زلزال بقوة 4.9 درجة يضرب جزيرة إنجانو بإندونيسيا    القيادة تهنئ سلطان بروناي دار السلام بذكرى اليوم الوطني لبلاده    فعاليات متنوعة احتفاءً بيوم التأسيس بتبوك    دامت أفراحك يا أغلى وطن    «عكاظ» تنشر شروط مراكز بيع المركبات الملغى تسجيلها    أمير القصيم يزور فعاليات "ذاكرة الأرض"    استعراض 30 فنانًا لإعمالهم في معرض "آثار ورجال" بتبوك    علماء صينيون يثيرون القلق: فايروس جديد في الخفافيش !    انخفاض درجات الحرارة وتكون للصقيع في عدة مناطق    8 ضوابط لاستئجار الجهات الحكومية المركبات المدنية    رحالة غربيون يوثقون تاريخ مجتمع التأسيس    ذكرى استعادة ماضٍ مجيد وتضحياتٍ كبرى    وزير العدل: لائحة الأحوال الشخصية خطوة لتعزيز استقرار الأسرة    لا إعلان للمنتجات الغذائية في وسائل الإعلام إلا بموافقة «الغذاء والدواء»    لا "دولار" ولا "يورو".." الريال" جاي دورو    " فوريفر يونق" يظفر بكأس السعودية بعد مواجهة ملحمية مع "رومانتيك واريور"    تعزيز الابتكار في صناعة المحتوى للكفاءات السعودية.. 30 متدرباً في تقنيات الذكاء الاصطناعي بالإعلام    الاستثمار العالمي على طاولة "قمة الأولوية" في ميامي.. السعودية تعزز مستقبل اقتصاد الفضاء    ابتهاجاً بذكرى مرور 3 قرون على إقامة الدولة السعودية.. اقتصاديون وخبراء: التأسيس.. صنع أعظم قصة نجاح في العالم    ضبط وافدين استغلا 8 أطفال في التسول بالرياض    مذكرة تعاون عربية برلمانية    الصندوق بين الابتكار والتبرير    حاصر جنازة الشهيدة الطفلة ريماس العموري "13 عامًا".. الاحتلال يتوسع بسياسة الأرض المحروقة في الضفة الغربية    بناء على ما رفعه سمو ولي العهد.. خادم الحرمين يوجه بإطلاق أسماء الأئمة والملوك على ميادين بالرياض    هيئة الصحفيين تدشن هويتها الجديدة    الداخلية تستعرض الإرث الأمني بأسلوب مميز    في ذكرى «يوم بدينا».. الوطن يتوشح بالأخضر    رئيس "النواب" الليبي يدعو لتأسيس "صندوق" لتنمية غزة    تمنت للسعودية دوام التقدم والازدهار.. القيادة الكويتية: نعتز برسوخ العلاقات الأخوية والمواقف التاريخية المشتركة    مشروبات «الدايت» تشكل خطراً على الأوعية    لوران بلان: الإتحاد لم يحقق شىء بعد    موعد مباراة الإتحاد القادمة بعد الفوز على الهلال    الوسيط العالمي الموثوق به    جيسوس يُبرر معاناة الهلال في الكلاسيكو    النفط يسجل خسارة أسبوعية مع تلاشي المخاطر في الشرق الأوسط    الملك: نهج الدولة راسخ على الأمن والعدل والعقيدة الخالصة    الرافع للرياض : يوم التأسيس تاريخ عريق    بوتين يشكر ولي العهد على استضافة المحادثات مع أميركا    نهج راسخ    "نيوم للهيدروجين الأخضر" تبني إرثاً مستداماً باستغلال موارد المملكة التي لا تنضب    الاتحاد يقسو على الهلال برباعية في جولة يوم التأسيس    جمعية رعاية الأيتام بضمد تشارك في احتفالات يوم التأسيس    سفير الاتحاد الأوروبي يحتفل بيوم التأسيس    من التأسيس إلى الرؤية.. قصة وطن    125 متسابقاً يتنافسون على جائزة الملك سلمان لحفظ القرآن.. غداً    وزير الشؤون الإسلامية: يوم التأسيس يجسد مرحلة تاريخية مفصلية في تاريخ مسيرة المملكة    افتح يا سمسم.. أُسطورة الآتي..    