في وقت تصاعدت حدة الاشتباكات القبلية في ولاية جنوب دارفور، استبعدت الحكومة السودانية أن تؤدي الوساطات الحالية إلى أي تقارب مع تشاد، لكنها تركت الباب مفتوحاً أمام أي مبادرة من شأنها أن توصل الطرفين إلى تسوية، ورأت أن الظرف الحالي للبلاد في ظل توتر العلاقات وراء رفض الرئيس عمر البشير لقاء نظيره التشادي إدريس ديبي على هامش قمة شرم الشيخ. وقال الناطق باسم وزارة الخارجية السفير علي الصادق للصحافيين، أمس، إن تشاد لم تبد أي توجه لحسن النيات من قبل ما يجعل السودان يستبعد توصل أي مبادرة لتقريب الشقة بين الخرطوم ونجامينا ويجعل تشاد"غير جديرة بالثقة"، مشيراً إلى عدم التزامها بوعود سابقة. لكنه عاد وقال:"لن نرفض أي وساطة يمكن ان تقود الى اتفاق سلمي، فنحن نعترف بأهمية وجود علاقات طيبة بين البلدين". وتابع:"سننتظر لنرى ماذا ستفعل فرنسا بوصفها دولة ذات تأثير كبير على تشاد". لكن الرئيس التشادي أكد أنه لن يجتمع مع الرئيس عمر البشير لاجراء محادثات سلام، واستبعد الدخول في مفاوضات مع المتمردين ما لم يتخلوا أولاً عن روابطهم مع السودان. وقال ديبي لراديو"فرانس انترناسيونال"على هامش قمة الاتحاد الأفريقي التي عقدت في شرم الشيخ:"إنني لا احتاج إلى الاجتماع بالرئيس السوداني، إنني اؤيد السلام في هذا الإقليم لكنني لا احتاج الى الاجتماع مع شخص لم يلتزم أبداً تعهداته"، متهماً البشير بعدم الالتزام بمعاهدة عدم الاعتداء التي وقعها الجانبان في السنغال في منتصف آذار مارس الماضي. كما رفض ديبي نداء للدخول في حوار سياسي وجهه"التحالف الوطني"للمتمردين التشاديين، قائلاً إن أعضاء هذا الاتحاد"ليسوا سوى مرتزقة". وأضاف:"إذا كانوا أشخاصاً عقلاء وخرجوا من سيطرة السودان وإذا أصبحوا تشاديين مرة أخرى فإننا سنصبح مستعدين للحديث لكن ليس في ظل الاحوال الراهنة". وذكر ديبي أن الأسلحة والأسرى الذين تم احتجازهم من المتمردين وأكد تلقيهم دعماً من القوات المسلحة السودانية، قائلاً إنهم يعملون من قواعد في السودان. وفي تطور آخر، يُنتظر أن يصل إلى الخرطوم الأسبوع المقبل وزير الخارجية البريطاني ديفيد ميليباند في زيارة رسمية لتعزيز العلاقات بين البلدين ودفع عملية السلام في اقليم دارفور. وقالت مصادر مطلعة ل"الحياة"إن الوزير البريطاني يسعى إلى تنشيط مبادرة بلاده لاستضافة محادثات بين الحكومة السودانية وفصائل التمرد في دارفور. وقال مساعد الرئيس السوداني نافع علي نافع في تصريحات عقب لقائه السفيرة البريطانية في الخرطوم، أمس، إن الطرفين اتفقا على اجراء حوار عميق حول دارفور لتوحيد الرؤى تجاه تسريع السلام في الإقليم، مشيراً إلى أن محادثات ميليباند مع المسؤولين ستناقش المساعدات الفنية واللوجستية التي يمكن ان تقدمها بريطانيا لدفع عملية السلام في دارفور. على صعيد آخر، تصاعدت حدة الاشتباكات القبلية في ولاية جنوب دارفور، ما أدى إلى سقوط 33 قتيلاً وجريحاً وإصابة 9 من أفراد الجيش الذي تدخل لفرض الأمن وفض المواجهات. وهدد حاكم ولاية جنوب دارفور علي محمود بفرض حال الطوارئ واستخدام الطيران، بعدما فشلت جهوده في الصلح بين قبيلتي الترجم والبني هلبة في منطقة دندورة. كذلك لوّح محمود باستخدام قانون الطوارئ في شمال منطقة الضعين ضد الذين يحاولون استغلال مقتل مفوض الرحّل الزعيم القبلي أمين عيسى عليو لتأجيج الفتنة والثأر لمقتله، مشيراً إلى أن 9 من أفراد الجيش اصيبوا لدى تدخلهم لفض الاشتباكات. وقال وكيل ناظر قبيلة الترجم عباس الدومة إن قبيلة البني هلبة شنت هجوماً على قبيلته، نافياً صلة قبيلته بتجدد الاشتباكات التي أوقعت 33 قتيلاً وجريحاً من الطرفين. وتحدثت معلومات عن وجود تجمعات مسلحة من قبيلة الرزيقات شمال منطقة الضعين استعداداً للتوجه إلى مناطق النزاع لمقاتلة الطرف الذي أطلق النار على زعيمهم أمين عيسى عليو الذي بعثت به حكومة الولاية لعقد مصالحة بين أطراف النزاع.