سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
استنفار سياسي وأمني لتثبيت الهدوء ودعوات الى رفع الغطاء عن المتورطين . الجيش يوسع انتشاره في مناطق الاشتباكات في الشمال وقيادته تنذر "العابثين بالاستقرار" باستخدام القوة
نثر أهالي باب التبانة وجبل محسن الرز وماء الورد على الجنود اللبنانيين الذين انتشروا بعد ظهر امس، في هاتين المنطقتين اللتين شهدتا اشتباكات دموية بين مناصري المعارضة ومناصري"تيار المستقبل"الأكثرية، لكن من دون ان يخففوا من حذرهم من احتمال تجدد المعارك التي تستخدم فيها كل أنواع الأسلحة وتستبيح أحياء الفقراء، خصوصاً أن الخطوة تنحصر بتثبيت وقف إطلاق النار. وكان الجيش اللبناني بدأ في الثانية بعد الظهر المرحلة الثانية من نشر قواته العسكرية والأمنية، بالتقدم في اتجاه سوق الخضار في منطقة باب التبانة، فيما تجمع العشرات من أهالي المنطقة في هذا السوق، لاستقباله، بعدما كان حدد العاشرة صباحاً آخر مهلة لوقف النار بين الطرفين. وأشارت"الوكالة الوطنية للإعلام"الرسمية الى أن الهدوء سيطر على المناطق التي شهدت اشتباكات في اليومين الماضيين بعدما تمكن الجيش من الدخول الى مناطق: جبل محسن، حي البقار، حي الشعراني، محيط الريفا، المنكوبين. وهو يعمل على استكمال تنفيذ خطته الأمنية. وأوقف خمسة مواطنين كانت في حوزتهم أسلحة. ودخلت وحدات الجيش الى عمق الشوارع والأزقة الداخلية في باب التبانة وبعل محسن، وسيرت دوريات راجلة ومؤللة، وقالت قيادة الجيش - مديرية التوجيه في بيان إنه"بناء لتوجيهات رئيس الجمهورية لوزير الدفاع، وعلى اثر الانتكاسة الأمنية التي حصلت خلال اليومين الأخيرين في مدينة طرابلس، في محلتي باب التبانة وجبل محسن، وحصول اشتباكات متفرقة هناك، وسقوط إصابات بين المدنيين والعسكريين، تم تعزيز قوى الجيش في أماكن انتشارها، وأقيمت مراكز إضافية في أحياء جديدة مجاورة، بهدف وضع حد للأعمال المخلة بالأمن، وتقوم هذه القوى بمعالجة مصادر النيران وإسكاتها، وتسيير دوريات وإقامة حواجز تدقق بهويات الأشخاص منعاً لعمليات السرقة والتعدي على الأملاك الخاصة والعامة". وأنذرت قيادة الجيش"العابثين بالاستقرار العام بأنها لن تتهاون في ملاحقتهم، حتى لو اضطرت الى استعمال القوة بوسائلها كافة، حفاظاً على أرواح المواطنين وممتلكاتهم، ومنع المظاهر المسلحة". وكان الرئيس سليمان أجرى اتصالات مكثفة شملت وزيري الدفاع الياس المر والداخلية زياد بارود وقائد الجيش بالإنابة اللواء الركن شوقي المصري وطلب منهم اتخاذ التدابير الميدانية الآيلة الى وقف التدهور الأمني في الشمال والتقيد بوقف إطلاق النار الذي اتفق عليه. وترأس الوزير بارود اجتماعاً أمنياً لضباط قيادة منطقة الشمال الإقليمية في قوى الأمن الداخلي، في سراي طرابلس، في حضور المدير العام لقوى الأمن اللواء أشرف ريفي، وقائد الدرك العميد أنطوان شكور، وقائد المنطقة العميد علي اللقيس، وقائد سرية درك طرابلس العقيد بسام الأيوبي وجرى التداول في الأوضاع الأمنية ودور القوى الأمنية بالعمل على تثبيت التهدئة. وأكد بارود"التنسيق الكامل مع قيادة الجيش، ومع توجيهات رئيس الجمهورية ورئيس مجلس الوزراء، للذهاب الى أبعد ما يمكن على مستوى هذا التنسيق، ولكن التوجه هو على أساس الحزم والحسم، واعتقد أن هذا ما ينتظره الناس ونحن نقف الى جانبهم وكل الفوضى التي تحصل هي فوضى غير مقبولة على الإطلاق من قبل كل المواطنين". ورفض بارود الدخول في التفاصيل العسكرية،"حفاظا على الخطة