فجر صناعة السيارات في السعودية    «الفترة الانتقالية» في حالات الانقلاب السياسي.. !    مستشفى الدكتور سليمان الحبيب بالتخصصي ينجح في زراعة منظم ضربات القلب اللاسلكي AVEIRTM️ الحديث ل"ثمانيني"    الحياة رحلة ورفقة    فريق الوعي الصحي التابع لجمعية واعي يحتفي بيوم التاسيس في الراشد مول    ضبط أكثر من 21 ألف مخالف لأنظمة الإقامة والعمل وأمن الحدود    «الدباغ القابضة» تتقدم بالتهاني لمقام خادم الحرمين وولي عهده بمناسبة ذكرى يوم التأسيس    انخفاض درجات الحرارة في عدد من مناطق المملكة    لائحة الأحوال الشخصية تنظم «العضل» و«المهور» ونفقة «المحضون» وغياب الولي    الدولة الأولى ورعاية الحرمين    الهرمونات البديلة علاج توقف تبويض للإناث    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حرب صعدة ... من التحالف مع السلطة وصولاً الى الحرب الخامسة . الحوثيون باشروا التمرد بانقلاب على حلفائهم وأوصلوه الى حملة "خمينية" على المجتمع 1 من 2
نشر في الحياة يوم 11 - 07 - 2008

صعدة، محافظة السلام تفقد سلامها وأمنها منذ منتصف عام 2004 حيث لا تزال ترزح تحت وطأة حرب توالدت خمس مرات بين القوات الحكومية والمتمردين"الحوثيين"، وفي كل مرة يفشل الحسم العسكري في إخماد التمرد وتفشل الوسائل السلمية والوسطاء في إقناع"الحوثيين"مع زعمائهم بترك السلاح والتعبير عن مطالبهم بصورة سلمية في ضوء استعداد الرئيس علي عبد الله صالح لطي صفحات"التمرد"وتقديم تنازلات ل"الحوثيين"وصف بعضها بأنها مهينة للدولة، غير أنها تعثرت أمام طموحات"الحوثيين"في كسر شوكة الدولة اليمنية وتقديم نموذج جديد للنفوذ والتمرد على النظام.
"الحياة"تنشر على حلقتين قصة النزاع في صعدة بدءاً من جولته الأولى وحتى الجولة الخامسة.
لا يجرؤ"الحوثيون"على إعلان أهدافهم صراحةً، ويقدمون مطالب لا تبرر بأي حال من الأحوال القيام بتمرد مسلح لخمس سنوات أسفر عن مقتل وجرح وفقدان الآلاف من المتمردين وعناصر الجيش والأمن وأنصارهما وعدد غير قليل من المدنيين وتهجير نحو 100 ألف شخص عن قراهم ومزارعهم ومناطقهم، وهدم آلاف المنازل وإحراق آلاف الهكتارات من الأراضي الزراعية الخصبة، بالإضافة إلى تعرض الاقتصاد الوطني لخسائر كبيرة أغلبها ينصب في تكاليف عمليات القوات الحكومية في مواجهة"الحوثيين"، ناهيك عن توقف برامج التنمية وتدمير ما هو قائم في محافظة صعدة بما في ذلك تدمير الأمل لدى أبنائها بعودة السلام إلى محافظة السلام.
