بدت المواقف العراقية حذرة الى حد بعيد حيال المعاهدة العراقية - الاميركية طويلة المدى، وكان أبرزها حتى الآن اعلان الزعيم الشيعي مقتدى الصدر تنظيم تحركات شعبية وبرلمانية ضدها تشمل اعتصاماً أسبوعياً يبدأ غداً الجمعة، فيما أكدت الخارجية العراقية استمرار المفاوضات للخر وج باتفاق بين الجانبين قبل تموز يوليو المقبل وسط أنباء عن موقف للمرجعية الشيعية يدعو الى الاستفتاء العام قبل توقيع المعاهدة. وكان الرئيس العراقي جلال طالباني بحث امس مع السفير الاميركي ريان كروكر في سير المفاوضات للوصول الى المعاهدة الدائمة بين الطرفين. وعلى رغم ان مصادر الرئاسة العراقية لم تشر الى وجود خلافات بين الجانبين حول هذه القضية، أكدت مصادر مقربة من الحكومة ل"الحياة"تصاعد الخلافات بين الجانبين العراقي والاميركي حول بعض البنود، خصوصاً ما يتعلق بالوجود العسكري وصلاحيات القوات الأميركية. واشارت المصادر الى ان العراق ابلغ الوفد الاميركي نيته تمديد المفاوضات الى نهاية العام نتيجة ظروف داخلية غير مواتية والحاجة الى دراسات معمقة لشكل الوجود العسكري في العراق والآليات المقترحة لإنهائه في حال انتفاء الحاجة اليه. ويرتبط الموعد المحدد مسبقا لاعلان المعاهدة قبل نهاية تموز المقبل بقرب نهاية عهد الرئيس جورج بوش ومجيء ادارة اميركية جديدة يمكن ان تغير سير المفاوضات وعموم الموقف من الحرب في العراق. وقال وكيل وزارة الخارجية رئيس الوفد العراقي المفاوض محمد الحاج حمود ل"الحياة"ان"المفاوضات ستستمر بناء على توصية المجلس السياسي للأمن الوطني بعد ان توقفت لفترة"، لافتاً الى"عدم البحث في قضية وجود قواعد دائمة للقوات الأميركية في العراق حتى الآن بين الوفدين"، ومؤكدا امكان انهاء المفاوضات قبل نهاية هذا العام. وبدا التوجس من الضغوط الأميركية على العراقيين لتسريع المفاوضات قبل الموعد المذكور واضحا ليصل الى اوساط الحكومة، إذ عبّر عنه علي الاديب، القيادي في"حزب الدعوة"حين قال ان"كل الكتل السياسية العراقية لديها تحفظات عن المعاهدة، كما ان كل المواطنين العراقيين لا يريدون أن تمر هذه المعاهدة من دون أن تعرض على الشعب من خلال ممثليه في مجلس النواب"، مؤكداً"ضرورة درس المعاهدة ومناقشة بنودها، وإذا كان فيها منفعة للعراقيين يمكن أن توقع". وجاءت تصريحات الاديب رداً على دعوة وجهها الزعيم الشيعي مقتدى الصدر لتنظيم نشاطات"شعبية وبرلمانية وحوزوية"ضد المعاهدة، داعياً اتباعه الى الخروج بتظاهرات بعد كل صلاة جمعة، اعتباراً من غد، في كل مناطق العراق للتنديد بالمعاهدة و"تشكيل وفود دينية وسياسية عراقية إلى دول إقليمية لدعم الشعب العراقي والوقوف معه ضد هذه المعاهدة". وشدد الصدر على ضرورة اجراء استفتاء عام قبل تمرير هذه المعاهدة، في موقف يتطابق مع موقف المرجعية الدينية في النجف التي سرّب مقربون منها انها تدعم الاستفتاء العام على المعاهدة. وكان الصدر كشف في بيانه وجود فتاوى دينية تحرم المعاهدة من دون أن يحدد مصدر هذه الفتاوى، قائلاً:"ما افرحني كثيرا صدور فتاوى خطية وأخرى شفوية بتحريم المعاهدة بين قوى الظلام، وأعني بها الاحتلال وبين الحكومة العراقية الحالية". ومن المرجح أنه كان يشير الى فتوى أصدرها آية الله كاظم الحائري في قم. وكانت مصادر مقربة من مكتب المرجع الشيعي آية الله علي السيستاني ابلغت"الحياة"انه دعا رئيس الحكومة العراقية خلال زيارته الى النجف أخيراً الى التعامل الحذر مع المعاهدة ودعاه الى تنظيم استفتاء عام حولها.