الأمنية، التي توضع ويتم بلورتها، وأكتفي بالقول إن هناك توجهاً للحزم الذي هو مطلوب في هذه المرحلة، ونحن في الساعات القليلة المقبلة سنعمل للحد من الضرر الحاصل والحد من الخسائر البشرية والممتلكات. والمعنيون بموضوع الدخول الى مناطق الاشتباكات يعلمون عملهم، ومن هم على الأرض يعرفون مدى الجدية في التعاطي بهذا الموضوع". وأعلن اللواء ريفي بدوره خلال ترؤسه اجتماعاً لضباط قوى الأمن الداخلي في سراي طرابلس،"ان عناصر الجيش وقوى الأمن سيسيطرون على الوضع في المناطق التي شهدت اشتباكات". ولفت الى"ان التعليمات أعطيت من قبل رئيس الجمهورية ورئيس مجلس الوزراء ووزير الداخلية للتعامل بحزم مع اي مخل بالأمن، وان تعزيزات استقدمها الجيش وقوى الأمن لفرض الأمن وحماية المدينة"، مشيراً الى"أن الجيش سيرد على مصادر النيران، وسيتم توقيف اي مسلح، كما ستسير دوريات وتقام حواجز في مختلف الأحياء التي شهدت الاشتباكات". وكشف اللواء ريفي"أن الأجهزة الأمنية المعنية تفعل إجراءاتها لتحديد العناصر التي تعمل على توتير الأجواء الأمنية وتوقيفها"، معلناً"أن الجيش يتسلم المباني الحساسة والمحاور المهمة ويسير دوريات في بعل محسن، التبانة، شارع سورية، البقار، الريقان الشعراني، ساحة الاميركان وطلعة الشمال". المفتي الشعار وواجب الجيش وعقد مفتي طرابلس والشمال الشيخ مالك الشعار اجتماعاً في دار الإفتاء في طرابلس حضره سياسيو المدينة وقيادات المجتمع المدني والنقابات والجمعيات، وثمنوا في بيان دور الجيش والقوى الأمنية وأكدوا أنها"الضمانة الوحيدة لتحقيق الاستقرار الأمني". وأعرب الشعار بعد اللقاء عن ارتياحه الى"ان الحوار الذي أجراه مع الجيش جعلني مطمئناً". وأشار الى"أن الأوامر التي أعطيت للقوى الأمنية تلزمها بالقيام بكامل مسؤولياتها وواجبها ولن تتردد في إطلاق النار على أي منطقة يصدر عنها إطلاق النار وحتى إيقاف المسلحين". وشدد على"ان الضمانة اليوم ان الجيش تلقى الأمر من قيادته بالقيام بمسؤوليته على عكس الماضي حيث كان قيام الجيش بواجبه دون هذا المستوى". وسأل النائب محمد كبارة في بيان بعد اجتماع دار الفتوى:"من يطمئن الناس أن وقف إطلاق النار اليوم سيكون نهائياً؟ وهل ستتكرر المعارك كلما حصل خلاف سياسي في العاصمة؟ إنها أسئلة المقهورين من أبناء المدينة الذين امضوا لياليهم في الملاجئ والمدارس وعلى الطرقات هرباً من جحيم المعارك. إنها تصفية كل الحسابات اللبنانية والإقليمية التي تراكمت منذ ثلاث سنوات في هذه المدينة الصابرة الصامدة، وإنها رسائل بأجساد الفقراء. العلاج بالمسكنات لن يحل المشكلة، بينما تستمر قذائف الحقد ورصاص الانتقام باستباحة شوارع المدينة والمواطنين في منازلهم وعلى الطرقات، من مجموعة ترتبط بالنظام السوري جاثمة على صدور المواطنين في جبل محسن وتنفذ مخططا جهنميا لحلفاء سورية في لبنان". ورأى أن"المطلوب بكل صراحة ووضوح أن يوضع حد لأولئك الذين يريدون الانتقام من طرابلس باسم من يمثلون وما يمثلون، والمطلوب إزاحة ذلك الكابوس الذي يخطف جبل محسن من أهله الذين كانوا وما زالوا غير راضين عن تلك المجموعة التي تريد إثارة الفتن، وإذا ما استمر هؤلاء بحمل السلاح، فما هي الضمانات لعدم تكرار ما حصل؟". واعتبر أن"الدولة معنية بحماية السلم الأهلي، وبضمان الأمن والأمان، لكننا نرى أن المسؤولين في هذه الدولة استقالوا من دورهم، وأداروا ظهرهم لطرابلس. إنه الإحباط الكبير المدوي لهذا العهد الذي راهن عليه الناس وإنه الفشل الذي تظهر