الدخول في عمل عسكري الى جملة أسباب، أبرزها المخاوف من رد ايراني، مباشر أو غير مباشر، في العراق ينهي الانجازات الأمنية التي حققتها واشنطن وقيادتها العسكرية في بغداد"وبتعاون ايران"طوال العامين الماضيين، والتي تمهد لانسحاب تدريجي للجيش الاميركي. واشارت الى"قناعة"اميركية بأن الضربة قد تنجح فقط في دفع البرنامج النووي الايراني"تحت الأرض"وتفشل في القضاء بشكل كامل على جهود التخصيب. ولا تتوقع شاير الكثير من التحولات الدرامية في هذا الملف، وترجح أن تواصل ايران خلال الصيف تعزيز أجهزة الطرد المركزية في مفاعل ناتانز وزيادة تخصيب اليورانيوم حيث أمكن، في مقابل لجوء الطرف الأوروبي والأميركي الى تشديد العقوبات في مجلس الأمن. وتطرح شخصيات في اليمين الأميركي احتمال توجيه بوش ضربة لايران في حال فوز أوباما في تشرين الثاني نوفمبر لتفادي ترك الملف الايراني في عهدته. وتقارن شاير بين هذا الخيار وقيام الرئيس بوش الأب بتوجيه ضربة الى الصومال في 1992 قبيل مغادرته البيت الأبيض، لكنها ترى فارقاً صارخاً بين النموذجين وتستبعد اقدام بوش،"الضعيف داخليا وخارجيا"على تقليد والده.