استضافت العاصمة النمسوية فيينا امس، المؤتمر الدولي للمانحين لجمع اموال بهدف اعادة بناء مخيم نهر البارد للاجئين الفلسطينيين في شمال لبنان الذي نظمته الحكومة اللبنانية بالاشتراك مع البنك الدولي ووكالة الاممالمتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين"اونروا". وأعلنت وزيرة الخارجية النمسوية أورسولا بلاسنيك أنه تم الاكتتاب بمبلغ 122 مليون دولار أميركي لإعادة إعمار المخيم والقرى المحيطة به، وهو يقتصر على الدول الأوروبية والغربية، أما بالنسبة الى الدول العربية فسيعقد في الرياض في الأول من شهر تموز المقبل اجتماع للصناديق العربية لكي تعلن الدول العربية عن المبالغ التي ستكتتب بها. واعلن الرئيس المكلف تشكيل الحكومة اللبنانية فؤاد السنيورة ان دول الخليج العربية الاربع ستساهم بحدود 50 في المئة في نفقات اعادة اعمار مخيم نهر البارد، وسمى المملكة العربية السعودية وقطر والكويت والامارات العربية المتحدة، وقال ان الباقي ستقدمه الأسرة الدولية، لكنه لم يحدد قيمة مساهمة كل دولة من هذه الدول الاربع. وكان رئيس الوزراء الفلسطيني سلام فياض اعلن في بداية المؤتمر عن تقديم منظمة التحرير الفلسطينية مساهمة بقيمة عشرة ملايين دولار. وأكد امام الصحافيين ان من اجل"التوصل الى حل للمسألة الفلسطينية بحلول العام 2008, على الاسرة الدولية ان تتحقق من وقف اسرائيل سياستها الاستيطانية"في الاراضي الفلسطينية. أقيم المؤتمر في مركز المؤتمرات في هوفبورغ - القصر الامبراطوري القديم في فيينا، في حضور الرئيس السنيورة وفياض والامين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى والمفوضة الأوروبية للشؤون الخارجية بينيتا فيريرو فالدنر والوزيرة بلاسنيك. وقدرت وكالة"اونروا"المبالغ المطلوبة لإعادة اعمار المخيم و15 قرية قريبة منه ب 450 مليون دولار. كلمة السنيورة وألقى السنيورة كلمة في جلسة إلافتتاح شكر فيها باسم رئيس الجمهورية ميشال سليمان وباسمه النمسا"التي تستضيفنا والاتحاد الأوروبي وجامعة الدول العربية ووكالات الأممالمتحدة، ووكالة"اونروا"والسلطة الفلسطينية، لمساهمتهم في الدعوة وتنظيم هذا الاجتماع وحضوره". وقال:"إن إعادة إعمار مخيم نهر البارد للاجئين الفلسطينيين والمناطق المجاورة تشكل تحدياً غير مسبوق من نواح عدة، وهو تحد لم نكن مهيئين لمواجهته وهو ما يتطلب منا وضع كل إمكاناتنا وخبراتنا معاً لتحويل عملية إعادة إعمار المخيم إلى فرصة لمستقبل أفضل". وقال السنيورة:"اننا لا نعيد فقط بناء مخيم اللاجئين الفلسطينيين، فعلى المستوى الإنسانيِ، نحن نعيد أيضاً بناء مجتمع مؤلف من أكثر من 33 الف شخص، دمرت حياتهم جراء أعمال إرهابية أدت إلى دمار المخيم". وأكد حرص لبنان"على أن هذه المأساة لن تتكرر، وأن نتائجها لن تتحول إلى كارثة أخرى، خصوصاً وأن كل الأمور على المحك الآن بالنسبة الينا جميعاً". وذكر بالأحداث التي شهدها المخيم وقال:"علمنا تماما أننا لسنا وحدنا في هذه المعركة، وقررنا ألا نسمح بتحويل بلادنا إلى ملجأ آمن لمن يهدد أمننا وأمن المنطقة والعالم، وكذلك تلقينا تطمينات من عدد من الدول الشقيقة