توقع قطب بارز في قوى 14 آذار ان تذلّل العقبات من أمام تشكيل الحكومة اللبنانية الجديدة خلال الأسبوع المقبل. ولم يستبعد ان ترى هذه الحكومة النور أواخر الأسبوع، مشيراً الى ان الصيغة التي طرحها رئيس الحكومة المكلف فؤاد السنيورة للتشكيلة الحكومية منطقية وتراعي التوازنات وفق اتفاق الدوحة، فيما قال رئيس كتلة نواب"حزب الله"محمد رعد:"لسنا متشائمين ونأمل بأن نشهد قريباً ولادة حكومة الوحدة الوطنية". وأكد رئيس الجمهورية ميشال سليمان أثناء زيارته البطريرك الماروني نصرالله صفير للمرة الأولى منذ انتخابه، أن لا صعوبات ولا مشاكل تواجه تشكيل الحكومة. وعقد سليمان خلوة مع صفير، فيما تركت زيارة الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي بيروت اول من أمس وإعلانه دعم لبنان وسليمان انطباعات إيجابية في الوسط السياسي اللبناني. وهو كان اطلع على جهود تطبيق اتفاق الدوحة وأكد للذين التقاهم من قادة الأكثرية ان انفتاح باريس التدريجي المتوقع على سورية لن يكون على حساب لبنان. وفي وقت قالت مصادر مقربة من الأكثرية ان عدداً من قادتها دعوا الرئيس الفرنسي الى احتساب خطواته بالانفتاح على سورية في شكل جيد حتى لا يصاب بخيبة أمل مثلما حصل معه عند مبادرته الى التحدث مع الرئيس بشار الأسد من اجل تسهيل انتخاب رئيس الجمهورية في الخريف الماضي، مشيرة الى انه استمع باهتمام الى ملاحظات بعضهم، فإن مصادر في الأكثرية والمعارضة اتفقت على ان المحادثة التي جرت بين الرئيس الفرنسي وعدد من أقطاب طاولة الحوار كانت مفيدة جداً، ولا سيما منها حديثه مع رئيس كتلة نواب"حزب الله"محمد رعد. وأوضح عدد من المسؤولين الرسميين والسياسيين ان الرئيس الفرنسي من النوع الذي يفتح النقاش مع محدثيه بالتطرق فوراً الى الموضوع الجوهري الذي يريد بحثه، ولذلك وقف لدقائق مع قلة من القادة الرئيسيين أثناء الغداء الرسمي الذي أقامه على شرفه الرئيس سليمان وناقش مع كل منهم مواضيع محددة وسأل أسئلة مركزة. كما استمع الى آراء محددة بمواضيع محددة. وقالت مصادر متطابقة ل"الحياة"ان الجميع لاحظ ان المحادثة الأطول كانت بين ساركوزي والنائب رعد، ليس فقط بسبب الحاجة الى ترجمة الحوار بينهما، والذي تولاه في البداية الرئيس سليمان الذي جال معه على طاولات بعض المدعوين الذين اختار ساركوزي محادثتهم، قبل ان تنضم مترجمة الرئيس الفرنسي إليه، بل نظراً الى المواضيع التي أثيرت مع رعد. وعلمت"الحياة"ان بين ما ناقشه ساركوزي مع رعد هو قضية تحرير مزارع شبعا المحتلة بالوسائل الديبلوماسية. وسأل الرئيس الفرنسي:"هل تعتقدون بإمكان تحرير المزارع عبر العمل الديبلوماسي، خصوصاً ان هذا يؤدي الى حل مشكلة أرض لبنانية محتلة؟"، وقالت مصادر اطلعت على فحوى المحادثة ان"حزب الله"أبلغ ساركوزي انه لا يمانع في ذلك. وذكرت مصادر لبنانية ل"الحياة"ان موضوع الانسحاب الإسرائيلي من مزارع شبعا كان مدار حديث أيضاً أثناء المحادثات بين الرئيس الفرنسي وبين الرئيس سليمان الذي اعتبر ان الانسحاب الإسرائيلي يمهد لاتفاق بين اللبنانيين على استراتيجية دفاعية ومعالجة مسألة السلاح. كما ان موضوع تحرير مزارع شبعا أثير في أحاديث بين ساركوزي ورسميين آخرين منهم رئيس الحكومة المستقيلة، والمكلف تأليف الحكومة الجديدة، فؤاد السنيورة. وأكدت المصادر نفسها ان ساركوزي التقط المناسبة وأبلغ محاوريه في شأن هذا الموضوع أنه سيطرحه خلال زيارته المرتقبة لإسرائيل والأراضي الفلسطينية المحتلة بين 21 و24 الجاري وسيدفع باتجاه تبني الأممالمتحدة آلية في هذا الصدد تقضي بوضع المزارع المحتلة في عهدة الأممالمتحدة تمهيداً لترسيم الحدود بين لبنان وسورية في هذه المنطقة واستعادتها الى السيادة اللبنانية من قوات"يونيفيل"لاحقاً. وهي آلية سبق ان وافق عليها مؤتمر الحوار الوطني وتضمنتها النقاط السبع التي أقرتها الحكومة إبان العدوان الإسرائيلي في تموز يوليو عام 2006، وتطرق إليها من دون تفاصيل القرار الدولي 1701 داعياً الأممالمتحدة الى النظر في تطبيقها. أما على صعيد جهود تأليف الحكومة، فإن مصادر الرئيسين سليمان والسنيورة بقيت على تكتمها مؤكدة انهما