به هذه التركيبة الحكومية، إنه الغياب الكامل والتقصير الفادح الذي ظهر في أجهزة الدولة التي تركت الناس تنام في العراء وعلى الأرض، إنه عجز الدولة بكل أركانها". وكان الأمن اهتز في المنطقة في الثامنة والنصف صباح أمس، بعد ليل طويل من الاشتباكات المسلحة التي وصفها المفتي الشعار من خلال نداء استغاثة بأن"السماء تمطر قذائف"، إذ أقدم ركاب سيارة مجهولة على إطلاق النار في الهواء في ساحة الشراع في منطقة أبي سمرا ما أدى الى حال من التوتر في المنطقة. وقطع الطريق الدولي بين طرابلس وعكار، وتحديداً من مفترق مخيم البداوي وصولاً إلى مستديرة الملولة أمام المواطنين العابرين من البداوي ودير عمار والمنية وعكار والحدود السورية، من قبل قوى الأمن الداخلي حرصاً على سلامة المواطنين نظراً لاستمرار الاشتباكات وإطلاق رصاص القنص، وإن بوتيرة أقل حدة عما كانت عليه أول من أمس. وشهد الطريق الفرعي الممتد من مفترق مخيم البداوي، وصولاً إلى مفترق العيرونية على طريق طرابلس - الضنية في اتجاه محلتي القبة وأبي سمراء حركة سير كثيفة، لكونه المعبر الوحيد في اتجاه طرابلس. وكانت مناطق الاشتباكات شهدت ليل أول من أمس، مواجهات عنيفة بالأسلحة الخفيفة والمتوسطة إضافة الى القذائف الصاروخية ورصاص القنص الذي طاول الطريق الدولية التي تربط المدينة بالمنية ومنطقة عكار. وطاول القنص المباني السكنية المحيطة بمناطق الاشتباكات التي أسفرت عن سقوط تسعة قتلى بينهم طفل وعشرات الجرحى. وأدى تصاعد الصدامات المسلحة الى عملية نزوح كبيرة من قبل الأهالي. وتحدث البعض عن عمليات سرقة تجري في المنازل التي فرغت من أصحابها. وجال رئيس بلدية طرابلس رشيد الجمالي على المدارس التي تؤي النازحين، متفقداً أوضاعهم واطلع منهم على حاجاتهم ومطالبهم. وأعلن"ان عدد النازحين فاق الألفي نازح وهم موزعون على مدارس: الزاهرية - صبيان، النصر والنور في الميناء، مدرسة مي للبنات، مدرسة الجديدة للصبيان، مدرسة الفضيلة للصبيان، مدرسة الفضيلة للبنات والثانوية العربية". ولفت الى"أن البلدية تؤمن للنازحين الفرش والأغطية والوسادات، كما توزع برادات المياه على المدارس وتعمل على تركيب مصاف للمياه وزيادة عدد الحمامات في كل مدرسة". كرامي: رفع الغطاء السياسي ودعا الرئيس السابق للحكومة عمر كرامي، في تصريح ، الى"رفع الغطاء السياسي عن جميع المتورطين في الأحداث الدامية والأليمة التي تشهدها طرابلس"، مؤكداً"ان إيقاف الكارثة بشكل سريع وطارئ يتطلب منح الجيش والقوى الأمنية الصلاحيات الكاملة للقيام بدورها الحازم والصارم تجاه البؤر المسلحة في منطقتي باب التبانة وجبل محسن وجوارهما"، مشدداً على ان"لا حل خارج إطار القوى الأمنية الشرعية المسؤولة عن حفظ أمن الوطن والمواطن". وعقب كرامي، على تجدد المعارك في طرابلس، بالقول"ان الاستنكار لم يعد يجدي والمطلوب تدخل فاعل على الأرض"، معتبراً"ان هذه المعارك إنما تدخل الجميع في نفق مظلم لن يؤدي لأي نتيجة فضلاً عن كونها معارك مجانية بلا أي أفق سياسي أو عسكري". وأكد"ان الطرابلسيين جميعاً، وخصوصاً أهالي التبانة وجبل محسن، هم أهل وجيران وشركاء في المعاناة والتهميش والحرمان، وان إيقاد الفتنة في ما بينهم لا يخدم سوى مصالح وأهداف أعداء لبنان"، مناشداً"أهلي في طرابلس ان يعوا خطورة ما يدفعون اليه وان يلملموا جروحهم ويقطعوا الطريق على الفتنة البغيضة معتصمين بحبل الله ومهتدين بما يأمرهم به دينهم وإيمانهم وحسهم الوطني". الحص: الجنون بعينه ورأى الرئيس السابق للحكومة سليم الحص ان"الفتنة المتمادية في طرابلس لا يجوز أن تستمر أو تتكرر. انها الجنون بعينه. إذا كان هناك من يعتقد انه يستطيع أن يبيد الآخر فهو واهم. فما هو إذاً مبرر استمرار حال الاقتتال العبثي؟ هل الانتصار يكون بقتل وجرح اكبر عدد من الفريق الآخر. إننا نربأ بأي من الفريقين أن يكون في تفكيره شيء من ذلك. فالضحايا هم دوماً من الأبرياء. واستهداف الأبرياء من المحرمات في شريعة الله وشرعة القانون. فمتى تنتهي هذه المأساة؟ إنها لا تنتهي إلا بإرادة من يتزعمون الفريقين ووعيهم. ولبنان بأجمعه يقدر للمفتي الشعار الجهود الحميدة التي يقوم بها بلا كلل ولا ملل لإنهاء هذه الحال المأسوية. آن الأوان كي ينبذ الناس في الجانبين أولئك الذين يفتعلون هذه الاشتباكات الأليمة. كما آن للجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي حزم أمرها والقضاء على هذه الظاهرة العبثية الى غير رجعة". واعتبر نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الشيخ عبد الأمير قبلان"ما يجري في الشمال بأنه يضع الجميع أمام مسؤولياتهم، فمن وراء الفتنة بين المناطق في الشمال؟ ولماذا الخلاف بين الأهل والاخوة؟ وأين المساعي الحميدة التي تضع ضوابط للتعايش بين الناس". ودعا الى"نزع السلاح من أيدي الناس وإقفال المكاتب المسلحة، مروراً بكل المناطق وصولاً الى بيروت، وحينها نبحث في موضوع سلاح المقاومة الذي لم يشكل هماً في لبنان". وناشد أهالي الشمال"التعقل وتسليم السلاح الى الجيش". واعتبر وزير الاقتصاد محمد الصفدي في بيان أن"من غير المقبول أن تظل طرابلس تدفع بأحيائها ومناطقها الفقيرة والمحرومة ثمن تأزم الوضع السياسي الداخلي في لبنان، فتتفجر أوضاعها الأمنية ويسقط الأبرياء وتدمر المنازل ويهجر المواطنون ويتركون في العراء نتيجة تقصير الهيئات المسؤولة". وقال:"إن طرابلس راهنت دوماً على الشرعية ومؤسساتها الأمنية وهي لا تريد أمناً ذاتياً، فلا يجوز أن تترك طرابلس وأهلها لمصير خطط له في الغرف السود". وناشد رئيس الجمهورية ميشال سليمان أن يبادر فوراً ويطلب من وزير الدفاع الياس المر وقائد الجيش بالنيابة اللواء شوقي المصري التوجه فورا إلى طرابلس أسوة ببارود واللواء ريفي، والإشراف على غرفة العمليات وإسكات مصادر النيران من أي جهة أتت واستئصال كل العابثين بأمن المدينة تمهيدا لنزع السلاح من أيدي كل المتقاتلين الذين يخوضون معارك عبثية من دون معنى ولا قضية". وجال النائب مصباح الأحدب على المدارس التي تأوي النازحين متفقداً أوضاعهم واتصل برئيس الحكومة فؤاد السنيورة الذي ابلغه بأنه سيرسل في أقرب وقت وفداً من الهيئة العليا للإغاثة للوقوف على حاجات النازحين وتأمين متطلباتهم. ووجه توفيق سلطان كتاباً الى الوزير بارود شكره فيه على حضوره"أخيراً الى طرابلس وعقد اجتماع امني بعد طول انتظار، دفعت طرابلس والشمال ثمناً له عشرات القتلى ومئات الجرحى وآلاف المهجرين من منازلهم ناهيك بتوقف عجلة الاقتصاد". ورأى ان"دار الفتوى في الشمال تحولت الى غرفة عمليات أمنية وتحول مفتي طرابلس والشمال الى مسؤول أمني وواعظ للدولة من أجل التصرف حيال الوضع المميت". ورأى"ان الموضوع لا يندرج تحت بند التقصير، بل اصبح مثيراً للشبهات، فهل السلاح في الشمال هو سلاح مقاوم؟ هل أمن التبانة الصابرة منذ ربع قرن على إهمال الدولة مرتبط بالسلاح النووي الإيراني، وبتحرير مزارع شبعا وتلال كفرشوبا، أم انه يخضع للحوار الوطني المزمع عقده برئاسة رئيس الجمهورية؟".