علق الكاتب اللبناني جهاد الزين على مقالات نشرت في صحف سعودية وعربية منتقدة قرار المحكمة الدستورية التركية الذي قضى بمنع ارتداء الحجاب للطالبات الجامعيات، باعتباره مخالفاً للمبادئ العلمانية للدولة، فكتب في"النهار"اللبنانية قائلاً"إذا كان الموقف ينطلق من خلفية الحرص على الحريات، واحترام حق المرأة في اختيار ماذا ترتدي أو لا ترتدي على الرأس، فان نقد الفرض حين يتعلق بمنع الحجاب فقط ينطوي على تناقض غير مبرر بالمعيار الأصلي: حرية الاختيار"، مضيفاً"أن المشكلة في بعض الدول العربية والإسلامية هي في البُعد القسري لفرض ارتداء الحجاب على النساء". لا خلاف مع جهاد أو غيره، على أننا في العالم العربي"نحك"ظهور الأتراك، علماً بأن ظهورنا أولى بالحك منهم. لكن في مسألة الحجاب ثمة أمور جدت في العالم العربي تجاوزت في تسامحها علمانية العسكر في تركيا، فتعريف الحجاب أصبح مثل تعريف الإرهاب، فكما أن للإرهاب ألف تعريف فهناك أكثر منها للحجاب، ولهذا فإن البعد القسري للحجاب تبدل، وإن شئت تهاوى، في دول عربية أمام اختلاف التعريفات وخلاف الفقهاء على وجوبه وشكله، ومن يشاهد النساء في شوارع الرياض والدوحة سيكتشف أن مسألة الحجاب تعرضت لعملية قيصرية، ولم تعد قضية بالمعنى الاجتماعي، كما هو الحال عند العلمانية التركية، فضلا عن أن قسرية الحجاب في عز مجدها، والتي ما زال جهاد الزين يتذكرها، جزاه الله خيراً، لم تصل إلى هذا الاضطهاد الذي تمارسه علمانية العسكر على المحجبات في تركيا، رغم أن العلمانية تدعي أنها تضمن حماية الشعائر الدينية وحرية الاعتقاد، فضلاً عن ثقافة الناس وتقاليدهم. وبعيداً عن جدل حرية الاختيار والتناقض ومفهوم العلمانية عند الأتراك والطليان، هل شاهدت الفتيات التركيات المحجبات وهن يلجن في أكشاك حقيرة وكأنهن مصابات بوباء معد، فيخرجن حاسرات الرأس من الجانب الآخر ليسمح لهن بالدخول من بوابة الجامعة، أو يتحايلن بوضع شعر مستعار وقبعات خاصة من اجل الحصول على حقهن في التعليم العالي، وهل سمعت عن بعض أساتذة الجامعات التركية الذي يمتنع عن إعطاء المحاضرات إذا كان بين الحضور فتاة محجبة، حتى أن الكثير من الفتيات التركيات المحجبات أصبحن أمام خيارين أحلاهما مر إما ترك الجامعة أو السفر للخارج من أجل متابعة دراساتهن. تلك هي صورة النظام العلماني التركي الديموقراطي التحديثي الصاعد في المنطقة.