قررت الحكومة السودانية، أمس، خوض معركة سياسية وقانونية لمواجهة أي اتهامات سيعلنها المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية لويس مورينو أوكامبو اليوم في حق مسؤولين يمكن أن يكون من بينهم الرئيس عمر البشير. وتظاهر آلاف من السودانيين في الخرطوم تأييداً للبشير أمام مقر مجلس الوزراء الذي كان في جلسة طارئة لمناقشة تداعيات اتهامات المحكمة الدولية بارتكاب جرائم حرب في دارفور. ولم يستبعد مسؤول سوداني كبير أن يكون تسريب اسم البشير قبل اعلان اتهامات المحكمة الجنائية الدولية رسمياً اليوم"بالون اختبار"، وقال ل"الحياة"إن الرئاسة السودانية تلقت عشرات المحادثات الهاتفية من زعماء ومسؤولين من مختلف دول العام، معربين عن قلقهم ازاء تحركات أوكامبو ورأوا أن الخطوة في حال حدوثها ستكون سابقة خطيرة، ووعدوا باجراء اتصالات اقليمية ودولية لمنعها. وحذّر البشير خلال اتصال هاتفي مع الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون من تحركات أوكامبو، وقالت وكالة الأنباء السودانية الرسمية إن البشير أبلغ بان أن حكومته ستحتفظ بحق الرد على اتهامات أوكامبو بحزم وفق القنوات المشروعة، موضحاً أن ذلك من شأنه الاضرار بعملية السلام في دارفور. وأفادت أن بان وعد بالسعي إلى احتواء تقرير أوكامبو. واكد بان أن المنظمة الدولية ستستمر في التعاون مع السودان لتنفيذ الاتفاقات والتفاهمات الموقعة، وطالب الحكومة السودانية بتوفير الحماية لبعثة المنظمة الدولية في السودان والعاملين في المنظمات الانسانية، مشيراً إلى الهجوم الذي تعرضت له القوة الأممية الافريقية المشتركة في دارفور"يوناميد"الأسبوع الماضي وراح ضحيته سبعة جنود. وفي المقابل، أكد البشير التزام حكومته الاتفاقات والمواثيق كافة، مشدداً على أن السودان سيتعامل بكل حزم وجدية مع أوكامبو. وحذر البشير من استيلاء حركات التمرد على آليات ومعدات"يوناميد"، وطالب المنظمة الدولية باستردادها"حتى لا تضطر الحكومة لحسمها واعادتها لمنع استخدامها من قبل المتمردين". كما حذّر البشير من تحركات أوكامبو تحت ستار المحكمة الدولية وقال إن ذلك من شأنه الاضرار بعملية السلام والإعمار والتنمية في دارفور، وطالب المجتمع الدولي بتنفيذ تعهداته تجاه عملية السلام حتى تجري الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في مواعيدها العام المقبل. وعقد مجلس الوزراء اجتماعاً طارئاً استمر ساعات، وقال وزير الإعلام الزهاوي إبراهيم مالك للصحافيين إن المجلس قرر عدم الاعتراف بالمحكمة الجنائية الدولية وعدم التعامل معها ورفض أي اتهامات ستصدرها اليوم في حق مسؤولين سودانيين، واشاد بمواقف الأحزاب والمنظمات والشعب السوداني. وتظاهر آلاف السودانيين في الخرطوم أمس تأييداً للبشير أمام مقر مجلس الوزراء، وجابت التظاهرة الغاضبة التي كان معظم المشاركين فيها من أنصار حزب المؤتمر الوطني الحاكم والاتحادات والمنظمات المساندة له وموظفي الدولة، الطرقات منددة بموقف أوكامبو والدول الغربية. وردد المتظاهرون شعارات مناهضة للولايات المتحدة ومساندة للبشير"بالدم بالروح نفديك يا بشير"، و"العار العار يا أوكامبو". وقال وزير العدل عبدالباسط سبدرات لدى مخاطبته المتظاهرين إن أوكامبو بتوجيهه اتهامات جديدة إلى مسؤولين كبار لا يستهدف رأس الدولة وإنما يستهدف الشعب السوداني واستقراره وسلطاته لأن البشير يمثّل الإرادة الشعبية ويشرف على المؤسسات. وأعلن أن حكومته ستخوض معركة قانونية لمواجهة الاتهامات الجديدة بالتعاون مع خبراء قانون في الدول الافريقية وجامعة الدول العربية ودول عدم الانحياز، مشيراً إلى أن الخرطوم ستنتصر في النهاية"لأن الحق يعلو ولا يعلى عليه". وزاد:"ستكون اتهامات أوكامبو آخر خنجر يسلّه الاعداء في كبد البشير". وأضاف سبدرات:"فليقدم أوكامبو اتهاماته ولتقرر المحكمة الجنائية الدولية ما تشاء وليفعل مجلس الأمن ما يشاء... فلكل حدث حديث". وأكد الناطق باسم الخارجية السودانية السفير علي الصادق أن السلطات السودانية ستعزز اجراءاتها الأمنية ولا سيما في محيط السفارات الفرنسية والبريطانية والأميركية في الخرطوم، وتوقع حصول"فوضى"في حال تم توجيه الاتهام الى البشير.