يخطو المرشح الديموقراطي لانتخابات الرئاسة الأميركية باراك أوباما، وللمرة الأولى منذ اطلاق حملته، خارج الأراضي الأميركية في جولة على حلفاء واشنطن في المنطقة وعواصم أوروبية هدفها"الاصغاء والتعرف على الواقع السياسي"، كما يؤكد المبعوث الاميركي السابق الى الشرق الأوسط دنيس روس الذي يرافق المرشح. وتأتي هذه الجولة في ظل مخاوف في الاوساط الأميركية من انعدام خبرة أوباما في قضايا الأمن القومي ومواقفه المتقلبة حول العراق والسياسة الخارجية. وبعد تحضيرات بدأت منذ الربيع الماضي، توجه المرشح الديموقراطي الى أفغانستان، ومنها ينتقل الى العراق واسرائيل والأردن والأراضي الفلسطينية، قبل أن يعرّج نهاية الأسبوع على محطات أوروبية تشمل ألمانيا وفرنسا ولندن، في محاولة لتحسين رصيده الخارجي واظهار شعبيته خارج الولاياتالمتحدة. وقال روس، في حديث هاتفي الى"الحياة"، عشية الجولة التي يرافقه فيها اوباما كأحد أبرز مستشاريه لشؤون الشرق الأوسط، إن الهدف هو"درس الواقع السياسي على الأرض"، و"الاستماع الى رأي القيادات"الدولية التي سيجتمع معها المرشح الديموقراطي. واعرب روس الذي كان مبعوثا رئاسيا الى المنطقة في ادارتي الرئيسين السابقين جورج بوش الأب وبيل كلينتون، أن اوباما"منفتح"على الآراء المختلفة التي سيسمعها خلال زيارته، وأن الجولة تهدف الى تبادل الأفكار والتمعن بأجندته السياسية، لتحديد المسار الديبلوماسي الذي تسلكه ادارته في حال فوزه بالرئاسة. ورفض روس استباق أي من اجتماعات أوباما مع هذه القيادات، أو اعطاء توضيحات عن الخطوط العريضة لسياسة المرشح الديموقراطي، لكنه اكد أن المرشح سيلتزم ما يقوله، في حملته، عن اعادة احياء الديبلوماسية الأميركية في عملية السلام، واطلاق قنوات حوار، وعلى مستويات مختلفة، مع ايران وسورية، وان هذا ما سيطبقه في حال فوزه في تشرين الثاني نوفمبر بالرئاسة. ويتولى السياسة الخارجية في حملة اوباما حشد ضخم من مسؤولين سابقين وأكاديميين، الى جانب روس، غالبيتهم من تيار الخط الواقعي في ادارة كلينتون ومحبذي سياسة"العصا والجزرة"، مثل مادلين أولبرايت ووارن كريستوفر وريتشارد دانزيغ. وساعد بروز هذه الوجوه الى جانب أوباما في اعطاء تطمينات حول التعيينات التي قد تضم إدارته في حال فوزه. وفيما استغرب مراقبون عدم توقف المرشح في بروكسيل، عاصمة الاتحاد الأوروبي، أو في محطات عربية بارزة اقليميا مثل السعودية ومصر، انتقدت اوساط ديبلوماسية تصريحات أوباما عن إبقاء القدس عاصمة موحدة لاسرائيل، ما استدعى توضيحات من المرشح اعتبر فيها أن كل قضايا الحل النهائي هي مطروحة للتفاوض. كما أثار انفتاحه على طهران واستعداده للاجتماع مع قياداتها تحفظات من قيادات اليمين والوسط الأميركي، اضطرته الى التراجع عنهما لاحقا، والتأكيد أن نوع اللقاءات ومستواها سيخضعان"لشروط"ومدى تجاوب الايرانيين مع مطالب واشنطن. كما طرحت مواقف أوباما من العراق، عشية الجولة، علامات استفهام من شخصيات داخل الحزب الديموقراطي. ويشير المحلل في معهد"بروكينغز"، القريب الى الديموقراطيين، مايكل أوهانلون ل"الحياة"إلى أن اصرار أوباما على اتمام سحب القوات في فترة 16 شهرا"مقلق للغاية... ويعرّض كل الانجازات التي حققتها الخطة الأمنية للخطر"، معتبرا أنه"من المخيف التزام أوباما الأعمى بجدول زمني صارم مهما كانت الظروف على الأرض". وحذر أوهانلون الذي زار العراق مرتين، منذ مطلع السنة وشارك في حملة هيلاري كلينتون الرئاسية، من أن الشهور ال18 المقبلة"ستكون حساسة جدا وصعبة أمام العراقيين، خصوصا في حال بدء خفض عدد القوات الأميركية"، وفي ظل المرحلة الانتقالية في البيت الأبيض.