خلافاً لكل التوقعات وللاعتقاد السائد بأن وزيرة الخارجية الإسرائيلية تسيبي ليفني هي الفائزة حتماً بزعامة حزب"كديما"الحاكم في الانتخابات الداخلية التي ستجري منتصف أيلول سبتمبر المقبل، وبالتالي المرشحة الأقوى لخلافة رئيس الحكومة الحالية ايهود اولمرت، فاجأت نتائج استطلاع للرأي نشرتها كبرى الصحف الإسرائيلية"يديعوت أحرونوت"أمس الساحة الحزبية، إذ أفادت أن فرص فوز وزير النقل شاؤول موفاز بزعامة"كديما"تبدو كبيرة بعد أن نجح في تقليص الفارق عن ليفني إلى 2 في المئة فقط بعد أن تقدمت عليه الأخيرة في الاستطلاعات السابقة بأكثر من 10 في المئة. وعلى رغم أن غالبية من 41 في المئة من الإسرائيليين ما زالت ترى في زعيم"ليكود"اليميني بنيامين نتانياهو"الأكثر ملاءمة لمنصب رئيس الحكومة"فيما يأتي موفاز رابعاً أو خامساً، فإن مصوتي"كديما"، وليس عموم الإسرائيليين، هم الذين سيقررون هوية رئيس الحكومة المقبل طالما لم يتقرر تقديم موعد الانتخابات النيابية. وفي هذه الحال، فإن المنافسة محصورة بين ليفني وموفاز. وكان حزب"كديما"، وتحت تهديد حزب"العمل"الشريك في الائتلاف الحكومي، أقر منتصف أيلول سبتمبر المقبل موعداً لانتخاب زعيم جديد للحزب يخلف اولمرت الواقع تحت تحقيقات الشرطة في عدد من ملفات الفساد. ويريد"كديما"و"العمل"من انتخاب زعيم جديد يشكل حكومة جديدة، قطع الطريق على"ليكود"وسائر أحزاب المعارضة اليمينية الطامحة إلى انتخابات عامة مبكرة تؤكد استطلاعات الرأي أنها ستأتي بها إلى سدة الحكم. لكن وإزاء حقيقة ان أحزاب"كديما"و"العمل"و"المتقاعدون"وحتى"شاس"ليسوا معنيين بتقديم الانتخابات خشية سقوطها، فإن مسألة الانتخابات العامة تبدو بعيدة عن الواقع الآن. ويشارك في الانتخابات الداخلية في"كديما"أربعة مرشحين هم ليفني وموفاز ووزيرا الأمن الداخلي آفي ديختر والداخلية مئير شيتريت. وفقاً للاستطلاع الذي أجراه معهد"داحف"الشهير في أوساط الأعضاء الرسميين في"كديما"نحو 70 ألف عضو، فإنه لو جرت الانتخابات على زعامة الحزب اليوم لحصلت ليفني على 38 في المائة من الأصوات في مقابل 33 لموفاز، و13 لديختر، و8 لشيتريت، ما يستوجب إجراء جولة ثانية. وبحسب الاستطلاع، فإن انحصار المنافسة بين ليفني وموفاز تمنح الأولى 47 في المئة في مقابل 45 في المئة لموفاز، أي بفارق يقع ضمن هامش الخطأ في الاستطلاع. ويعتبر تقليص الفارق إلى 2 في المئة فقط انقلاباً حقيقياً، فحتى قبل فترة وجيزة بدا أن فوز ليفني مؤكد، لكن يبدو أن النيران التي فتحها عليها اولمرت الأسبوع الجاري وقد تستعر في الأسابيع المقبلة واتهامه لها ب"الغدارة والكاذبة"فضلاً عن تشكيكه بقدراتها على إدارة دفة الأمور في الدولة العبرية، فعلت مفعولها في أوساط ناخبي"كديما". يضاف إلى ذلك أن موفاز نجح في الأشهر الأخيرة ومن موقعه كوزير للنقل ومسؤول عن عدد من كبرى أماكن العمل في إسرائيل الموانئ والقطارات ومختلف شركات المواصلات في تنسيب الآلاف من أنصاره لحزب"كديما"ليصوتوا له في الانتخابات الداخلية. إلى ذلك، وبسبب رفض موفاز مشاركة ليفني وديختر في مطالبتهما اولمرت بالتنحي على خلفية ضلوعه في الفساد، يعتزم الأخير أن يرمي بما تبقى له من ثقل داخل"كديما"ليدعم ترشيح موفاز، ليس حباً به بقدر ما هو كره لوزيرة الخارجية. وهكذا أصبح موفاز منافساً شديداً لليفني على زعامة"كديما"، وهو مقتنع بأنه في حال فوزه بالمنصب، لن يواجه صعوبات في تشكيل حكومة جديدة بمشاركة أحزاب الائتلاف الحالي، مع احتمال ضم أحزاب أخرى من اليمين، علماً أنه يميني بآرائه السياسية ومتشدد في القضايا الأمنية، وهو الذي انتمى إلى"ليكود"اليميني عام 2002 غداة خلعه البزة العسكرية التي لبسها نحو أربعة عقود. ويدير موفاز معركة انتخابية مدروسة للغاية أمام ليفني. وبموجب نصيحة المستشار الأميركي أرثور فنكلشتاين الذي أوصل قبل 12 عاماً نتانياهو إلى سدة الحكم، فإن عليه التمحور في قضيتين أساسيتين في دعايته الانتخابية: الأمن الوجودي والشخصي للإسرائيليين، ونظافة اليدين. اولمرت والنيابة في غضون ذلك، احتدمت المعركة بين رئيس الحكومة والنيابة العامة بعد أن تبادلا أمس اتهامات عنيفة في قضية التحقيقات التي تجريها الشرطة مع اولمرت في شأن"المغلفات المالية"التي تلقاها بحسب الشبهات من رجل الأعمال اليهودي الأميركي موشيه تالانسكي. واتهم اولمرت المدعي العام موشيه لادور والنيابة العامة بأنهما يجريان له"محاكمة ميدانية في محاولة للقضاء عليّ"، بينما اتهمت أوساط المستشار القضائي رئيس الحكومة بالتشويش على مجرى التحقيق معه ومحاولة التهرب من الاستجواب. وقال اولمرت إن"النيابة العامة والشرطة قررتا اعتباري هدفاً وليستا مستعدتين للاعتراف بأنهما أخطأتا في اختيار الهدف، وتبقى لهما الآن تصفية رئيس الحكومة... حوّلوا التحقيق إلى محاكمة ميدانية... يريدون إعدامي في ساحة السوق وعلى الملأ... التسريبات والألاعيب تبغي تسويد سمعتي في الرأي العام". وأفاد مصدر في الشرطة بأن الشرطة ستستجوب مجددا اولمرت مطلع الشهر.