وتكنى محافظة صعدة اليمنية الواقعة في الشمال الغربي لليمن على حدود اليمن ? السعودية بمحافظة السلام منذ زمن بعيد، رغم أنها كانت أحد أهم أسواق السلاح منذ ما قبل ظهور الإسلام. وهي لا تزال حتى اليوم تحتضن أهم أسواق السلاح الرائجة في اليمن، وفيها سوق الطلح الأشهر في تجارة الأسلحة في هذا البلد. غير أن صعدة مع ذلك حظيت بالسلام أكثر من غيرها في مختلف الصراعات والنزاعات المسلحة التي عاشها اليمن لقرون طويلة واحتضنت كل القبائل اليمنية. وربما كرس ذلك وصفها بمحافظة السلام بالإضافة إلى كونها تستحوذ على مساحات كبيرة من الأراضي الزراعية ذات الخصوبة النادرة ما جعلها الأجود في زراعة العنب، والرمان، والبرتقال، وأنواع البطيخ والخضروات التي كانت تغطي الأسواق اليمنية وفائضها يصدر إلى دول الجوار حتى اندلاع التمرد في جبال مران منتصف عام 2004 حيث تراجع إنتاجها الزراعي وتراجع معه استقرار السكان في مناطقهم ووسط مزارعهم.
الشرارة الأولى للحرب
كانت انطلقت الشرارة الأولى للتمرد الحوثي المسلح في جبال مران التابعة لمديرية حيدان في أيار مايو 2004 بزعامة حسين بدر الدين الحوثي أحد أبرز مؤسسي ما عرف بتنظيم"الشباب المؤمن"الذي بدأ بحركة تعليمية بذريعة تدريس وتجديد علوم المذهب الزيدي أحد المذاهب الشيعية وأقربها إلى الاعتدال والانفتاح على المذاهب الإسلامية الأخرى منذ نشأ على يد أحد الأئمة العلويين هو الهادي يحيى بن الحسين بن القاسم الرسّي الذي قدم من مكة وأسس مدينة صعدة الحديثة في القرن الثالث الهجري التاسع الميلادي وهي تقع على بعد نحو 3 كيلو مترٍ عن صعدة القديمة التي لا زالت أطلالها وبقايا سورها قائمة حتى اليوم. ومنها انطلق بدعوته الزيدية الهادوية إلى مختلف مناطق اليمن في ما يشبه حركة سياسية تهدف إلى حكم اليمن بشرعية الولاء لآل البيت النبوي الشريف وحصر الحكم في البطنين سلالة الحسن والحسين أبناء الإمام علي بن أبي طالب من زوجته فاطمة بنت الرسول محمد صلى الله عليه وسلم. وحتى قيام الثورة في شمال اليمن عام 1962 التي أطاحت بالنظام الإمامي السلالي وأقامت على أنقاضه نظاماً جمهورياً عهود الإمامة التي حكمت اليمن مئات السنين وكرست تخلف البلد ومارست كل أشكال الظلم والاستبداد والانغلاق على شعبه.
وكانت محافظة صعدة آخر معاقل الإمامة خضوعاً للحكم الجمهوري على اعتبار أنها كانت مركزاً للدولة الزيدية في اليمن لنحو 1200 سنة واستطاعت مقاومة كل العواصف وتمكنت من الاستمرار دون غيرها منذ 898 وحتى 1962، وفيها مسقط رأس المراجع الزيدية والأسر الهاشمية العريقة التي ينتمي إليها زعماء التمرد الحوثي وفي طليعتهم حسين بدر الدين الحوثي الذي يعد والده بدر الدين واحداً من أهم المرجعيات الدينية والفقهية للمذهب الزيدي الهادوي في اليمن، ناهيك عن كونه منتمياً لإحدى الأسر الهاشمية المنتشرة في اليمن التي انخرط معظم أبنائها في صفوف الثورة، والدفاع عن النظام الجمهوري، عن قناعة بوجوب الانعتاق من حكم إمامي غلب عليه الاستبداد والتخلف، وربما بدافع التحرر من تهمة مناوأة الثورة والنظام الجمهوري لأسباب سلالية ومذهبية لم تكن مقبولة في إطار أهداف الثورة ومعطياتها القائمة على مراحل نضالية جسدتها تضحيات كبيرة من اليمنيين على اختلاف انتمائهم المذهبي والفكري والقبلي، وبحيث لا يجد هؤلاء الهاشميون أنفسهم معزولين عن دوائر السلطة وأجهزة الدولة والحكم، وهو ما يفسر تغلغلهم في مختلف مفاصل الدولة كسائر الأسر اليمنية.
