شعور كوني الأسبوع الفائت بيعت في مزاد بلومزبري، لندن، رسالة وجهها ألبرت أينشتاين الى فيلسوف ألماني ب170 ألف جنيه استرليني بعدما قدرت قيمتها بستة آلاف الى ثمانية آلاف جنيه. كتب العالم الى اريك غوتكيند شاكراً له إرسال نسخة من كتابه"دعوة الإنجيل الى الثورة". واضع نظرية النسبية الشهيرة ومعادلة الحجم والطاقة نشأ في أسرة يهودية ألمانية أرسلته الى مدرسة كاثوليكية ووفرت له تعليماً يهودياً خاصاً. تبع مبادئ اليهودية وامتنع عن تناول لحم الخنزير تحرر تفكيره، قال لاحقاً، وأحس أن السلطة تخدع الشباب بأكاذيبها. رفض قبول رئاسة إسرائيل بعد حاييم وايزمان، أول رؤسائها، وإيمان اليهود بأنهم شعب الله المختار."الشعب اليهودي الذي أنتمي اليه بسرور وتربطني صلة بعقليته لا تختلف مزاياه عن مزايا الشعوب الأخرى. ليسوا أفضل، وفق تجربتي، من سائر المجموعات البشرية، على أنهم محميون من أسوأ أنواع السرطان لافتقارهم الى السلطة. ما عدا ذلك، لا أرى أي شيء يدل على أنهم مختارون". كتب أينشتاين الرسالة بالألمانية قبل موته العام التالي عن ست وسبعين عاماً في أميركا. لم يحسم في موضوع الدين وقال ان"العلم بلا دين ضعيف والدين بلا علم أعمى". استغل المؤمنون والملحدون أقواله المتباينة ليربحوه في صفوفهم، وعصي على التصنيف حتى آخر حياته. قبل كتابته الرسالة تحدث عن"شعور ديني كوني"شاب عمله، ثم تمنى أن يخبر الكون كوحدة متكاملة. احترم القيم المسيحية واليهودية، لكنه لم ينظر الى الدين بالطريقة الشائعة وإن استخدم مفرداته. وأشار الى الصدفة التي قضت عليها نظرية الكم القائلة ان إصدار الطاقة أو امتصاصها من الذرات والجزئيات يتم على مراحل وليس في شكل متواصل وفق الاعتقاد السابق. شبح البلاد يواكب ترجمة رواية"الحصار"من الفرنسية الى الإنكليزية عن دار كانونغيت، لندن، استمرار العنف وصراع الحضارات. أصدر إسماعيل كاداريه الرواية في 1970 وروى حصار الأتراك قلعة ألبانية في أوائل القرن الخامس عشر وعجزهم عن هزمها خلافاً للواقع الذي مدّ سيطرة الأتراك حتى 1912. ينتقل الكاتب الألباني بين المسيحيين الذين أعطوا صوتاً جماعياً واحداً والمسلمين الذين يستأثرون بمعظم الرواية ويتولى عدد من شخصياتهم السرد في شكل منفرد. فجر الثامن من حزيران يونيو يرى حارس القلعة سحابة صفراء بعيدة يتبين أنها غبار التراب الذي ترفسه الجياد. يركز كاداريه الذي يعيش في فرنسا منذ 1990 على المعارك ويصوّر بحيويّة فائقة عنفها وفوضاها والدم المهدور من أجساد الطرفين. يدور أصدقاء أربعة بين خيام المهاجمين وهم يشربون ويتساءلون عمن سيبقى منهم. شلبي مؤرخ الحملة وصلاح الدين، الشاعر الذي سيحوّل النصر الأكيد ملحمة، وتوز الضابط الانكشاري، والمنجّم الذي تمتحن مهارته باختيار بتحديد النجوم الملائمة للهجوم. أمام قائد الجيش ترسون باشا طريقان: الانتصار وتاج الشرف أو السقوط في الهاوية. ينتحر عندما يهزم، ويموت المنجّم ببطء في انهيار نفق حفره الجنود لدخول القلعة. وحده شلبي يبقى من الأصدقاء الأربعة في حين يصنع جورج كاستريوني، قائد الألبان، أسطورة بلاده ويتخيل وطناً ثانياً"كأنه ألبانيا فضائية. فعندما تسقط هذه الألبانيا الأرضية في يد الإمبراطورية، تستمر ألبانيا الأخرى، الشبح وظل الذات، في التجوال بين الغيوم". كتب كاداريه"الحصار"بعد سحق السوفيات ربيع براغ وإحساس ألبانيا، الحليف الوحيد للصين، بالعزلة والحصار بين الكتلتين الغربية والشرقية في الحرب الباردة. رأى وهو طفل إيطاليا وألمانيا وروسيا تتناوب على بلاده، ودفعه الخوف الذي يسمى حكمة الى الكتابة عن الحاضر عبر الماضي مضيفاً المرح الى الواقعية الاشتراكية. عقل مراهق تحتفل بريطانيا بمئوية ايان فليمنغ برواية جديدة ومعرض لمآثر بطله جيمس بوند في متحف