شكل إعلان الإدارة الأميركية المشاركة في مفاوضات مجموعة الدول الخمس وألمانيا مع إيران في جنيف غداً، لبحث عرض الحوافز المقدم الى طهران، مقابل تخليها عن طموحاتها النووية، منعطفاً محورياً في سياسة واشنطن حيال الملف الايراني، لاقى ترحيباً من قيادة الكونغرس والوسط السياسي الأميركي، وعكس- بحسب خبراء- صعود نفوذ وزيرة الخارجية كوندوليزا رايس وتمسك الرئيس جورج بوش بالخيار الديبلوماسي في الفترة الأخيرة المتبقية على ولايته. وجاء إعلان البيت الأبيض أول من أمس عن مشاركة الرجل الثالث في الخارجية وليام بيرنز في المحادثات التي ستعقد غداً في العاصمة السويسرية، ليعاكس الاتجاه الذي سلكته الإدارة طوال السنوات السبع الفائتة، وبعد رفضها الخوض في هذه المفاوضات واشتراطها على طهران وقف تخصيب اليورانيوم مقابل الجلوس على الطاولة. ويرى الخبير في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، أنتوني كوردسمان، الذي يقدم استشارات للإدارة، إن الإعلان هذا يشكل تعبيراً عن التفاف واشنطن حول الخيار الديبلوماسي، وعدم تحبيذها استخدام القوة ضد إيران في هذه المرحلة بالذات. وستسعى واشنطن عبر هذه المشاركة، بحسب كوردسمان، الى إقناع إيران بقبول عرض الحوافز الذي قدمه الجانب الممثل الأعلى للسياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي خافيير سولانا للمفاوض الإيراني سعيد الجليلي الأسبوع الفائت، والإقرار بجديته. وأشار كوردسمان إلى أن الإدارة أبدت أخيراً مخاوفها"من القلق الاقتصادي والتداعيات السلبية التي خلفها التصعيد الأخير حول إيران في السوق العالمية"، وبعد الأنباء عن احتمال توجيه تل أبيب ضربة لطهران قبل نهاية ولاية بوش. ويرى أن الإدارة تحاول تغيير هذا الانطباع، وإشاعة أجواء تطمئن السوق، وتعكس جدية أميركية في تبني الخيار الديبلوماسي وأولويته في خيارات واشنطن. من الناحية السياسية، يعتبر كوردسمان أن وجود الإدارة على طاولة المحادثات يقوي موقع واشنطن التفاوضي، ويمنع من جهة روسيا والصين من تقديم تنازلات كبيرة لمصلحة إيران، ومن جهة أخرى، يشجع الطرف المتحمس لعرض الحوافز في إيران للقبول به. أما في حال رفض إيران العرض، سيساعد الضغط الأميركي التفاوضي في إقناع مجلس الأمن بزيادة العقوبات الدولية على طهران. وتشير مصادر قريبة من الإدارة ل"الحياة"إلى أن حضور بيرنز هو نتيجة مباشرة لضغوط مارستها كوندوليزا رايس على البيت الأبيض، وثمرة نجاح الوزيرة وفريقها في إحداث خرق مع الملف الكوري الشمالي، وهو ما شكل حافزاً لإقناع بوش بانتهاج هذا المسار مع طهران، والسعي لتكرار سيناريو يونغيانغ قبل انتهاء الولاية الرئاسية. وتعتبر المشاركة بحد ذاتها تاريخية للولايات المتحدة، والتي لم تجمعها بإيران سوى لقاءات معدودة منذ 1979، تاريخ انقطاع العلاقات بين الطرفين بعد أزمة الرهائن.