أعلن رئيس الحكومة الإسرائيلية إيهود أولمرت أمس أن إسرائيل مصرّة على عدم فتح معبر رفح الحدودي بين قطاع غزة ومصر، قبل أن توقف حركة"حماس"تهريب السلاح"من سيناء إلى القطاع، فيما قدّرت أوساط أمنية رفيعة المستوى أن احتمالات قبول إسرائيل بالمبادرة المصرية للتهدئة في القطاع"منخفضة"وسط تقارير صحافية بأن المفاوضات بين القاهرة وتل أبيب في هذا الصدد وصلت إلى طريق مسدود. ونفى أولمرت في سياق تقرير قدمه أمس أمام لجنة الخارجية والأمن البرلمانية أن تكون إسرائيل تجري مفاوضات مع حركة"حماس". وقال:"نصر على موقفنا بأن يتم وقف تهريب السلاح... لن نعيد فتح معبر رفح في هذه المرحلة، لكننا سنتيح فتح معابر أخرى لأغراض إنسانية". وأضاف أن إسرائيل لن تنجر لتجويع سكان القطاع ومنع الأدوية عنهم،"لكن يخطئ من يعتقد أننا سنرضى بأن لا يعيش سكان سديروت حياتهم الطبيعية فيما تنعم غزة بحياة هادئة". وأشار إلى أن حكومته تجري في المقابل مفاوضات جدية مع السلطة الفلسطينية بهدف التوصل إلى اتفاق خلال هذا العام. وأضاف:"جربنا كل شيء مع الفلسطينيين، ولا بد من التوصل إلى اتفاق. عامل الوقت إيجابي لنا أكثر من أي عامل آخر". وتابع أن ثمة تأييداً متزايداً في أوساط الطبقات النخبوية في الولاياتالمتحدة لحل"دولة جميع مواطنيها". واعتبر هذه السيرورة خطرة جداً تهدد استمرار وجود إسرائيل كدولة يهودية. وحذر من أن"عدم التوصل إلى اتفاق مع السلطة الفلسطينية سيمهد لتسلط حركة حماس على الضفة الغربية". وزاد أن غالبية الإسرائيليين تدرك اليوم أن"الخيار القاسي"أمامنا هو بين دولتين للشعبين وبين دولة واحدة لجميع سكانها حق متساو في التصويت، ويجب اختيار الخيار الأول،"لكن هناك بعض المصابين بالهلوسة الذين ما زالوا يؤمنون حتى اليوم وفي الظروف الراهنة بفكرة أرض إسرائيل الكاملة ويعتقدون في الوقت ذاته أنه يمكن لإسرائيل أن تبقى دولة يهودية". ورد أولمرت على نواب اليمين المتشدد الذين هاجموه ونعتهم بكارهي السلام، واتهمهم بمحاولة جر إسرائيل إلى حرب لا لزوم لها لتأمين عدم التنازل حتى عن ذرة تراب واحدة. وطبقاً للتقارير الصحافية، فإن المفاوضات التي أجراها رئيس الهيئة السياسية - الأمنية في وزارة الدفاع عاموس غلعاد أول من أمس في القاهرة مع مدير الاستخبارات المصرية الوزير عمر سليمان لم تحرز أي تقدم في اتجاه التوصل إلى تهدئة في القطاع. ونقلت الإذاعة العسكرية عن غلعاد قوله إن"حماس"ترفض القبول بوقف النار قبل أن تتلقى ضمانات بأن تعيد إسرائيل فتح معبر رفح، كما أنها ترفض الشرط الإسرائيلي القاضي بالربط بين إعادة فتح المعبر والإفراج عن الجندي الإسرائيلي الأسير في القطاع غلعاد شاليت أو على الأقل بتسجيل تقدم في المفاوضات للإفراج عنه. وأضافت أن غلعاد أبلغ وزير الدفاع إيهود باراك رفض"حماس"شرط وقف تهريب السلاح من سيناء إلى القطاع. على صلة، كتبت"يديعوت أحرونوت"أن مصر أيضاً ترفض المعادلة الإسرائيلية التي تربط التهدئة وتقديم إسرائيل تسهيلات في المعابر الحدودية بقضية الجندي شاليت، وأنها ترى أن التقدم في الملف الأخير يمكن أن يتحقق نتيجة أجواء مريحة تسود القطاع بعد التوصل إلى اتفاق تهدئة. وأكدت وسائل الإعلام العبرية أن غلعاد سيعود إلى القاهرة الأسبوع المقبل لمواصلة الاتصالات. ووفقاً للإذاعة