يقول محمد عزان أحد مؤسسي تنظيم"الشباب المؤمن"في صعدة وكان أميناً عاماً له"أؤكد ولدي ما يثبت بأن تمرد الحوثي ليس امتداداً لحركة الشباب المؤمن لكنهم انشقوا عن هذه الحركة كمؤسسة تربوية دينية مذهبية لها منهجها المقروء وأهدافها المعلنة بل وتصدوا لها واعتبروها حركة تضعف ما يريدون أن يصلوا إليه كحركة لتمييع الأفكار الدينية لدى الشباب".
وكان عزان أعلن انشقاقه عن حسين بدر الدين الحوثي الذي أشعل التمرد الأول في جبال مران وقتل على يد القوات الحكومية في أيلول سبتمبر 2004، وحدث أن تقاربت وجهة نظر عزان الذي نفى علاقة تنظيم"الشباب المؤمن"بالتمرد الحوثي مع وجهة نظر الحكومة في وصف حركة"الحوثي"تمرداً مسلحاً وخروجاً على القانون وتهديداً للسلم الاجتماعي في البلد.
ويدير عزان إذاعة صعدة الحكومية التي توجه معظم برامجها ضد المتمردين منذ نحو عامين وتحرض أبناء المحافظة على مناهضة التمرد والتعاون مع القوات الحكومية في مختلف مناطق المواجهات. ويقول أن محافظة صعدة هي المعقل الأول للمذهب الزيدي الشيعة وليست له مرجعية خارج اليمن وأن صعدة ظلت مغلقة على المذهب إلى أن دخل إليها التيار السلفي مطلع ثمانينات القرن الماضي على يد الشيخ مقبل بن هادي الوادعي وهو أحد أبناء قبيلة وادعة اليمنية من أكبر القبائل اليمنية، وأسس مركزاً لدراسة علم الحديث والعلوم الدينية يقصده آلاف الدارسين من أنحاء العالم، وبعد ذلك انتشرت المعاهد العلمية الدينية التي كانت خاضعة لنفوذ حركة"الإخوان المسلمين"، التي انضوت بعد الوحدة اليمنية عام 1990 في إطار"حزب التجمع اليمني للإصلاح".
وفيما أكد عزان بأن شعار"الموت لإسرائيل الموت لأمريكا" هو شعار تنظيم الشباب المؤمن رفعه تضامناً مع الشعب الفلسطيني ضد الاحتلال الإسرائيلي واحتلال أميركا للعراق واستهدافها الأمة الإسلامية، إلا أن هذا الشعار بات مرتبطاً بحركة الحوثي وأصبح ترديده في المساجد شرطاً"للحوثيين"في مفاوضات السلام مع الحكومة، التي فشلت خمس مرات في إنهاء التمرد والحرب بدءاً بلجان الوساطات الداخلية التي دفع بها الرئيس علي عبد الله صالح من الأحزاب السياسية وأعضاء في البرلمان والمشايخ والأعيان ومروراً بالوساطة القطرية الأولى العام الماضي وانتهاءً باتفاق الدوحة الأخير مطلع العام الحالي الذي جرى برعاية دولة قطر التي تعهد أميرها الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني بتقديم نحو بليون دولار لدعم صندوق خاص لإعادة إعمار ما دمرته الحرب في صعدة وتعويض النازحين المتضررين والضحايا في حال نجحت بلاده في مساعيها.
ونفى محمد عزان أن يكون حسين بدر الدين الحوثي هو من أسس حركة"الشباب المؤمن"وقال إنه دخل عام 1999 على خط الحركة التي أسسها محمد بدر الدين الحوثي شقيق حسين والنائب عبد الكريم جدبان وعلي أحمد الرازحي وصالح أحمد هبرة، بالإضافة إلى شباب آخرين كانت لهم أدوار مختلفة، وأضاف"أن تحولات بدأت تظهر لاحقاً قادها بدر الدين الحوثي الأب وأبناؤه للحيلولة دون انتشار الأفكار التوعوية المعتدلة للحركة الداعية إلى الانفتاح على الآخرين وتصحيح بعض المفاهيم المتشددة ومراجعة بعض القضايا التاريخية التي تمثل أسباباً لإذكاء الصراعات والفتن في مختلف العصور".