بأنها ستؤمن الدعم الضروري للبنان في مواجهة نتائج هذا الاعتداء الإرهابي. ولولا عزيمة الحكومة اللبنانية وتصميم قواتها الشرعية لما كان بالإمكان الانتصار على الإرهابيين". وأشار الى انه"خلال ثلاثة أشهر من المعارك استشهد 180 جندياً لبنانياً شجاعاً من خيرة جنود جيشنا إضافة إلى خمسين مدنيا"، لافتاً الى"ان قواتنا العسكرية بذلت أقصى ما يمكن لتحييد المدنيين والحفاظ على سلامتهم، دفعنا ثمناً باهظاً جداً، ومثل هذه التضحية بالحياة لا يمكن أن تعوض. والآن، وبالتصميم نفسه، علينا أن نواجه معاً نتائج الحرب، فنحن أمام مسؤولية مشتركة مع العالمين العربي والدولي". واذ لفت الى"ان العدد الأكبر من شهداء الجيش اللبناني كانوا من أبناء أهالي القرى اللبنانية المجاورة وأجبر العديد منهم على ترك بيوتهم. هذه المنطقة التي تعتبر إحدى أكثر المناطق اللبنانية فقراً وقد تعطلت فيها العجلة الاقتصادية بالكامل جراء هذه الأحداث"، اكد ان"الحكومة اللبنانية لم توفر أي جهد لتأمين الملجأ الموقت وعمليات الإغاثة وعملت في الوقت نفسه على منع هذا النزاع من التأثير في العلاقات بين الشعبين اللبنانيوالفلسطيني، وبمساعدتكم الإنسانية الثمينة، تعاون المجتمع المدني اللبنانيوالفلسطيني والمنظمات غير الحكومية الوطنية والدولية، فأدينا مجتمعين دوراً مهماً في منع الانهيار وتعزيز العلاقات وتقديم المساعدة لذوي الحاجة. هذه العملية الإغاثية الطارئة يجب أن تستمر بينما نتجه الآن نحو مرحلة إعادة الإعمار والتنمية". وأشار الى ان"منذ بداية المعارك أطلقت الحكومة اللبنانية شعاراً أساسياً بأن خروج سكان المخيم موقت، وعودتهم مؤكدة وإعادة إعمار المخيم محتمة". وقال:"إننا مصممون على تحقيق ما وعدنا به لإعادة الحياة الطبيعية والكريمة لسكان المخيم، علينا إعادة إعمار المخيم وإعادة بناء العلاقات أيضاً بين اللبنانيينوالفلسطينيين لتكون نموذجية على جميع الصعد". وأعلن السنيورة"أن الحكومة اللبنانية كانت ولم تزل مصممة على تأييد حكم القانون وبسط سيادة الدولة اللبنانية في المخيم. وإن الأمن يشكل عنصراً ضرورياً لتأمين الاستقرار والدعم لجهود التنمية". وأضاف السنيورة:"إن حجم التحديات التي نواجهها هائل وإعادة الإعمار تتطلب تضافراً للجهود". وقال ان"لبنان لا يملك وحده القدرة على إنجاز هذه العملية إلا أنه يجب إنجازها، وبمساعدتكم، يصبح ذلك ممكناً. الفلسطينيونواللبنانيون معروفون بشجاعتهم، ودعم المجتمع الدولي هو كل ما يحتاجونه لإعادة البناء والمضي قدماً في سبيل مستقبل أفضل". وإذ حمل المجتمع الدولي مسؤولية المأساة التي مر بها اللاجئون الفلسطينيون منذ ستين سنة اكد ان"تأمين حاجاتهم كان ويبقى مسؤولية المجموعة الدولية". وقال:"عانى اللاجئون الفلسطينيون من دون شك من الكثير. لكن الكلفة على لبنان كانت عالية جداً أيضاً. فقد اهتز أحياناً السلام والاستقرار في لبنان بسبب غياب الحل العادل لقضية اللاجئين الفلسطينيين. والأهم، كان لبنان ضحية الاعتداءات والاجتياحات الإسرائيلية العديدة التي أوقعت الضحايا والدمار على اللبنانيينوالفلسطينيين على حد سواء. كما أن الكلفة الاقتصادية