عاد شبح الانقلابات العسكرية ليخيم مجدداً على تركيا بعد اعتقال عشرين شخصاً، بينهم الجنرالان المتقاعدان خورشيد طولون وشنار اراويغون الذي يرأس"جمعية حماية فكر اتاتورك"، ومصطفى بلباي مندوب صحيفة"جمهوريت"المعارضة في انقرة، بتهمة المشاركة في إعداد انقلاب عسكري. تزامن ذلك مع تقديم المدعي العام عبدالرحمن يالجينكايا مجدداً مرافعته أمام المحكمة الدستورية العليا، للمطالبة بحظر حزب"العدالة والتنمية"الحاكم، بتهمة السعي الى هدم النظام العلماني وفرض الشريعة في تركيا. وأفاد موقع صحيفة"ملليت"الإلكتروني أنه تم اعتقال بريغادير جنرال متقاعد ونائب أميرال متقاعد، ورئيس غرفة تجارة أنقرة سنان أيجون. وجاءت الاعتقالات في إطار تحقيق يجري منذ سنة في قضية"بارغاناكوند"التي نتجت من اكتشاف قنابل تعود الى الجيش التركي، مخبأة في أحد منازل مدينة اسطنبول، واستخدم بعضها في هجمات طاولت مؤسسات علمانية معارضة للحكومة. وأمل رئيس الوزراء رجب طيب اردوغان بألا تكون حملات الدهم الحلقة الأخيرة في التحقيق الجاري، وبدء محاكمة المعتقلين في أقرب وقت، لكنه نفى علمه مسبقاً بتوقيف الجنرالين المتقاعدين، عكس ما أكدته المعارضة استناداً الى ان اعتقال جنرال في الحي العسكري يتطلب الحصول على اذن من قيادة الأركان، لا يصدر عادة إلا بعد حوار بين قيادة الجيش والحكومة. وأشارت وسائل إعلام الى احتمال ان يكون اردوغان ناقش الاعتقالات مع قائد القوات البرية الجنرال الكر باشبوغ، المرشح الأبرز لتسلم قيادة الجيش، وذلك خلال لقائهما قبل أسبوعين. ولمحت إلى ان ذلك قد يعني توسيع الاعتقالات في صفوف الجيش. وأوقف الجيش ايضاً ضابطاً اتهم بتسريب وثائق مهمة من الجهاز العسكري الى وسائل إعلام تركية تدعم الحكومة، كشفت تخطيط عسكريين لتنفيذ انقلاب، وكذلك عجز القيادة عن تفادي هجمات كثيرة لحزب العمال الكردستاني، على رغم علمها بها مسبقاً بسبب إهمال التدابير المناسبة. وأعربت مصادر مطلعة عن اعتقادها باحتمال توصل اردوغان إلى اتفاق غير معلن مع باشبوغ لتصفية الشبكة التي تخطط للانقلاب، في مقابل كشف الضباط المسؤولين عن تسريب وثائق الجيش إلى الإعلام، ما قد يؤثر إيجاباً في قضية حل حزب"العدالة والتنمية". على صعيد آخر، اتهم حزب الشعب الجمهوري المعارض اردوغان بتسييس القضاء وشن حملات اعتقال عشوائية للانتقام من جنرالات وصحافيين معروفين بمعارضة حكومته، وحجب الأنظار عن قضية حل الحزب استناداً إلى الاتهامات الموجهة إليه. وقال زعيم المعارضة دنيز بايكال أن لا دليل على وجود محاولة انقلاب عسكري، مشيراً إلى اعتقال 49 شخصاً بالتهمة ذاتها منذ سنة، من دون التوصل إلى نهاية للتحقيق أو عرض القضية على المحكمة. وفي مطالعة جديدة أمام المحكمة الدستورية، قال المدعي العام يالجينكايا ان"حزب العدالة والتنمية يريد تطبيق حكم الشريعة، ما يرتب خطراً وشيكاً على البلاد". وأشار الى ان إلغاء المحكمة قانون حظر الحجاب في الجامعات يؤكد انتهاك الحزب المحاكم العلمانية، ما يعزز الاتهامات ضده. واتهم المدعي العام الحزب الحاكم بأنه بات"بؤرة لنشاطات مناهضة للعلمانية"، علماً أن الحزب سيقدم مطالعته الدفاعية غداً. وانخفضت الأسهم التركية 6 في المئة والليرة نحو 2 في المئة بسبب مخاوف من استمرار الأزمة السياسية فترة طويلة، ما قد يلحق الضرر بآمال أنقرة في الانضمام الى الاتحاد الأوروبي، كما يعتقد محللون.