عندما انتهت مباراة روسيا واسبانيا في الدور الأول من كأس أوروبا 2008 بنتيجة 4-1 لأبناء شبه الجزيرة الأيبيرية، كان الانطباع أن رجال المدرب لويس اراغونيس دخلوا قائمة المرشحين، وان أحفاد السوفيات سيخرجون مرة جديدة من الباب الخلفي في شكل باكر. لكن من يدقق في مجريات هذه المباراة يخرج بملاحظات عدة، كانت مؤشراً لما سيتبع في الجولات اللاحقة، فمن الطرف الاسباني سجل مهاجم فالنسيا دافيد فيا الهاتريك الأول في المسابقة في مدينة انسبروك النمساوية، وتربع على لائحة الهدافين، وكان زميله في خط الهجوم نجم ليفربول الانكليزي فرناندو توريس، الممول الرئيسي لأهدافه الثلاثة قبل أن يخرجه المدرب في الشوط الثاني. وعلى الضفة الروسية، استهل"سندباد"المدربين الهولندي غوس هيدينك بطولته بتشكيلة قضي عليها وهي في مهد اللقاء الأول مع ال"فوريا روخا"، لكن مهاجم سبارتاك موسكو الروسي رومان بافليوتشنكو ترك بصمة الشرف في الدقيقة 86 من المباراة في مرمى الحارس ايكر كاسياس، ليعلن أن للحديث الروسي تتمة. خاض بافليوتشنكو المباراة الأولى ونصفه المفترض اندري ارشافين يمضي عقوبة الإيقاف، نتيجة حركة سخيفة نال على إثرها بطاقة حمراء أمام اندورا في اللقاء الأخير ضمن التصفيات، فبقي"الولد الذهبي"المولود في لينينغراد غائباً حتى المباراة الثالثة الأخيرة، التي تحول فيها الروس من فريق عادي إلى قصة خرافية اتبعوها بأداء خارق في ربع النهائي"عصروا"فيه البرتقالة الهولندية. واللافت أن فيا يكبر بافليوتشنكو ب12 يوماً فقط، والاثنان يتنافسان على لقب الهداف، في وقت يتقدم فيه مهاجم فالنسيا بنقطة واحدة بفضل الهاتريك الوحيد المسجل حتى الآن في المسابقة. رأس حربة اسباني من هنا وآخر روسي من هناك، غير أن العقل المدبر لهجوم الطرفين يتمثل بارشافين وتوريس. لكل بطولة نجمها الذي يبقى في أذهان الكثيرين لسنوات طويلة، فهل من المعقول أن يدخل لاعب إلى القلوب في السرعة التي طرق بها ارشافين أبواب المشاهدين من دون إذن؟ لاعب هادئ، سريع، ذكي، شيطاني الموهبة، وغيرها من الصفات التي أطلقت على نجم زينيت سان بطرسبورغ المتوج بلقب كأس الاتحاد الأوروبي أخيراً. يبقى توريس او ال"نينيو"كما يحب عشاقه أن يسموه، فالطفل الصغير البريء الوجه كان دوماً شريراً بالنسبة إلى حراس المرمى أكان مع ناديه السابق اتلتيكو مدريد أو الحالي ليفربول الانكليزي. توريس وفيا في مواجهة ارشافين وبافليوتشنكو، سلاح من الأقوى؟ وكلمة أي ثنائي ستكون الفاصلة غداً على ملعب ارنست هابل في فيينا؟ أيا تكن النتيجة، لا شك في أن صاحب اسم الملعب، أي المدرب النمساوي الراحل هابل كان سيفخر في مشاهدة هذا الرباعي يزين كأس أوروبا 2008 على أرضه.