عندما كان رجل الأعمال المغربي الطيب بن كيران يرأس لجنة المال في البرلمان المغربي العام 1984، كان ابن شقيقه الشاب عبدالإله يقود أكثر الأجنحة راديكالية في تنظيم"الشبيبة الاسلامية"الذي كان يتزعمه عبدالكريم مطيع الذي يعيش حتى الآن في المنفى. وقتها اكتشف شبان مغاربة من خريجي المعاهد الدراسية العليا ان استخدام كل الوسائل، بما في ذلك العنف المسلح، في مواجهة خصومهم اليساريين في رحاب الجامعات المغربية يؤمّن لهم وجوداً بين الفصائل الطلابية المتناحرة. غير انه في لحظات عودة الوعي يبادر طلاب يساريون اعتقلوا على خلفيات قلاقل مدنية الى طلب العفو والمصالحة مع النظام. ويلجأ عبدالإله بن كيران الذي اعتقل بدوره بتهمة الانتساب الى تنظيم محظور الى معاودة النظر في قناعاته، بعدما شكل ورفاقه تنظيماً سرياً جديداً أطلق عليه اسم"الجماعة الاسلامية"بزعامة محمد يتيم النائب الحالي في كتلة"العدالة والتنمية"في مجلس النواب. وقتها أعلن الشاب عبدالإله بن كيران القطيعة مع العمل السري، وأسس"جمعية الجماعة الاسلامية"ذات المرجعية الدينية. لكن مدرس الفيزياء في مدرسة تأهيل الأساتذة في الرباط سيعاود من جديد تأسيس"الاصلاح والتوحيد"، بعدما حظرت السلطات المغربية في تسعينات القرن الماضي حزباً كان يعتزم اطلاقه باسم"التجديد الاسلامي". تسارعت الاحداث بارتباط مع تنامي الظاهرة الأصولية في الجزائر، وقدم اسلاميون معتدلون أنفسهم بديلاً من أي توجه متطرف في حال بسطت جبهة الانقاذ الاسلامية نفوذها في الجزائر. وسينبثق عن تنظيمات اسلامية تيار قوي يتبنى المشاركة في العمل السياسي. كانت تلك اشارات قوية التقطها الدكتور عبدالكريم الخطابي الذي سارع الى فتح حوار مع التيارات الاسلامية في البلاد، بما فيها جمعية"العدل والاحسان"المحظورة بزعامة عبدالسلام ياسين. وستكون النتيجة انضمام قدماء"الشبيبة الاسلامية"الى الحركة الشعبية الدستورية، ثم إعلان تشكيل حزب العدالة والتنمية الذي آلت قيادته الى الدكتور سعد الدين العثماني، بعد اعتزال الخطيب. عبدالإله بن كيران الذي فاز في ثلاث ولايات برلمانية، عن إحدى دوائر سلا قرب الرباط، اعتبر دائماً أقرب الى الواقعية. وظل حريصا، رغم أنه كان في مقدم من خاضوا معارك حزبه في مواجهة ظواهر سياسية واجتماعية وثقافية يعتبرونها منافية للقيم الاسلامية، على إمساك العصا من الوسط. اذ تبنى دائماً منهج الاعتدال، أكان ذلك على صعيد علاقاته مع أهل القرار أو في الانفتاح على الأحزاب التي تشارك"العدالة والتنمية"مرجعيته، فهو من دعاة الانفتاح والتحديث. وينسب اليه مطلعون أنه لم يمانع في أن يملك مدرسة خاصة وصالون حلاقة في الرباط، لكنه بقي أكثر ارتباطاً بدائرته الانتخابية في سلا. وينظر اليه منتسبون الى الحزب أنه وفاقي يحفظ مكانة الحزب ولا يريد أن يزج به في معارك يعتبرها خاسرة. فقد كانت معركته دائماً تكمن في التغيير من الداخل، وهو من أجل ذلك يعتبر نجماً للصحافة المحلية والدولية. وأمس سعت"الحياة"لتسجيل تصريح عنه، لكنه كان منشغلاً برئاسة أعمال المجلس الوطني لحزبه بعد انتخابه امينا عاما له، فقد بدأ للتوّ في ممارسة مسؤولياته.