وعندما تزعم الحوثي الأب وأبناؤه ومؤيدوهم التيار المتشدد في حركة"الشباب المؤمن"بدأ الانقسام والفرز وانتهى بوجود تيارين تيار الشباب المؤمن بأدبياته وأهدافه المعلنة التصحيحية وتيار الحوثي الذي اختار اتجاهاً آخر انتهى إلى ما هو عليه اليوم.
والحال أن تطورات الأحداث والمعطيات التي مرت بها حركة التمرد"الحوثية"منذ نشأتها أسهمت في التحول الذي وصلت إليه خلال خمسة أعوام من حركة تعبوية متشددة في تعصبها وفي فكرها إلى حركة تمرد مسلح ساهم في إنتاجها ضعف الاستقرار السياسي وأخطاء الحكم في التعاطي مع خصومه ومعارضيه وفي تهميش القانون ومؤسسات الدولة لجهة إدارة شؤون البلد وتجنيبه الأزمات والاختلالات على مختلف الأصعدة.
تمرد من بين ظهراني الحكم
وفي هذا السياق يمكن القول بأن التمرد الحوثي في محافظة صعدة خرج من بين ظهراني الحكم نفسه"ذلك أن قائد التمرد الأول حسين الحوثي ينتمي للحزب الحاكم المؤتمر الشعبي العام وكان نائباً يشغل أحد مقاعد الكتلة البرلمانية المؤتمرية بين عامي 1997 و2003 وشقيقه النائب في البرلمان الحالي يحيى بدر الدين الحوثي الموجود خارج اليمن منذ عام 2005 ينتمي هو الآخر إلى الحزب الحاكم، في حين يعد معظم مؤسسي حركة"الشباب المؤمن"وقادة التمرد مؤتمريين. وكانت الحكومة دعمت نشاط حركة"الشباب المؤمن"على أساس توجهها الزيدي لكسر نفوذ حليفها القديم التجمع اليمني للإصلاح الإسلامي ليس في محافظة صعدة وإنما في عدد من المناطق يتواجد فيها أتباع المذهب الزيدي في المحافظات الشمالية لليمن حيث تغاضت الحكومة عن المدارس والمعاهد التي أنشأها الحوثيون في تلك المناطق لتدريس علوم المذهب على فكر ومنهج حسين الحوثي ولم تخضع تلك المدارس للمراقبة الرسمية المباشرة بل تركتها تمارس نشاطها وفعالياتها وتستقطب الدارسين من أبناء المذهب الزيدي بدعوى إحياء علوم المذهب ومواجهة مناوئيه.
وقدمت الحكومة اعتمادات مالية لدعم هذه الحركة على اعتبار أنها تعدها لمواجهة تجمع الإصلاح بعد حدوث الطلاق بينه وبين الحزب الحاكم إبان الانتخابات النيابية التي جرت عام 1997، غير أن حسين الحوثي كان يظهر الموالاة للحكومة ويبطن لها البغض والترصُّد على أنها عدوه القادم.
ومنذ عام 1999 بدأ في جمع التبرعات من أنصاره وشراء الأسلحة والذخائر وحفر الخنادق وبناء التحصينات في جبال مران وعدد من المناطق في صعدة بعيداً من عيون الدولة.
