الملك عبدالله بن عبدالعزيز أعلن باسم الأمة كلها في الرياض"... لن نسمح لقوى من خارج المنطقة بأن ترسم مستقبل المنطقة". وهو تحدث عن فلسطين الجريحة والشعب المحروم من حقه في الدولة، وعن العراق والاحتلال غير المشروع وخطر حرب أهلية، وعن لبنان المشلول عن الحركة وخطر الفتنة يتهدده، وعن السودان والصومال. أتوكأ على كلمات خادم الحرمين الشريفين للحديث اليوم عن ايران، ففيما كان القادة العرب في مؤتمرهم رأيت رسماً كاريكاتورياً أميركياً يُظهر ايران وهي تحمل قنبلة نووية، والعربي يقفز فزعاً في حضن ايهود أولمرت. كما نشرت"الهيرالد تربيون"مقالاً لضابط استخبارات اسرائيلي خلاصته أن القادة العرب قلقون بسبب ايران و"شارعهم"قلق على الفلسطينيين. هناك محاولة لتخويفنا من ايران وبرنامجها النووي، وهناك خطة أو خطط لاحتواء ايران أو ضربها تشترك فيها اسرائيل وعصابة الحرب الأميركية، مع مشاريع قديمة مستمرة لتوريط العرب في مواجهة مع ايران تدمر المنطقة على رؤوس أهلها ولا يستفيد منها سوى اسرائيل. هل صحيح أن القادة العرب قلقون من ايران أو خائفون؟ لنبدأ بأكبر دولة عربية، أي مصر، فلا شيء تفعله ايران يمكن أن يقلق مصر لبعد المسافة، وعدم وجود قضايا متنازع عليها، وهذا ينطبق على دول مثل المغرب والجزائر وتونس. المملكة العربية السعودية لها علاقات كثيرة مع ايران، وتعاون أمني بما يفيد البلدين، وقد رأينا الوساطة السعودية - الإيرانية المشتركة لحل الأزمة اللبنانية. سورية حليفة ايران. الأردن لا يخاف ايران، أو يختلف معها على أمر. وبعد أن تحدث الملك عبدالله الثاني عن"الهلال الشيعي"سألته عن الموضوع وقال إنه تحدث عن هلال سياسي لا ديني. ومن الأردن الى فلسطين وشمال افريقيا كله المسلمون العرب من السنّة، ولا مجال لخلاف سنّي - شيعي هناك. الدول العربية الصغيرة في الخليج قلقة من البرنامج النووي الايراني، وأيضاً من تطرف حكومة محمود أحمدي نجاد، إلا أنها لا تخاف من ايران، فهذه لن تغزوها. وخوفها أكبر كثيراً من حرب على ايران يصيبها شررها. هل هناك فعلاً في ايران ما يخيف؟ اسرائيل وحدها هي الخائفة، والسبب أنها كذبت في موضوع أمنها حتى صدقت كذبتها، وايران النووية لا يمكن أن تهدد اسرائيل، فالأسلحة النووية انتحار متبادل. والولاياتالمتحدة قلقة من البرنامج النووي الايراني أو خائفة الى درجة التهديد بضربة عسكرية، غير أن أسباب الولاياتالمتحدة للخوف من ايران أكثر هشاشة من أسباب اسرائيل، فلو افترضنا جدلاً أن ايران تملك اليوم مئة قنبلة نووية ومئة صاروخ بعيد المدى فكيف يمكن أن تهدد الولاياتالمتحدة؟! ما يهدد الولاياتالمتحدة هو سياستها الخرقاء التي استعدت عليها شعوب العالم لا العرب والمسلمين فقط، وهي سياسة تجمع بين أحلام الامبراطورية لجناح المتطرفين بقيادة نائب الرئيس ديك تشيني، وبين التبعية لإسرائيل، كما رأينا في مواقف الكونغرس المباع والمشترى، الى درجة حذف شرط أن يستأذن الرئيس الكونغرس قبل القيام بإجراء عسكري ضد ايران. العصابتان التقتا في مؤتمر ايباك في واشنطن هذا الشهر، ووبخ تشيني اليهود الحاضرين لأنهم يؤيدون أميركا في العراق، ولا يؤيدونها ضد ايران، وهي في الواقع اشارة الى أن 80 في المئة من اليهود الأميركيين ليبراليون ديموقراطيون وبعيدون عن الحزب الجمهوري وسياساته. أما ايهود أولمرت الذي خاطب المؤتمر عبر الأقمار الاصطناعية فحضّ أميركا على النجاح في العراق، أي على قتل مزيد من شباب أميركا خدمة لاسرائيل، وزاد أن أي نتيجة أخرى ستضعف قوة أميركا في نظر شعوب المنطقة على التعامل بفعالية مع الخطر الإيراني. وأرجو من القارئ أن يراجع معي كلمات أولمرت مرة ثانية فهو يحرض الولاياتالمتحدة على"تكسير رؤوس"شعوب المنطقة، فلا يشجعها أي فشل أميركي على الوقوف ضد مصالح أميركا، أي اسرائيل، ما يعيدني الى كلمات الملك عبدالله بن عبدالعزيز عن ضرورة منع قوى من خارج المنطقة من رسم مستقبل المنطقة. نحن لا نخاف شيئاً من ايران، قد نعترض على حكومتها يوماً، إلا أن ما يجمع العرب والايرانيين لا تفرقه حكومة تأتي وتروح. والولاياتالمتحدة لا سبب عندها للخوف من ايران حتى لو كانت تملك أسلحة نووية، ومع ذلك المنطقة كلها على حافة حرب أخرى بسبب اسرائيل، ففي كل يوم خبر عن ايران"وخطرها"، وملف آخر هذه الأخبار الاسرائيلية عندي يبدأ بيوم نظمت"يديعوت أخرونوت"قبل شهرين ندوة عن ايران على هامش مؤتمر هرتزليا السابع. اقرأوا معي هذا الخبر في"واشنطن تايمز"اليمينية: ايران تدرب فرق الموت العراقية؟ فهو ينسب الى عضو في"مجاهدين خلق"هو علي رضا خليل زاده كشف هذه المعلومات. اقترح أن نضع"نيويورك تايمز"محل"واشنطن تايمز"، وجوديث ميلر محل كاتب الخبر، والمؤتمر الوطني العراقي محل"مجاهدين خلق"، وأحمد جلبي محل علي رضا جعفر خليل زاده، ثم نعود الى الأشهر التي سبقت الحرب على العراق لنعرف ما يدبر لنا، إذا لم نرسم مستقبلنا بأنفسنا.