أكتب منتصراً لإيران أعترض على النظام كله من المرشد نزولاً. وأعترض على تطرف محمود أحمدي نجاد وخطاباته عن زوال اسرائيل عن الخريطة ونهاية الولاياتالمتحدة. وأرفض تدخل ايران في الشؤون الداخلية للعراق والخليج ولبنان وكل مكان آخر. وأرد الى طهران تهمة الاستكبار التي توجهها بانتظام الى الغرب، فهي تمارس الاستكبار في رفضها التفاوض على الجزر الإماراتية الثلاث التي تحتلها. كما يرى القارئ، فعندي اعتراضات على الممارسات الإيرانية داخلياً واقليمياً ودولياً، ثم انتصر لها في موضوع واحد فقط هو البرنامج النووي الذي أرجو أن تكون تكذب في ما تزعم عنه، وأن يكون فعلاً لإنتاج قنبلة نووية. طبعاً لا يتمنى أي عاقل انتشار الأسلحة النووية، خصوصاً عندما تصل الى أيدي حكومات غير مسؤولة، وامتلاك ايران سلاحاً نووياً لم يكن أمنيتي الأولى أو الثانية، فالأفضل للشرق الأوسط كله أن يكون مجرداً من أسلحة الدمار الشامل، وهذا أمنية كل عاقل في المنطقة وأنا من هؤلاء. غير أننا نعرف أن اسرائيل تملك ترسانة نووية ووسائل إيصالها الى أهدافها، لذلك كانت أمنيتي الثانية أن تطور الدول العربية القادرة سلاحاً نووياً للرد على اسرائيل. غير أن ليبيا لم تكن جادة، وسورية تنكر أن الموقع الذي أصيب في غارة اسرائيلية هو نووي، ولا أعرف الحقيقة، والدول الأخرى لم تعلن الاهتمام بأي برنامج نووي عسكري، لذلك كانت الأمنية الثالثة التي وصلت اليها مضطراً لغياب إمكانات تحقيق أي من الأمنتين الأوليين. اذا كان من شيء مشجع في البرنامج النووي الإيراني فهو أنه حفّز الدول العربية على السعي لامتلاك الطاقة النووية للاستعمال في الأغراض السلمية. وطالما أن اليورانيوم المخصب يمكن أن يستعمل سلماً أو حرباً، فإن الدول العربية ستكون على طريق السلاح النووي اذا استمر الصراع مع اسرائيل ولم تقم دولة فلسطينية مستقلة. محور الشر الحقيقي، أو اسرائيل ولوبي اسرائيل والمحافظون الجدد، يقود حملة لدفع أميركا نحو توجيه ضربة عسكرية للمنشآت النووية الإيرانية، اذا حصلت قبل ترك جورج بوش البيت الأبيض فستفيض عن حدود ايران الى المنطقة كلها، وندفع الثمن مرة أخرى من أرواحنا ومستقبل أبنائنا. ايهود أولمرت دعا في اللوبي اليهودي ايباك الى وقف التهديد الإيراني بكل الوسائل. وقال إن على الأسرة الدولية أن تتحمل مسؤولياتها وتفهم ايران أن الاستمرار في السعي لامتلاك سلاح نووي ستكون له مضاعفات وخيمة. هذا الكلام ينطبق حرفياً على اسرائيل فنحن ندعو الى وقف التهديد النووي الإسرائيلي، وندعو الأسرة الدولية الى تحمل مسؤولياتها، لأنه لا يمكن أن يقبل انسان أن يبقى السيف النووي الإسرائيلي مسلطاً على رأسه، وهناك في اسرائيل حكومة نازية تمارس ضد الفلسطينيين ما يهدد به أحمدي نجاد اسرائيل من دون أي قدرة على التنفيذ. أولمرت اتبع خطابه في"ايباك"بحثّ الرئيس جورج بوش على ضرب ايران اذا لم توقف برنامجها النووي. وكانت وزيرة الخارجية الإسرائيلية تسيبي ليفني قالت قبل ذلك بيوم في لجنة الشؤون الخارجية والدفاع في الكنيست ان على ايران أن تفهم أن الخيار العسكري لم يستبعد ولا يزال على الطاولة. الوضع اليوم هو ذاته عشية غزو العراق، فالكذب وتزوير الأدلة وتخويف الناس هو نفسه، ونسمع وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس تقول إن التفاوض مع ايران عبث، كما قيل عن صدام حسين، ثم مزاعم أن ايران تتدخل في العراق، ولا بد أنها تفعل فلها حلفاء، غير أن قوات الاحتلال لم تقدم دليلاً على وجود أسلحتها داخل العراق، مع أن مكتب نائب الرئيس ديك تشيني جعل المتفجرات المضادة للعربات المدرعة من مسلمات الحملة على ايران، وموقف تشيني معلق فهو يريد ضربة عسكرية لوقف البرنامج الإيراني، بل إن عصابة الحرب من الوقاحة ان تزعم ان ايران والقاعدة تتعاونان، وهو أكثر استحالة من التهمة التي وجهت الى نظام صدام حسين وثبت كذبها المتعمد في النهاية. مرة أخرى، انتصر لإيران في الموضوع النووي، أو أنني بكلمات أخرى أعارض برنامج اسرائيل. وكانت لجنة الطاقة الذرية الدولية اتهمت ايران الشهر الماضي بالمراوغة في عدم الرد على أسئلة معينة عن برنامجها، مع أن رئيس الوكالة الدكتور محمد البرادعي قال لي ان ليس عند الوكالة دليل على برنامج نووي عسكري، وهو ما قالت الاستخبارات الأميركية أيضاً ثم تراجعت عنه تحت ضغط عصابة الحرب. ايران تقلقني على أصعدة كثيرة، إلا أنني أرجو أن تكون تكذب عندما تتحدث عن برنامج نووي سلمي.