مخاوف علماء الزيدية
ومع بداية الألفية الثالثة شعر العديد من علماء ومرجعيات المذهب الزيدي بالقلق لجهة ما يدعو إليه الحوثي والأفكار التي يلقنها لطلابه ممن تقلُّ أعمارهم عن عشرين سنة واعتبروها مخالفة للمذهب ومتطرفة في تفسير علومه وقواعده وفشلت كل محاولات المعارضين له من علماء الزيدية في ثنيه أو ردعه خصوصاً أن الحوثي تعمد استقطاب أنصاره من أبناء الأسر الهاشمية وأتباع المذهب الزيدي في صعدة والمحافظات الأخرى عبر مدارسه الدينية. وخشي المعتدلون المعارضون له من علماء المذهب الزيدي أن تتحول ظاهرة الحوثي في صعدة إلى فتنة مذهبية أو فرز سلالي طائفي يستهدف الهاشميين وأتباع المذهب عموماً ويثير النقمة ضدهم في حال استمر الحوثي على تشدده في ما يدعو إليه أتباعه. في حينه ترسخت القناعة لدى معظم علماء الزيدية بأن حركة الحوثي مستمدة من فكر الثورة الإسلامية في إيران وزعيمها آية الله الخميني وباتت أقرب إلى الشيعة الجعفرية الاثني عشرية منها إلى الشيعة الزيدية. خصوصاً وأن حسين الحوثي شرع في إزعاج السلطات الأمنية عندما أوعز لأتباعه في صعدة بالاستيلاء على المساجد وترديد الشعار"الموت لأميركا... الموت لإسرائيل.."في مساجد صعدة وصنعاء ومناطق أخرى أثناء صلاة الجمعة وهي طريقة متبعة في إيران وغير مسبوقة في اليمن، وأثارت سخطاً بين أوساط المصلين بمن فيهم أتباع المذهب الزيدي، وعندما قررت السلطات الأمنية منع مرددي الشعار في المساجد واحتجازهم كان رد"الحوثيين"عنيفاً وأسفر عن اشتباكات دموية مع الشرطة.
عندها قررت الحكومة التصدي لحركة الحوثي وملاحقة أتباعها وعناصرها في كل المحافظات"غير أن قرار الحكومة جاء متأخراً ولم يعد ممكناً ردع"الحوثيين"أمنياً حيث كان حسين الحوثي استعد لإشعال الشرارة الأولى للتمرد المسلح في جبال مران منطلق دعوته لمواجهة"السلطة الظالمة"والذود عن الأمة الإسلامية ضد القوى"الاستكبارية"ونصرة أتباع المذهب الزيدي في مواجهة الوجود السلفي في معقل الزيدية في صعدة والدفاع عن الشعار.
في الوقت الذي كان حسين بدر الدين الحوثي قد نشط خلال تلك الفترة في حشد الأنصار وإلقاء المحاضرات التي تضمنت أفكاراً متطرفة في تمجيد الثورة الخمينية في إيران، وپ"حزب الله"في لبنان، والتهجم على النظام الحاكم في صنعاء والدعوة صراحةً للخروج عليه.
مسيرة تمرد
بدأ التمرد في 18 حزيران يونيو 2004 بقيادة حسين بدر الدين الحوثي الذي كان عضواً في مجلس النواب عن دائرة مران بصعدة من العام 1993-1997، وشملت الحرب العديد من مديريات ومناطق محافظة صعدة أهمها جبال مران وهمدان بن زيد و حيدان والرزامات ووادي نشور وشافعة وضحيان.
في 10 أيلول سبتمبر 2004 توقفت الحرب الأولى بمصرع زعيم التمرد الأول حسين الحوثي، مخلفة ما يزيد عن 800 قتيل منهم 473 قتيلاً في صفوف الجيش و 2588 جريحاً، إضافة إلى الخسائر في الممتلكات العامة والخاصة التي قدرت بمبلغ 600 مليون دولار.
في 28 آذار مارس 2005 تجددت الحرب في نسختها الثانية بعد مغادرة بدر الدين حسين الدين الحوثي صنعاء في شباط فبراير 2005 وقيام مجموعة من عناصره بقطع الطريق وتنفيذ هجمات مسلحة ضد قوات الأمن والجيش، وانطلقت المواجهات من وادي نشور الذي تحصن فيه الحوثي مع عدد من أتباعه.
وتوسعت هذه المواجهات التي استمرت أسابيع إلى عدد من المحافظات حيث شهدت العاصمة صنعاء عدداً من الهجمات بالقنابل اليدوية على التجمعات العسكرية والأمنية من عناصر من المتمردين.