يقننان الحديث عن الصيغ المطروحة والمخارج الممكنة وطبيعة العقد، خصوصاً أن الثاني يفضّل إبقاء ما لديه من لوائح وتشكيلات"مضمومة الى صدره"على طريقة لعبة البوكر لأن الأمور دقيقة ويتجنب الحديث، حتى أمام المقربين منه، عن أي توقعات في شأن موعد حلحلة العقد وإعلان التشكيلة الحكومية نظراً الى دقة العملية وسط المطالب المتعددة التي تواجهها. ويكتفي الرئيسان سليمان والسنيورة بالقول لمن يسألهم من السياسيين عن مصير جهود التأليف ان لا جديد وأن الاتصالات متواصلة في هذا الشأن. ومع ان السنيورة لم يجتمع خلال عطلة نهاية الأسبوع مع أي من فرقاء المعارضة كما فعل حين التقى موفداً من زعيم"التيار الوطني الحر"العماد ميشال عون وآخر من"حزب الله"ثم رئيس البرلمان نبيه بري، فإن مصادره أكدت ان الاتصالات الهاتفية مع الفرقاء استمرت وأن النقاش مع أطراف المعارضة متواصل بطرق مختلفة. إلا ان مصادر كل من الفريقين ترمي مسؤولية وضع العراقيل على الفريق الآخر. وتقول مصادر المعارضة ان لا مشكلة في معالجة مطالبها. كما ان مصادر مقربة من بري ترى ان المصاعب لا تتعلق بمطلبي العماد عون الحصول على حقيبة سيادية ثانية المال أو الدفاع و"حزب الله"الحصول على حقيبة خدمات اضافية وهي تحديداً الاتصالات وأن هذين المطلبين ليسا ثابتين، وتضيف هذه المصادر:"ان العقبة تكمن في تنافس قوى 14 آذار على الوزارات إن على صعيد السنّة حيث يصر زعيم تيار"المستقبل"على اسماء مقابل إصرار السنيورة على أخرى، أم على صعيد مسيحيي الأكثرية الذين يتنافسون على مقاعد في وقت للسنيورة والحريري مطالب على الصعيد المسيحي". وفي المقابل تقلب مصادر الأكثرية الصورة وتؤكد ان لا مشكلة في التمثيل السنّي على الإطلاق وأنه اذا كان توزيع المقاعد على مسيحيي 14 آذار لم يُتفق عليه بعد مقرة بوجود تنافس على هذا الصعيد فإن هذا الأمر لا يشكل عقبة لأن مسيحيي الموالاة حين يستمعون الى رفع العماد عون سقف مطالبه بالتوزير المسيحي وبالمطالبة بحقيبة سيادية ستذهب إما من حصة رئيس الجمهورية 2 أو الحقيبة الوحيدة التي ستحصل عليها الأكثرية المال للسنّة فإنهم يزيدون مطالبهم بتوزير الرموز المسيحيين في 14 آذار. وتضيف مصادر الأكثرية:"فور تخلي العماد عون عن سقف مطالبه العالي فإن التوزير على الصعيد المسيحي في 14 آذار سيجد حلاً أوتوماتيكياً له". وتقول مصادر الأكثرية ان رفع سقف المطالب من جانب المعارضة في الحقائب الخدماتية يعود ايضاً الى رغبتها في إثبات نيتها الإيجابية في الاستحصال على حقيبة للنائب والوزير السابق طلال أرسلان، الذي وافق رئيس"اللقاء النيابي الديموقراطي"وليد جنبلاط على ان تأتي من الحصة الدرزية، لمصلحة المعارضة، وفق مطلب"حزب الله"، على ان تكون الحقيبة الوزارية التي يصر أرسلان على توليها من حصة الحقائب الوزارية للمعارضة وليس من حصة حقائب الأكثرية، فيما يدعو أقطاب في المعارضة حلفاء لأرسلان الى الاكتفاء بإسناد وزارة دولة من دون حقيبة إليه، كي يتمكن عون و"حزب الله"و"أمل"من الإفادة من الحقائب في الانتخابات النيابية المقبلة. وشددت مصادر الأكثرية على ان التوزيع الذي عرضه السنيورة على الرئيسين سليمان وبري، لم يلق اعتراضاً منهما لأنه عادل ومتوازن ويستند الى اتفاق الدوحة في نسب الحصص، إذ أعطى الأرجحية لرئيس الجمهورية في الحقائب السيادية الأربع كرئيس توافقي، ووزع الحقائب الخدماتية 18 حقيبة وفقاً لنسب اتفاق الدوحة النصف +1 للأكثرية والثلث+1 للمعارضة، وكذلك وزراء الدولة وأمّن المساواة بين الطوائف الكبرى الثلاث الموارنة والسنة والشيعة في مجمل الحقائب وفق العرف الذي تكرّس في الثمانينات ثم بعد اتفاق الطائف... وتعتبر مصادر الأكثرية ان السنيورة في تشكيلته التي تضمنت التوزيع الذي اقترحه راعى التوازنات في شكل لم يعترض المعنيون عليه، باستثناء عون وجزئياً"حزب الله". من جهة ثانية، وصل الى بيروت مساء وزير الخارجية البريطاني دايفيد ميليباند، والتقى فور وصوله الرئيس بري ليل أمس، على أن يلتقي اليوم، الرئيسين سليمان والسنيورة. وقال ميليباند:"مرت على لبنان تجارب صعبة ولكن اتفاق الدوحة هو خطوة في الاتجاه الصحيح".