أكدت مصادر ديبلوماسية غربية ل "الحياة" أن التصعيد الأخير في اللهجة الأميركية حيال إيران مرده اتساع الخلاف بين نائب الرئيس ديك تشيني ووزيرة الخارجية كوندوليزا رايس في شأن طريقة التعامل مع طهران، وتلويح مقربين من نائب الرئيس بالخيار العسكري، رداً على خطوات إقليمية وأخرى للخارجية تطالب بانفتاح أكبر تجاه طهران وتحظى بتأييد الرئيس جورج بوش والوزيرة رايس. وأشارت المصادر التي اجتمعت أخيراً مع الادارة الأميركية، إلى أن مكتب تشيني ومستشار بوش إليوت أبرامز غير راضيين عن سياسة رايس ووزير الدفاع روبرت غيتس حيال ايران، وإصرارهما على اعتماد الخط الديبلوماسي في الملفين النووي والعراقي، ما اضطر تشيني إلى القبول بمفاوضات بغداد بعد نجاح رايس في اقناع بوش بالأمر. كما أبدى تشيني انزعاجاً من انفتاح دول اقليمية على ايران وتبنيها"استراتيجية رايس"، والتي كان أبرز ملامحها مؤتمر شرم الشيخ مقابل استراتيجيته بعزل ايران تماماً عن دول المنطقة. وبدا التناقض بين الطرفين خلال زيارتهما كل على حدة المنطقة الشهر الفائت، ومشاركة رايس ونظيرها الايراني منوشهر متقي في مؤتمر شرم الشيخ فيما تعهد تشيني من على متن حاملة طائرات في الخليج بردع طهران عن أي طموحات نووية. وتؤكد المصادر أن تلويح السناتور جوزيف ليبرمان المقرب من تشيني بالخيار العسكري في مطلع الأسبوع في مقابلة مع شبكة"أن بي سي"، وادلاء مسؤولين اسرائيليين قريبين من ابرامز، كنائب رئيس الوزراء شاؤول موفاز، بأن مهلة الخيار الديبلوماسي تنتهي أواخر العام، هو"رد غير مباشر"على تحركات رايس ومحاولة لإضعافها. وفيما تؤكد المصادر أن الرئيس يصغي إلى رايس ومقتنع بجدوى الديبلوماسية، يرى الخبير السياسي من معهد"هيريتدج فواندايشن"جيمس فيليبس أن تأثير تشيني ودفعه باتجاه الخيار العسكري"سيزيد قبل نهاية ولاية بوش في العام 2008"وخصوصاً"اذا لم تأت العقوبات بالفعالية المطلوبة بسبب تردد الصين وروسيا". ويؤكد فيليبس أن واشنطن"قادرة عسكرياً وعلى استعداد"على رغم وجودها في العراق الذي تعيره"أهمية صغيرة"في هكذا خطة، وتحديداً لجهة رد ايران عبر عناصرها في العراق والمجموعات القريبة منها باستهداف جنود أميركيين. ويشير الخبير المقرب من صقور الادارة إلى أن البنتاغون ليس في حاجة الى"قواعد عسكرية في الشرق الأوسط لضرب ايران"، ويمكنه تسديد الضربات من حاملات الطائرات أو باللجوء الى صواريخ باليستية. ويشدد فيليبس على أن النخبة السياسية الأميركية، سواء كانت في الحزب الجمهوري أو الديموقراطي، لن تقبل بتحول ايران الى قوة نووية، ورد ذلك الى صورة طهران في المجتمع الأميركي والتي تنطبع فيها ذكريات احتجاز الرهائن والتفجير الذي استهدف قوات البحرية الأميركية في بيروت في العام 1983، وأخيراً خطابات الرئيس الايراني محمود أحمدي نجاد ضد اسرائيل. ويذهب فيليبس الى حد القول إن توجيه بوش ضربة عسكرية إلى إيران قبل نهاية ولايته الرئاسية"سيزيح عبئاً ثقيلاً عن أي رئيس مقبل"، وسيتجنب عبرها"ظلم التاريخ ولعبة توجيه الأصابع الى الرئيس الأميركي الذي سمح لايران بالتحول قوة نووية". وينعكس التشدد حيال ايران والرفض الكامل لتحولها الى قوة نووية في خطابات المرشحين الأبرز للرئاسة للعام 2008. اذ تؤكد المرشحة الديموقراطية السناتور هيلاري كلينتون أن وصول القنبلة الى يد ايران يعني"خللاً كبيراً بأسس النظام الأمني العالمي... رسالتنا واضحة، لن نسمح لايران بامتلاك أسلحة نووية". ويرد المرشح الجمهوري السناتور جون ماكين بالقول إن"شيئاً واحداً أسوأ من ضربة عسكرية لايران وهو تحولها الى قوة نووية".