العسكرية، فإن إسرائيل وضعت ثلاثة مطالب من"حماس"شرطاً للتوصل إلى تهدئة وإلى صفقة تبادل أسرى: الأول يقضي باستئناف المفاوضات الفعالة بين مصر و"حماس"، والثاني أن تحدد"حماس"عنواناً واحداً للمفاوضات مع مصر، والثالث وضع إطار زمني للمفاوضات ليتم إنهاءها بسرعة. وأشارت إلى أن هدف إسرائيل من هذه المطالب هو ربط إطلاق سراح شاليت بفتح المعابر ورفع الحصار. في غضون ذلك، صعّد عدد من وزراء الحكومة الإسرائيلية معارضتهم قبول اتفاق التهدئة. وقال النائب الأول لرئيس الحكومة حاييم رامون إنه يتحتم على إسرائيل العمل على إسقاط"حماس"عن الحكم في القطاع لا أن تتفاوض معها،"لأن عدم تحقيق ذلك سيقرّب الصواريخ الفلسطينية، ليس من الجنوب فحسب، بل من تل أبيب أيضاً". وعادت مجدداً الدعوات إلى القيام بعملية عسكرية واسعة في القطاع. ودعا الوزراء شاؤول موفاز وبنيامين بن اليعيزر ومئير شيتريت إلى تصفية قادة الحركة الأصولية و"كسر شوكة المقاومة بدلاً من منح حماس فرصة التسلح لتستعيد قواها استعدادا لمواجهة جديدة معنا"، كما قال شيتريت. وتظاهر أمس مزارعون إسرائيليون من المستوطنات المحاذية للقطاع وأغلقوا الطريق المؤدية إلى معبر"صوفا"احتجاجا على تواصل سقوط القذائف الصاروخية على قراهم. وأعلنوا أنهم سيتظاهرون يومياً،"للحيلولة دون نقل الإمدادات الغذائية إلى القطاع رغم أننا الخاسرون من ذلك مباشرة". الملف السوري وتطرق أولمرت أمام أعضاء لجنة الخارجية والأمن إلى استئناف المفاوضات غير المباشرة مع سورية، نافياً أن يكون وعد دمشق بانسحاب إسرائيل من الجولان مقابل اتفاق سلام. وقال إنه لم يلتزم شيئاً باستثناء أسس مؤتمر مدريد. وقال إنه هو من بادر قبل 15 شهراً إلى استئناف هذه المفاوضات وأن أربعة رؤساء حكومة من أسلافه أجروا مفاوضات مع السوريين"والتزموا خلالها بتنازلات مؤلمة جدا... هناك من أعطوا ودائع قبلي في إشارة إلى"وديعة"رئيس الحكومة السابق اسحاق رابين إلى الرئيس الراحل حافظ الأسد. لا تختبروا صدقية أقوالي... كل شيء موثق". من جهته، استبعد سفير إسرائيل السابق لدى تركيا ألون ليئل أن تكون سورية قبلت باستئناف المفاوضات من دون تعهد مسبق من إسرائيل بدفع ثمن اتفاق السلام. وقال للإذاعة العامة:"لا شك لدي في أن دمشق تلقت وديعة من رئيس الحكومة بالانسحاب الكامل من الجولان، لأن هذا كان الشرط السوري منذ أربع سنوات خلال المفاوضات غير الرسمية لاستئناف المفاوضات". ورحب الرئيس الإسرائيلي شمعون بيريز بإجراء المفاوضات غير المباشرة بين إسرائيل وسورية. وقال إن هذه المفاوضات لن تأتي على حساب المفاوضات الإسرائيلية - الفلسطينية التي سجلت تقدماً كبيراً وتم تقليص الفجوات بين الجانبين. في غضون ذلك، بيّن استطلاع لرأي وزراء الحكومة الإسرائيلية أجرته صحيفة"معاريف"أنه بالإضافة إلى وزراء حركة"شاس"الدينية المتشددة المعارضين تقديم"تنازلات"مقابل السلام مع سورية، يعارض معظم وزراء حزب"كديما"الذي يتزعمه أولمرت أي انسحاب من الجولان. وأشارت الصحيفة إلى أنه باستثناء وزير الأمن الداخلي آفي ديختر، يرفض سائر الوزراء الانسحاب من الجولان. ويقود الرافضين وزير المواصلات الجنرال شاؤول موفاز الذي يستعد للتنافس على زعامة الحزب في حال اضطر أولمرت إلى التنحي على خلفية تحقيق الشرطة معه في الفساد.