وبلغ عدد الخسائر البشرية التي تكبدها الجيش 254 قتيلاً و 2708 جرحى، وزادت النفقات والأعباء المالية على الجانب الأمني والعسكري إلى 16 ملياراً و 500 مليون ريال يمني.
في 16 نيسان ابريل 2005 الحوزة العلمية بالنجف الأشرف تتهم الحكومة اليمنية بتصفية الشيعة في شكل جماعي لا سابق له في تاريخ اليمن.
الحرب الثالثة بدأت في آخر عام 2005 بقيادة عبد الملك الحوثي وتوقفت باتفاق بين الطرفين في 28 شباط 2006.
وفي أواخر أيلول 2006 اصدر الرئيس علي عبد الله صالح عفواً عاماً عن الحوثيين مقابل ترك أسلحتهم ونزولهم من الجبال، وتم الإفراج عن مئات المعتقلين وبدأت الحكومة دفع التعويضات للمتضررين من الحرب.
وفي 27 كانون الثاني يناير 2007 بدأت الحرب الرابعة بقيادة عبد الملك بدر الدين الحوثي بسبب طرد الحوثيين ل 50 يهودياً من منازلهم في منطقة آل سالم وبدأت المواجهات في مديريتي الصفراء وسحار.
وفي 10 شباط 2007 مجلس النواب يفوض الحكومة في حسم الأوضاع عسكرياً في صعدة.
وفي 15شباط 2007 اليمن تتقدم بطلب رسمي إلى ليبيا لتسليمها النائب يحيى الحوثي.
وفي 20 شباط 2007 جمعية علماء اليمن تصدر بياناً يطالب"بقطع دابر الفتنة التي أشعلها الحوثي".
وفي 28 شباط 2007 البرلمان يوافق بغالبية 188 صوتاً على رفع الحصانة عن يحيى الحوثي، وتكليف النائب العام إعداد ملف لاسترداد الحوثي عبر الإنتربول وتحرير أمر قبض قهري عليه.
وفي 4 آذار 2007 عدد من الطلاب الإيرانيين يتظاهرون في طهران ضد سياسة الحكومة اليمنية تجاه ما يحدث في صعدة وقاموا برشق السفارة اليمنية بالحجارة، وطالبوا بطرد السفير اليمني من إيران، أيضاً قاموا بتغيير اسم الشارع المجاور للسفارة اليمنية من آصف إلى شارع الشهيد حسين الحوثي.
وفي 17 آذار 2007 لجنة شؤون الأحزاب تعلن حل حزب الحق بعد تعذر عقد المؤتمر العام الأول للحزب على رغم مرور 16 سنة منذ إعلان تأسيسه"وهو الحزب الذي كان ينتمي إليه قادة التمرد ثم استقالوا منه.
وفي 20 آذار 2007 يسلم اليمن الانتربول، رسمياً، طلب الحكومة اليمنية بالقبض على يحيى الحوثي المقيم في السويد وتسليمه الى السلطات اليمنية.
وفي 11 نيسان 2007 تلقت اليمن موافقة الانتربول على وضع يحيى الحوثي ضمن النشرة الحمراء الصادرة عن الانتربول والتي بموجبها تصبح الدول التي يوجد فيها الحوثي ملزمة بتسليمه الى السلطات اليمنية عبر الانتربول الدولي الذي سيقوم بملاحقته.
توقفت الحرب الرابعة في حزيران 2007 بإعلان اتفاق الدوحة الأول آنذاك.
وفي تشرين الثاني نوفمبر من العام الماضي غادر الجانب القطري في لجنة الوساطة اليمن بعد فشل المفاوضات وتوقفها عند البند السابع من الاتفاق.
وفي شباط الماضي استأنفت قطر وساطتها بإعلان التوقيع على اتفاق الدوحة الثاني بين الحكومة اليمنية - والحوثيين.
وفي 25 نيسان الماضي توقفت المفاوضات بين ممثلي الحكومة و"الحوثيين"عند البند السابع من اتفاق الدوحة الثاني.
وفي مطلع أيار مايو الماضي اندلعت الجولة الخامسة من الحرب بين القوات الحكومية - والمتمردين في صعدة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.