على لبنان كانت هائلة. لذا، وبسبب كل ما تقدم، يجب أن تكون مقاربتنا شاملة ورؤيوية. فليكن هذا المؤتمر دعوة لتحمل المسؤولية بوعي وحكمة". وخاطب السنيورة الحضور بالقول:"نعتمد على دعمكم الكامل، إذ لا مكان لأنصاف الحلول، الحلول الجزئية ليست حلاً في هذا الإطار. لبنان لا يستطيع تحمل الفشل في إعادة إعمار مخيم نهر البارد. والعجز عن جمع الأموال الضرورية لإعادة إعمار المخيم سيؤدي إلى تعميم حال اليأس بين اللاجئين الفلسطينيين وستكون لهذه الحال انعكاسات سيئة إقليمياً وعالمياً أعلى بكثير من كلفة إعادة إعمار المخيم والمناطق المجاورة". وشدد ايضاً على"ان مشروع إعادة إعمار المخيم والمناطق المجاورة لا يمكن أن ينفذ جزئياً. فالمخيم بكامله بحاجة إلى إعادة الإعمار وعلى كل الجهود أن تنصب لإيجاد البيئة السليمة والصحية التي يستطيع الفلسطينيون أن يعيشوا من خلالها بسلام حتى عودتهم إلى وطنهم. نريد إيجاد نموذج جديد من التلاقي اللبناني - الفلسطيني يؤسس لاستقرار وأمان في كافة أنحاء البلاد". وأكد اهمية مسألة"الشفافية الكاملة والفعالة والمرنة في ما ننجز". وقال:"ستلبي هذه العملية شروط الجهات المانحة ورغباتها، ولهذا الغرض أنشأ البنك الدولي صندوق ائتمان لأموال المتبرعين. كما نرحب بأن تقوم الجهات المانحة بالتنفيذ المباشر لمشاريع إعادة إعمار وتطوير محلي محددة في الجزءين القديم والجديد من المخيم وفي المناطق المجاورة للمخيم في شمال لبنان والتي تأثرت بفعل المعارك". ولفت الى ان بالنسبة الى"برنامج المعونة المالية الذي يستهدف المناطق المتضررة في القسم الجديد من المخيم فسيطبق تحت إشراف صندوق الائتمان وضمن الشراكة مع"أونروا"التي وافقت على إدارة المخطط". وأكد التزام"لبنان المبادرة العربية للسلام التي أعلنت في القمة العربية في بيروت عام 2002، خصوصاً في ما يتعلق بالتوصل إلى حل عادل لمشكلة اللاجئين الفلسطينيين، بما يكفل حقهم بالعودة طبقاً للقرارات الدولية ذات الصلة". المساهمة الاوروبية واعلنت فيريرو- فالدنر باسم الاتحاد الاوروبي عن مساهمة اوروبية بقيمة 45 مليون دولار 28 مليون يورو لاعادة بناء المخيم, مذكرة بأن الاتحاد الاوروبي سبق وقدم 500 مليون يورو لمساعدة الفلسطينيين. وكانت بلاسنيك أكدت في كلمة الافتتاح أن"النمسا استجابت من دون أي تردد لطلب الحكومة اللبنانية مساعدتها في تنظيم هذا المؤتمر"، لافتة إلى أن هذا المؤتمر"سيعطي إشارة واضحة الى موقف المجتمع الدولي تجاه لبنان الموحد الذي يعمل على التقدم نحو مستقبل أفضل كمثال للتعددية والتفاهم المشترك في منطقة حساسة في الشرق الأوسط". وأضافت أن"الشعب الفلسطيني بحاجة كذلك لدعم مماثل في التوصل إلى حل النزاع مع إسرائيل"، مشيرة إلى أن الحكومة النمسوية تدعم مبادرة حركة"فتح"الرامية إلى إطلاق حوار شامل لتحقيق المصالحة الفلسطينية، وتؤيد التقدم في عملية السلام الصعبة في الشرق الأوسط في مساراتها المختلفة ولا سيما توفير الدعم للاجئين الفلسطينيين". وتحولت جلسة الافتتاح الى جلسة مغلقة استكملت خلالها المناقشات بين رؤساء وفود أكثر من 70 دولة مانحة إقليمياً ودولياً. ووصف