أصدر عدد من رجال الدين الشيعة في العراق فتاوى وبيانات تطالب المواطنين بعدم المشاركة في التظاهرات المقررة اليوم، فيما أعلنت مصادر في مكتب الزعيم مقتدى الصدر أنه عاد من إيران إلى النجف عصر الأربعاء، بطلب من رئيس الوزراء نوري المالكي لضبط أنصاره ومنعهم من الخروج في هذه التظاهرات. وأثارت فتوى اصدرها وكيل مرشد الثورة الإيرانية السيد علي خامنئي في النجف الشيخ محمد مهدي الآصفي لتحريم التظاهر انتباه أهالي المدينة الذين اعتبروها سابقة، فلم يسبق لوكيل مرجع إيراني أن أصدر بياناً أو فتوى تتعلق بالشأن الداخلي العراقي. وقال الآصفي في بيان، تلقت «الحياة» نسخة منه:»هذا أمر(التظاهر) لا يجوز ضد النظام القائم اليوم في العراق». وأشار إلى أن «مسيرات يوم غد الجمعة، بحسب أهداف المنظمين، تعد إضعافاً للنظام وليس إصلاحاً ونقداً بناء». فتوى الآصفي مناقضة لمواقف المراجع الشيعة الرئيسيين المعارضين لولاية الفقيه والمتمسكين بالمرجعية التقليدية البعيدة من التدخل في الشأن السياسي. وكان المرجع الأعلى آية الله علي السيستاني اعتبر «التظاهر حقاً للجميع على أن لا يستتبع إزهاق الأرواح وإتلاف الممتلكات»، فيما أفتى آية الله بشير النجفي، الاثنين، بدعمه المطالب المشروعة للمتظاهرين والمعتصمين، داعياً المسؤولين إلى إبعاد العناصر المفسدة من المؤسسات الحكومية. وقال النجفي في بيان أصدره مكتبه في النجف:»ما زال صوتنا مع صوت الشعب العراقي المنهك المظلوم في مطالبه المشروعة»، مضيفاً أن «للشعب الحق شرعاً وقانوناً بأن يطالب بحقوقه كافة، بالتظاهر والاعتصام السلميين مع المحافظة على الأرواح والنظام العام والأموال العامة والخاصة». وفي فرز واضح لمواقف رجال الدين المؤمنين بنظرية ولاية الفقيه وغير المؤمنين بها، اعلن مكتب المرجع المقيم في قم آية الله كاظم الحائري انه حرم المشاركة في التظاهر. موضحاً أنه «أبلغ (إلى) مقلديه حرمة المشاركة في التظاهرة لكنه تجنب إصدار بيان علني احتراماً لموقف المراجع الذين أيدوا حق التظاهر». والحائري هو المرشد الروحي للصدر الذي تتلمذ على يديه في قم خلال السنوات الماضية. وأكد مصدر في مكتب الصدر في النجف انه «عاد بناء على طلب من رئيس الوزراء نوري المالكي خوفاً من انفلات الأوضاع في البلاد». وأضاف المصدر الذي رفض كشف اسمه في تصريح إلى «الحياة» أن «مشروع الاستفتاء الذي طرحته الهيئة السياسية الأربعاء يهدف إلى تهدئة الأوضاع والسيطرة على الشارع الذي باتت مؤشرات الانفلات ظاهرة فيه «، وأشار إلى أن «الكتل السياسية المشاركة في الائتلاف الوطني ترى أن التظاهرات قد تنقلب عليهم جميعاً وليس على شخص المالكي وحده لأن الشارع يغلي «. وشدد على أن «السيد مقتدى الصدر وجه رسالة شفوية إلى وكلائه في العراق يطالبهم بحض الجماهير على عدم المشاركة في التظاهرة المقبلة فالحكومة الحالية منتخبة من الشعب ويجب أن نعطيها الفرصة والبلد يمر بفترة الاستقلال الكامل من الوجود الأميركي فلا يمكن أن نعطي للاحتلال الفرصة للبقاء بحجة الانفلات الامني. الخيار الأصح لمعرفة رأي الشارع في الحكومة هو الاستفتاء». وكانت الهيئة السياسية للتيار الصدري أعلنت، الأربعاء، أن زعيم التيار أوعز بإجراء استفتاء عام لمدة أسبوع في كل المحافظات وفي إقليم كردستان تطرح فيه قضيتا الخدمات والتظاهر. في الوقت ذاته، اشار المرجع محمد اليعقوبي، الخميس، إلى أن تظاهرات الجمعة المرتقبة «مثيرة للشك والتوجس لعدم معرفة الجهات التي تقف وراءها»، مؤكداً عدم تحمله مسؤولية الدعوة إلى المشاركة فيها. وقال اليعقوبي وهو مقرب أيضاً من نظرية ولاية الفقيه في بيان صدر عن مكتبه امس إن «التظاهرات التي شهدتها المدن العراقية خلال الأسابيع الأخيرة، وأجواء الضغط التي وفرتها الدعوة إلى التظاهر الجمعة قد أوصلت الرسالة إلى المسؤولين وأيقظتهم وأجبرتهم على الخروج من حالة الاستخفاف بعقول الناس، وبدأوا يستجيبون مطالب الناس المشروعة ويحسبون الحساب لغضب الجماهير».