كأن ملفات الفساد الخمسة المنسوبة إلى رئيس الحكومة الإسرائيلية ايهود اولمرت لا تكفيه، لتعلن النيابة العامة والشرطة الإسرائيلية أمس ملفا جديدا ينسب إليه شبهات جديدة بالاحتيال على هيئات عامة وتحصيل مئات آلاف الدولارات منها لتغطية رحلاته الجوية الكثيرة خارج إسرائيل، سواء حين كان في منصب رئيس البلدية الإسرائيلية للقدس أو وزير الصناعة والتجارة. وقالت النيابة والشرطة في بيان مشترك أمس إن محققي الشرطة الذين استجوبوا رئيس الحكومة أمس للمرة الثالثة، وتحت التحذير القضائي، في قضية"المغلفات المالية"التي تلقاها على مدار سنوات كثيرة من رجل الأعمال اليهودي الأميركي موشيه تالانسكي، واجهوه بشبهات جديدة بحصوله على مبالغ مالية كبيرة بالاحتيال على عدد من المؤسسات العامة التي طالب كلا منها بتمويل الرحلات الجوية نفسها التي قام بها، وأنه استغل فائض ما تلقاه من أجل تمويل رحلات جوية خاصة له ولأفراد أسرته. وأكد بيان النيابة والشرطة أن الشبهات الجديدة تبدّت لمحققي الشرطة في قضية تالانسكي الذين حصلوا قبل شهر على إذن من المستشار القضائي للحكومة بتوسيع رقعة التحقيق الجنائي مع اولمرت في قضية تالانسكي. إلى ذلك، أفادت أوساط الشرطة بأنه خلال التحقيق مع اولمرت أمس واجهه فريق التحقيق بأدلة جديدة جمعها منذ التحقيق الثاني قبل شهرين. وقالت إن هذه الأدلة تورط رئيس الحكومة في الشبهات المنسوبة إليه وفي مقدمها"الاحتيال في ظروف خطيرة". من جهته، حاول المستشار الإعلامي لرئيس الحكومة أمير دان التقليل من وزن الشبهات الجديدة بقوله إن"الأرض لم تهتز والسماء لم تهبط"، وان الأسئلة التي وجهها المحققون لرئيس الحكومة تعلقت برحلاته خارج إسرائيل ويمكن أن يوجهوها لكل وزير أو عضو كنيست. لكن وسائل الإعلام العبرية نقلت عن أوساط قريبة من فريق التحقيق قناعته بأنه يملك ما يكفي من"أدلة دامغة"لتقديم لائحة اتهام ضد رئيس الحكومة. واستبعد مراقبون أن ينجح محامو اولمرت خلال الاستجواب المعاكس الذي سيجرونه ابتداء من الخميس المقبل مع تالانسكي في شأن تحويله أكثر من مئة ألف دولار لأولمرت، في تفنيد روايته كما يعوّل رئيس الحكومة. ورأى المعلقون أن الشبهات الجديدة التي أعلنتها الشرطة أمس ستلقي بظلالها الثقيلة على الاستجواب، مشيرين إلى حقيقة أن الرأي العام في إسرائيل حسم أمره منذ فترة طويلة بمطالبته رئيس الحكومة بالانصراف إلى بيته. ويتفق وزراء بارزون في حزب"كديما"الحاكم مع المعلقين الذين اعتبروا إجراء انتخابات داخلية لزعامة الحزب منتصف أيلول سبتمبر المقبل"إطاحة عملية"لرئيس الحكومة. وقال النائب الأول لرئيس الحكومة حاييم رامون إن إقرار موعد الانتخابات"يشكل بداية عملية إطاحة رئيس حكومة وهو يمارس مهماته". وأضاف أن المطلوب من الزعيم الجديد الذي سيختاره الحزب الشروع في تشكيل حكومة جديدة، لكنه استبعد نجاحه في ذلك، متوقعاً تبكير موعد الانتخابات العامة إلى مطلع العام المقبل. جدل في"كديما" إلى ذلك، تواصل الجدل داخل"كديما"حول ما إذا كان انتخاب زعيم جديد للحزب يلزم اولمرت الاستقالة فوراً من منصبه. وبينما ترى أوساط اولمرت أن الزعيم الجديد سيكون مرشح"كديما"لرئاسة الحكومة في انتخابات عامة وان اولمرت لن يكون مضطراً للاستقالة غداة الانتخابات الداخلية، أكدت أوساط وزيرة الخارجية تسيبي ليفني، المرشحة الأقوى للفوز بزعامة الحزب، أنه يجب على اولمرت الاستقالة فور انتخاب خلف له. وأيد ليفني في موقفها وزراء آخرون كانوا حتى الأمس القريب محسوبين على معسكر رئيس الحكومة، لكنهم باتوا يخشون من أن بقاء اولمرت على كرسيه يهدد بانهيار الحزب في الانتخابات العامة المقبلة. من جهته، هدد الوزير العمالي عامي أيالون بأن حزب"العمل"سيفرط عقد الائتلاف الحكومي في حال رشح اولمرت نفسه لزعامة"كديما"في الانتخابات الداخلية. وقال إن الاتفاق بين الحزبين على مواصلة"العمل"شراكته في الحكومة يعني عملياً انتخاب خلَف لاولمرت. غالبية ضد ترشيح اولمرت وأظهر استطلاع للرأي في أوساط أعضاء حزب"كديما"نشرت نتائجه صحيفة"يديعوت أحرونوت"أن غالبية من 57 في المئة ترى أنه ليس من الصائب أن يرشح اولمرت نفسه لزعامة"كديما، في مقابل 36 في المئة قالوا عكس ذلك. وقال 79 في المئة إنه ينبغي على اولمرت أن يستقيل من رئاسة الحكومة ويخلي كرسيه لمن يتم انتخابه زعيماً للحزب. وأعلن 37 في المئة من أعضاء الحزب أنهم سيصوتون لليفني لرئاسة الحزب لو جرت الانتخابات اليوم، في مقابل 22 في المئة لوزير النقل شاؤول موفاز، و18 في المئة لاولمرت، و10 في المئة لكل من الوزيرين آفي ديختر ومئير شيتريت. وفي حال لم يشارك اولمرت في الانتخابات، ترتفع نسبة مؤيدي ليفني إلى 41 في المئة في مقابل 30 في المئة لموفاز، و12 في المئة لكل من شيتريت وديختر. لكن الصورة تختلف في حال نجح اولمرت في تفنيد جزء كبير من إفادة رجل الأعمال تالانسكي ضده، إذ يحصل على 30 في المئة من الأصوات في مقابل 29 في المئة لليفني و21 في المئة لموفاز.