تخدعك الرؤيا. ترى الواقع مغايراً كمرايا مكسرة، تريك الأمور على غير حقيقتها. الرؤيا الوحيدة الجانب تشوه حقيقة الأمور تجعلها ملتبسة مغايرة، حين نغض الطرف عن صفحات مشرقة في صدر الإسلام لنذكر الجانب غير المشرق من تاريخنا. الجدل السياسي الثقافي المذهبي المحتدم في لبنان حول قضايا خلافية بحدة قبل اتفاق الدوحة وبحدة اقل بعده: وفي أتون جدلية العلاقة بين السياسي والمذهبي يستحضر دوماً المقدس ويجري توظيفه لأغراض سياسية. ان استدعاء الموروث جعل اللبنانيين مفسرين مجتهدين في الموروث الإسلامي عن حقبة صدر الإسلام. لكن الملاحظ ان الحوار يبلغ حد الإسفاف حين يتداوله العامة، ما يشي بتدني مستوى الوعي السياسي والثقافي في تعقيدات الأزمة اللبنانية: جدل السياسي بالمذهبي يجري في ظل غياب تام لأحكام العقل والمنطق. ان غياب المنطق والعقلانية في لغة العامة جدلها المذهبي واستحضار المقدس في الجدل للبرهان على صحة دعوى كل من الفريقين سنة وشيعة في هذا الوقت بالذات يؤجج حدة الخلاف ويزيد من تعقيدات الأزمة ويجعلها عصية على الحل، هذه الدعاوى تضر بالفريقين وتوسع الهوة وتزيد في الشرخ. الحوار المذهبي المتداول في الأوساط الشعبية يجري بلغة هابطة خطورتها أنها تشيع البغضاء والكراهية بين أبناء الوطن الواحد. إن الماضوية تتجلى في خطاب مذهبي مترهل وفي البعد عن الواقع في استدعاء الموروث وحيثيات ما حدث في صدر الإسلام من خلافات. هذا المنطق الذي يستعيد سلبيات الماضي دون الحديث عن أروع صفحات التاريخ الإسلامية إشراقاً صدر الإسلام ليتحدث عما وقع بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم وتولي الشيخين رضي الله عنهما الخلافة. ينبغي التنبه الى ان مثل هذه الأقاويل تشعل نار الفتنة، وعى من يروجها أم لم يع، لكنها في المحصلة النهائية ماضوية لا تستند الى حقائق التاريخ بمقدار ما تعمل على تشويهه. في خضم الجدل العقيم وفي لغة بعيدة من أدب الحوار تناولت"الحياة"صباح 27 أيار مايو 2008 فوجدت في الصفحة الأولى صورة للمسبار الفضائي وقد حط على سطح المريخ والصورة توضح المسبار وجانباً من سطح الكوكب الأحمر وقد قطع المسبار كما جاء في"الحياة"مسافة 600 مليون ميل وأرسل صوراً عن أرض المريخ بعد ان حط على أرضه بأمان. ألا يستدعي ما نحن فيه من جدل ماضوي وما عليه غيرنا من تقدم علمي معلوماتي التأمل والاستغراق؟ محمد زهري حجازي - عضو اتحاد الكتاب اللبنانيين- طرابلس لبنان