عمرو موسى في ختام الجلسات المؤتمر ب"الخطوة الايجابية بعد خطوات سلبية عدة". أما ممثل الأمين العام للأمم المتحدة في لبنان يوهان فيربكيه فقال ان"على المجتمع الدولي أن يقتنع بأن اللاجئين الفلسطينيين من حقهم أن يعيشوا بكرامة وحرية، ولكن هذا لا يعني أننا سنقوم بحل المشكلة في شكل إجمالي وإنما هذه المشكلة يجب أن تحل في إطار اتفاقية سلام شاملة". وكرر السنيورة في المؤتمر الصحافي الختامي مطالبة إسرائيل ب"الانسحاب في شكل كامل من مزارع شبعا وتطبيق القرار 425، وهنا لا نتحدث عن القرار 242 بل عن القرار 425 ثم نقوم نحن بتحديد الحدود مع سورية". البيان الختامي وأكد البيان الختامي وقوف"المجتمع الدولي إلى جانب لبنان في تصميمه على إعادة بناء دولة القانون والمؤسسات على رغم كل الاستهدافات التي تطاوله، ما يُعزِّزُ الأمن والاستقرار ليس فقط في الشرق الأوسط بل في العالم كلّه، كما يدعم قرار الدولة اللبنانية بسطَ سيادتها على كامل أراضيها والذي استُهلّ في القرار 1701، ويُستكمل بما اتفق عليه اللبنانيون على اختلاف توجهاتهم في اتفاق الدوحة. كما يشير اللقاء إلى تصميم الدولة اللبنانية على تحويل المخيَّم الجديد إلى نموذجٍ يحتذى تسودُ فيه سلطة القانون، والظروف الإنسانية الكريمة". المساهمة الاميركية ومن المنح التي قدمت خلال المؤتمر، قالت السفارة الاميركية لدى لبنان ان وكيل وزارة الخارجية للشؤون السياسية وليم بيرنز، اعلن عن تخصيص الولاياتالمتحدة مبلغ 22 مليون دولار لمساعدة اللاجئين الفلسطينيين، في مخيم نهر البارد والمواطنين اللبنانيين في المناطق المجاورة". واشارت الى ان"هذا التخصيص يأتي بعد تقديم منحة بقيمة 13,5 مليون دولار من الحكومة الأميركية، تجاوباً مع النداء العاجل الذي أطلقته وكالة"اونروا"في شهر أيلول 2007، وكذلك مبلغ 100,000 دولار أميركي، كمساهمة لمساعدة المناطق اللبنانية المجاورة للمخيم". وأفاد بيان السفارة بپ"ان المساعدة البالغة 22 مليون دولار ستقسم إلى ثلاثة أجزاء: الأول تبلغ قيمته 10 ملايين دولار سيستخدم لدعم عملية إعادة بناء المخيم من قبل"أونروا"، ويشمل المباني السكنية والبنية التحتية والخدمات، بالإضافة إلى توسيع الخدمات التربوية والصحية. أما الجزء الثاني فيبلغ 6 ملايين دولار وسيركز على إنعاش المناطق اللبنانية المحيطة بالمخيم، بما في ذلك أعمال إعادة البناء وخلق فرص العمل وتحسين خدمات النظافة العامة وإعادة تأهيل المدارس وتطوير الأعمال. وأما الجزء الثالث، فيبلغ 6 ملايين دولار مخصصة للمساعدة الأمنية وسيستخدم في دعم قوى الأمن الداخلي اللبنانية وإنشاء مركز شرطة لهذه القوى وتزويدها بالمعدات اللازمة من سيارات للدوريات ومن معدات". وأشار البيان إلى أن"الحكومة اللبنانية والاونروا قدمتا في المؤتمر خطة مشتركة لإعادة بناء المخيم". وتزامناً مع عقد المؤتمر، شهدت المخيمات الفلسطينية في بيروت والمناطق اعتصامات للمطالبة بپ"الاسراع في إعادة إعمار المخيم وعودة ابنائه اليه". ورفع المعتصمون شعارات طالبت بتوفير الاموال من اجل البدء بالإعمار، وتحسين اوضاع النازحين والعائدين، واعلام فلسطينولبنان.