قال الرئيس الأميركي جورج بوش أمس إنه ينتظر تداعيات مذكرة التوقيف بحق الرئيس السوادني عمر حسن البشير قبل اعلان موقفه، محذراً في الوقت ذاته الرئيس السوداني من تعريض نفسه لمزيد من العقوبات إذا لم يبد نيات طيبة في شأن دارفور. وصدر موقفه بعدما أعربت الصين، حليفة السودان، عن"قلقها العميق"أمس لطلب مدعي المحكمة الجنائية الدولية لويس مورينو اوكامبو إصدار مذكرة توقيف بحق البشير بتهمة"الإبادة وجرائم ضد الانسانية وجرائم حرب"في دارفور غرب السودان، في وقت دعت باريسالخرطوم الى القيام"بمبادرة"تجاه المحكمة الجنائية ومجلس الأمن تقضي بتسليم المسؤولين السودانيين المطلوبين لدى المحكمة وهما الوزير أحمد هارون ومسؤول ميليشيا موالية للحكومة هو علي كوشيب. وصرّح الناطق باسم وزارة الخارجية اريك شوفالييه ب"أن أي بادرة من السلطات السودانية تتماشى وقرارات المحكمة هي موضع تقييم ايجابي". وأضاف شوفالييه:"صدرت مذكرتا توقيف سلمتهما المحكمة الى السودان، بحق هارون وكوشيب"، وأوضح أن موافقة السودان على تسليم المطلوبين الإثنين"ستندرج في اطار الحوار الذي نجريه مع شركائنا، ولا سيما مجلس الأمن". وفي وقت دعت روسيا إلى"ضبط النفس"، ووصفت إيران قرار توقيف البشير بأنه"بغيض"، حذّرت مصر من خطورة التعامل"غير المسؤول"مع الأوضاع في السودان وما يمكن أن تسفر عنه التطورات الأخيرة من انفلات للأوضاع الأمنية وزعزعة للاستقرار السياسي في البلاد. وقال وزير الخارجية المصري أحمد أبو الغيط، في تصريحات أمس، إن التسوية السياسية لأزمة دارفور هي"الضمان الحقيقي الوحيد لتحقيق العدالة التي ينشدها الجميع"، مشيراً إلى أن تطورات الأزمة منذ بدايتها"تكشف عن حجم التعقيدات والتشابك الذي يحيط بها"، وأن أطرافاً كثيرة داخل السودان وخارجه"تتحمل مسؤولية معاناة المدنيين من أبناء الإقليم على مدار السنوات الماضية". وجدد أبو الغيط الدعوة إلى المجتمع الدولي والأطراف السودانية"للتعامل بجدية والتجاوب السريع مع جهود تفعيل المسار السياسي لتسوية الأزمة". إلى ذلك اتهم عبدالله مسار، مستشار الرئيس السوداني، المحكمة الجنائية الدولية بأنها ذراع من أذرع"الاستعمار الحديث"أنشئت لمزيد من الضغط على الدول في ما يتعلق بحقوق الإنسان الذي هو"مدخل مطاط غير واضح". وقال إن خلاف السودان مع المحكمة هو خلاف قانوني وإن القضية في الأساس هي قضية سياسية و"نعتبر هذه المحكمة محكمة سياسية تحت غطاء خلاف قانوني"، مشيراً إلى أنها محكمة"خيارية وليست اجبارية"لأن العضوية فيها اختيارية. وقال المهندس مسار في ندوة نظمها أمس المركز القومي لدراسات الشرق الأوسط، إن قرار المحكمة الجنائية الدولية اتخذ على خلفية أن المحكمة أحيل لها ملف دارفور من قبل مجلس الأمن لافتاً إلى أن المدعي العام لم يزر السودان ولم يستمع إلى"الشهادات الحقيقية"بل استند إلى شهادات سمعية من جهات ومنظمات مختلفة و"ليس لديه قرائن دالة". وفي موسكو أ ف ب، دعت روسيا الأطراف كافة إلى التحلي"بضبط النفس". وقال فيتالي تشوركين سفير روسيا لدى الأممالمتحدة لوكالة"فرانس برس":"على الأطراف كافة بما فيها السودان وكذلك الأممالمتحدة ... ان تتحلى بضبط النفس وايجاد حلول تساعد شعب السودان وتسوّي أزمة دارفور". وأضاف أن اعضاء مجلس الأمن يشعرون"بقلق بالغ"اثر طلب المدعي العام في المحكمة الجنائية الدولية، متوقعاً أن يبدي مجلس