اعتبرت "الجماعة الإسلامية" في مصر أن الكنيسة القبطية صارت "دولة موازية" تمارس "لعبة خطيرة اعتماداً على الظروف الدولية والإقليمية". وحذرتها من "اللهث وراء السراب" عبر "الاستقواء" بأطراف خارجية. واستنكرت تأجيج بعض رجال الدين المسيحيين"النزعة الطائفية"، مستغلين"أموراً عارضة"، في إشارة إلى أربع حوادث استهدفت أقباطا الأسبوعين الماضيين. واتهمت الجماعة في بيان أمس الكنيسة ب"الإصرار على لعب دور مواز لدور الدولة، وهو الأمر الذي عمل بطريرك الأقباط البابا شنودة الثالث على تغذيته وتكريسه منذ صعوده إلى كرسي البابوية قبل أكثر من ثلاثين عاماً وحتى الآن، وهو ما يفسر عزوف الأقباط عن اللجوء إلى أجهزة الدولة لحل مشاكلهم بصفتهم مواطنين مصريين ولجوئهم إلى الكنيسة واحتمائهم بجدرانها ليعلنوا من خلفها عصيانهم للدولة وتمرّدهم عليها". ويعبر هذا الموقف عن شعور شعبي مسكوت عنه مفاده أن الكنيسة القبطية شكلت دولة بديلة عبر الخدمات التي تقدمها إلى أتباعها، إضافة إلى"استقوائها بالخارج"في عدد من الأزمات ذات الطابع الطائفي. ورغم أن التيارات الإسلامية، خصوصاً"الإخوان المسلمون"، تتحاشى الخوض في هذا الموضوع نظراً إلى حساسيته، فإن بعض المحسوبين عليها أثاروا الأمر على استحياء، وأبرزهم المفكر الإسلامي المستشار طارق البشري الذي انتقد"تغوّل الكنيسة على سلطة الدولة، وانتهازها حال الوهن التي تمر بها تحت الضغوط الخارجية"، بعد تسليم السلطات إلى البطريركية زوجة راهب اعتنقت الإسلام في العام 2004. وكانت سلسلة من الحوادث التي استهدفت أقباطاً أعادت إلى الواجهة مجدداً الحديث عن العلاقة بين المسلمين والمسيحيين في مصر، إذ هاجم مسلحان مجهولان متجراً للمشغولات الذهبية في منطقة الزيتون القاهرية، وقتلوا صاحبه القبطي وثلاثة آخرين. وفي محافظة المنيا، قُتل مسلم وجُرح أربعة رهبان في اشتباكات بسبب خلاف على ملكية أرض مجاورة لدير. ونفت السلطات وجود"أبعاد طائفية"لأي من الحادثين الأخيرين. وقالت الجماعة في بيانها إن هذه الحوادث"عارضة تحدث للمسلم قبل القبطي، وبعضها ما زال قيد التحقيق ولم يستدل على فاعله". وأضافت:"يبدو أن أي حدث عارض لقبطي قد يحدث مثله لمسلم، يكون كاشفاً عن خلل هائل في علاقة الأقباط بالدولة وبالمجتمع، على رغم كونهم جزءاً من هذه الدولة ومن هذا المجتمع... عبر رد الفعل القبطي الذي يعكس استنفاراً دائماً ضد الدولة برموزها التي تمثل في حسّهم الإسلام والمسلمين". وتساءلت:"هل المطلوب أن تجثو الحكومة على ركبتيها أمام السلطة الكهنوتية طالبة الصفح والعفو مقدمة دمها ودماء المسلمين جميعاً في مقابل حادثة ارتكبها بلطجي بدافع السرقة؟". ورأت أن"كثيرين من رجال الكنيسة القبطية باتوا ومعهم كنائسهم منغمسين حتى النخاع في العمل السياسي"، متهمة الكنيسة بأنها"تساهم فى تعميق الهوة بين المواطن القبطي والدولة والمجتمع، وتلعب لعبة خطيرة اعتماداً على الظروف الدولية والإقليمية، وتحاول كسب أرض لها اغتناماً للفرص، بل انها طرحت نفسها بديلاً للنظام الحاكم لدى الأقباط في أوقات كثيرة". ورأت أن"الكنيسة لا تألو جهداً في دعم أقباط المهجر والسكوت على تجاوزهم المشين في حق مصر وشعبها"، إضافة إلى شعورها بأنها"سلطة فوق القانون وفوق الدولة... وهو لعب بالنار". ودعت الأقباط إلى"أن يعوا"أن"مصر دولة لا تقبل القسمة على اثنين... وهي القلب النابض للإسلام والعروبة ولم يستطع أحد أن يغير من هذه الحقيقة... فلا يأتين اليوم أحد ويغريكم بمحاولة العبث بهذه الحقيقة والعمل من أجل تغيير وجه مصر الإسلامي العربي". وطالبتهم بأن لا يتخذوا"من بعض الحوادث العرضية تكأة للنيل من مصر وشعبها، واستعداء الآخرين عليها". من جهة أخرى أ ف ب، نُقل البابا شنودة الثالث 85 عاماً مساء أمس إلى الولاياتالمتحدة على متن طائرة رئاسية للعلاج بعد إصابته بشرخ في عظام الفخذ إثر تعثره في مكتبه في الكاتدرائية، وبقائه على الأرض ممدداً لفترة طويلة. وقال سكرتير المجلس الملّي ثروت باسيلي إن"البابا تعثر بسجادة في غرفته، فسقط على الأرض وأصيب بشرخ في عظم الفخذ. ولم يتمكن من الوصول إلى الهاتف، فبقي على الأرض من الساعة العاشرة مساء حتى السادسة صباحاً".