استبعد مسؤول رفيع المستوى في الوكالة الدولية للطاقة الذرية أن يغير تقرير البرادعي الأخير في شأن إيران من مسار ملفها النووي، الذي خرج، على حد تعبيره، من أيدي الوكالة وبات الحسم فيه معلقاً بين طهران ونيويورك. ولفت المسؤول إلى زيارة الممثل الأعلى للسياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي خافيير سولانا المرتقبة إلى طهران، مشيراً إلى أن النتائج التي ستتمخض عنها هذه الزيارة ستمثل القاعدة التي سيبني عليها مجلس الأمن موقفه المقبل من طهران. في المقابل، أعرب المسؤول عن تفاؤله حيال دخول ملف الأزمة النووية الايرانية مرحلة لن تكون أكثر هدوءاً من سابقتها، على رغم إبداء طهران مرونة أكبر في الفترة الأخيرة، خلال خوض مفاوضاتها مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وذلك في وقت وضعت الدول الست الكبرى في اجتماعها الأخير في لندن صيغة معدلة لعرض الحوافز المقدم لطهران، مقابل تخليها عن تخصيب اليورانيوم. وقلل المسؤول أيضاًَ من أهمية اجتماع مجلس أمناء الوكالة، الذي سيبدأ أعماله مطلع الأسبوع المقبل، وسينظر في تقرير المدير العام للوكالة حول الأنشطة النووية لإيران، لا سيما أنه من المستبعد كلياً أن يتخذ المجلس بأعضائه الخمسة والثلاثين، المنقسمين أصلاً، موقفاً موحداً. ولفت المصدر إلى أن المعسكر المؤيد لإيران داخل الوكالة، سيستفيد من النقاط الإيجابية الواردة في تقرير البرادعي، حول تعاون إيران مع المنظمة الدولية، فيما سيوظف المعسكر المناهض لها، تأكيد البرادعي على مضي طهران في تخصيب اليورانيوم لتضييق الخناق عليها. وعبرت الوكالة الذرية عن قلقها الشديد لان ايران لا تزال تخفي معلومات تتعلق بدراسات مفترضة حول صنع رؤوس نووية وتتجاهل دعوات مجلس الامن لتعليق انشطة تخصيب اليورانيوم. واعتبرت الوكالة في تقرير نشرته في وقت متأخر أول من أمس، ان على ايران ان تقدم معلومات"جوهرية"اذا ارادت اقناع المجموعة الدولية بأن برنامجها النووي سلمي. وأشار التقرير إلى ان هذه الدراسات المفترضة تشير الى ان ايران كانت تحاول تطوير رؤوس نووية وتحويل الصاروخ"شهاب -3"الى سلاح نووي او ايضاً اقامة منشآت لإجراء تجارب نووية تحت الأرض. وألحق التقرير الواقع في عشر صفحات بسرد مفصل لمضمون 13 وثيقة عرضت على إيران في ما يرتبط بالدراسات المزعومة المثيرة للجدل. واختتم التقرير أيضاً بعرض"المسائل الأخرى"وهي القضايا العالقة التي تتضمن الأسئلة التي وجهت لطهران خلال جولات المفاوضات وما زالت الوكالة بانتظار مزيد من التوضيحات في شأنها. يذكر أن صدور تقرير البرادعي كان منتظراً يوم الجمعة الماضي إلا أن ديبلوماسياً غربياً لفت إلى أن ان إرجاء نشره جاء عقب إبداء الولاياتالمتحدة عبر مندوبها إلى الوكالة الدولية غريغوري شولته اعتراضها على"صيغة عدد من بنوده، معتبرة أنها تعكس تساهلاً وليونة كبيرة إزاء استمرار إيران في تجاهل قرارات مجلس الأمن الصادرة بحقها. ولمح الديبلوماسي إلى أن اجتماعاً مغلقاً عقد بين المندوب الأميركي إلى الوكالة غريغوري شولته ومديرها العام محمد البرادعي قبل أيام، أعربت فيه الولاياتالمتحدة عن موقفها المتحفظ حيال المقترحات التي تقدمت بها إيران مؤخراً وتناولت مجموعة من الطروح الهادفة إلى إخراج الملف من أزمته الراهنة. وأشار التقرير الى ان معلومات الاستخبارات من مصادر عدة تشير الى ان ايران اجرت هذه الدراسات. وأفاد التقرير:"ننتظر توضيحات اساسية من ايران لاثبات اقوالها في شأن الدراسات المزعومة وفي شأن معلومات اخرى يمكن ان يكون لها بعد عسكري". وأضاف ان"الدراسات المزعومة تبقى مصدر قلق شديد وتوضيحها يشكل موضوعاً اساسياً في تحديد طبيعة برنامج ايران النووي في الماضي والحاضر". وتابع ان الوكالة الدولية للطاقة الذرية"لا تزال تدرس المعلومات والتوضيحات التي قدمتها ايران، لكن في هذه المرحلة لم تقدم ايران كل المعلومات كما انها لم تسهل الاطلاع على وثائق او لقاء اشخاص, وهو ما يعتبر ضرورياً لدعم اقوال ايران"، مشيراً إلى ان الوكالة"تعتبر ان ايران قد تكون لديها معلومات اضافية وخصوصاً في ما يتعلق بتجربة متفجرات شديدة القوة وأنشطة تتعلق بالصواريخ ما قد يلقي الضوء على طبيعة هذه الدراسات المزعومة". وفي موازاة ذلك، لفتت الوكالة إلى ان ايران لا تزال ترفض تعليق انشطة تخصيب اليورانيوم على رغم ثلاثة قرارات دولية تفرض عقوبات عليها. وجاء في التقرير:"خلافاً لقرارات مجلس الامن، لم تعلق ايران انشطة تخصيب اليورانيوم"، مضيفاً ان طهران عمدت الى"تركيز سلسلتين جديدتين من اجهزة الطرد المركزي واجهزة طرد من الجيل الجديد بغرض اجراء تجارب". واعتبر سفير ايران لدى الوكالة الدولية للطاقة الذرية علي أصغر سلطانية، ان أحدث تقرير للوكالة يظهر"سلمية"الأنشطة النووية لبلاده، مضيفاً:"مرة أخرى جرى التأيد في شل جلي على أنه لا توجد أي أدلة مطلقاً في ما يتعلق بتحويل الأنشطة او المواد النووية لإيران باتجاه الأغراض العسكرية". واتهم سلطانية الولاياتالمتحدة بانتهاك التزاماتها بعدم السماح لايران بالاطلاع على وثائق يقول انها يتعين ان تسلم لايران، مشيراً في ما يبدو الى معلومات للاستخبارات الأميركية. وقال:"النقطة ذات الأهمية القصوى هي ان الوكالة ورئيسها محمد البرادعي أقرا في هذا التقرير بأنه على رغم زعم الولاياتالمتحدة بأن لديها وثائق ضد ايران فإنها لم تسمح بأن تعطي هذه الوثائق لإيران". ووصف سلطانية هذا التصرف بأنه"انتهاك صارخ لالتزامات الولاياتالمتحدة"، مضيفاً: إن الاتهامات الاميركية"لا اساس لها". ورأى السفير الأميركي لدى الوكالة الذرية غريغوري شولته ان التقرير"يظهر في التفاصيل الى اي مدى يجب ان تقدم ايران تفسيرات والكم القليل من المعلومات الذي قدمته فعلياً". واعتبر ان المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية محمد البرادعي"لم يشر الى تقدم ولا الى تعاون"من جانب طهران لكن في المقابل عدد المسائل الكثيرة التي لا تزال عالقة.