الأمن رأياً في هذا الموضوع. وأكد السفير الروسي أن لمجلس الأمن الحق بأن"يعطي تقويماً سياسياً حول مدى ملاءمة أو عدم ملاءمة نشاطات"المحكمة الجنائية الدولية. وفي بكين رويترز، عبّرت الصين عن"قلقها البالغ"حيال طلب إصدار أمر باعتقال الرئيس السوداني. وقال الناطق باسم وزارة الخارجية الصينية ليو جيان تشاو في مؤتمر صحافي دوري إن الصين تشاورت مع أعضاء آخرين في مجلس الأمن و"تأمل بأن تصل الى توافق في الآراء مع الاطراف المعنية". وقال:"عبّرت الصين عن قلقها البالغ ومخاوفها في شأن قرار ممثل الادعاء في المحكمة الجنائية الدولية توجيه الاتهام للزعيم السوداني". وأردف قائلاً:"أفعال المحكمة الجنائية الدولية يجب أن تعود بالنفع على الاستقرار في اقليم دارفور والتسوية الملائمة للقضية وليس العكس". وتواجه الصين وهي أكبر مورد للأسلحة إلى الخرطوم ومستثمر رئيسي في صناعة النفط هناك اختيارات صعبة بشأن علاقتها بالبشير حيث تمثل دورة الألعاب الأولمبية التي ستقام في بكين نقطة ضعف يمكن من خلالها ممارسة ضغوط دولية عليها. وتتأرجح بكين منذ سنوات بين مصالحها في مجال الطاقة ومخاطر سياسية في السودان ورغبتها كقوة صاعدة في الحصول على مقعد يحظى بالاحترام على طاولة جهود السلام في دارفور. والقرار الخطير الذي اتخذه المدعي في المحكمة الجنائية الدولية يجعل الحفاظ على هذا التوازن بالغ الصعوبة حيث تنتظر أطراف الصراع كافة لترى ما إذا كانت بكين ستسعى الى تعليق الإجراء القانوني للادعاء من خلال قرار لمجلس الأمن. وعندما سئل ليو إن كانت الصين ستؤيد قراراً للأمم المتحدة بتعليق قرار المحكمة الجنائية الدولية ضد البشير، تجنّب اعطاء اجابات قاطعة. وقال:"الصين ستواصل مشاوراتها مع الأعضاء الآخرين في مجلس الأمن لكن في ما يتعلق بالنتيجة فهذا أمر لا أعرفه". وأكد ليو أن 172 مهندساً صينياً سيتوجهون إلى دارفور اليوم الأربعاء لتكمتل بذلك قوة حفظ السلام التي وعدت بها وقوامها 315 فرداً. وفي طهران رويترز، ذكرت وسائل الإعلام الإيرانية أن ايران تعتبر قرار المحكمة الجنائية الدولية ضد الرئيس السوداني أمراً"بغيضاً". ونقلت وكالة الأنباء الإيرانية عن وزير الخارجية الايراني منوشهر متقي أن إيران أيّدت دائماً الحكومة"الشرعية"في السودان التي يقودها البشير، وأن"الأداء الانتقائي للمحكمة الدولية في لاهاي في شأن الرئيس السوداني أمر بغيض". وقال متقي إن ممارسة ضغط دولي على الحكومة السودانية سيجعل الوضع أكثر تعقيداً في البلاد، مضيفاً أنه"يمكن للحكومة السودانية أن تحل الأزمة من خلال المحادثات بين الجماعات المحلية المعنية بالمسألة". وقال إن"ضغط المنظمات الدولية على الزعماء السودانيين سيكون عقيماً". وفي عمان أ ف ب، استنكرت جماعة"الإخوان المسلمين"في الأردن طلب ادعاء المحكمة الجنائية اصدار مذكرة توقيف بحق الرئيس السوداني. وقالت الجماعة في بيان إن توجهات المحكمة الجنائية"المعادية للسودان"تأتي"لابتزازه واخضاعه في ظل ارتفاع محموم لأسعار البترول في العالم وفي سياق البحث عن مصادر جديدة للطاقة وتزايد الطلب عليها ... حيث تؤكد الدراسات والمؤشرات انه يحتوي كميات هائلة من النفط". وفي الجزائر أ ف ب، اقترحت صحيفة"ألجيري نيوز"الجزائرية المستقلة أن يسلّم الرئيس السوداني عمر البشير إلى المحكمة الجنائية الدولية في الوقت نفسه مع الرئيس الأميركي جورج بوش.