الحرب الإمبريالي وطوابع للكاتب الذي ولد آخر أيار مايو 1908 وتوفي في آب أغسطس 1964. الخريف الماضي أصدر روبرت سيلرز كتاباً عن نهاية فليمنغ. تناول"المعركة على بوند"اتهام الكاتب بنحل"ثندربول"والحكم عليه بدفع 50 ألف جنيه استرليني للمنتج كيفين ماكلوري الذي تعاون معه على حبك القصة. أتعبت القضية قلبه فتوقف بعد تسعة أشهر، وكان في السادسة والخمسين. يرى البعض أن"ثندربول"أحدث انقلاباً في شخصية العميل السري الذي تحوّل من رجل سادي بالغ القسوة كاره للنساء الى آخر مهذب يحبهن بالجملة. خاطبت الشخصية الجديدة جمهوراً أوسع فزادت شعبية 007. كتب فليمنغ أربعة عشر كتاباً في اثنتي عشرة سنة، وكان الكاتب الشهير كنزلي آميس أول من كلفه الورثة تأليف أول روايات بوند بعد وفاة مبتكره. اعتمد اسم روبرت ماركهام المستعار، وكانت"كولونل صن"الرواية البوندية المعقولة الوحيدة. وضع سيباستيان فوكس الكتاب الثاني والعشرين عن بوند، ويأمل الورثة في إعادة الوهج الى ارث فليمنغ الأدبي وتعزيزه في خزائنهم."بهيج وطائش"يتناول تجارة الهيروين في الحرب الباردة، واستأجرت دار بنغوين سفينة حربية بحرية لإطلاق الكتاب اعلامياً قبل البدء ببيعه في 28 أيار مايو ذكرى ميلاده. العام الماضي كان دانيال كريغ أول من يرشح لأوسكار عن دور بوند، ويعرض بعد أشهر الفيلم ال22 للعميل السري من بطولة كريغ الذي أعاد البرود القاسي الى الشخصية. ذات صباح شتائي في 1952 سبح رجل إنكليزي متوسط العمر في البحر أمام منزله"غولدناي"في جامايكا ثم جلس الى مكتبه. كتب ألفي كلمة يومياً، وبعد شهر كان"كازينو رويال"وجيمس بوند الذي بقي فليمنغ يفكر به عاماً. شابه الكاتب في طول القامة والعينين الزرقاوين والدراسة في ايتون، مدرسة الطبقة العليا، وتدخين سجائر مورلاند وخسارة الوالدين في حادث تسلق، علماً أن المؤلف فقد والده في الحرب العالمية الأولى. كان بوند الرجل الذي حلم فليمنغ أن يكونه."قصص بوند خرافات للكبار. إنها وهم الكاتب عندما يضع رأسه على الوسادة. بانغ بانغ، قبلة قبلة ... انها ما تتوقعه من عقل مراهق يصادف انني أملكه". في وقت كانت بريطانيا تعاني التقنين والفقر بعد الحرب العالمية الأولى، كان العميل الأنيق الوسيم يشرب الشمبانيا ويتناول الكافيار ويمارس الجنس السهل الوفير، وينفق على حساب وكالة الاستخبارات بلا هوادة. عمل فليمنغ في الاستخبارات البحرية، وحضر اجتماعين بين ونستون تشرتشل وفرانكلين روزفلت، وتسلم إدارة قسم الأنباء الخارجية في"ذا صنداي تايمز". ارتبط بعلاقة مع الليدي آن روذرمير، زوجة مالك صحيفة"ذا ديلي ميل"قبل أن يتزوجا وينجبا ابناً وحيداً. قهرته عقدة الفشل والنقص تجاه شقيقه الأكبر بيتر الذي برز أكاديمياً ورياضياً وتخرج بامتياز من أكسفورد. فاز ايان مرتين ببطولة رياضية في ايتون، لكنه اضطر الى وقف دراسته في معهد ساندهرست العسكري بعدما التقط عدوى جنسية. رفضته وزارة الخارجية وعندما عمل في القطاع المصرفي قيل انه أسوأ الموظفين إطلاقاً. زوجته آن رفضت إهداءه إياها أحد كتبه قائلة إنها خلاعة. مع ذلك صمد عميله السري المولود في أوائل عشرينات القرن الماضي في حين اختفى بولدوغ درامند وريتشارد هاناي ومايك هامر وهاري بالمر. هل يعود عمره الطويل الى مخاطبته البالغ الكبير أو الى الشخصية شبه الفارغة التي تسمح لقارئه بملئها بنفسه؟ ذكر فليمنغ ان بوند مركب من كل العملاء الذين عرفهم علماً انه يشترك في بعض الصفات مع الكاتب بما في ذلك الأنف المائل الى الطول والفم القاسي كما قال."لا يمكن أن أكون جيمس بوند. انه أكثر شجاعة ووسامة مني". يحصى بيتر بين الأشخاص الذين ألهموا شقيقه الأصغر شخصية بوند، وربما قدمت هذه فرصة لأيان الذي عبد شقيقه وأراد تقليده. كان بيتر وسيماً، مثقفاً وعميلاً أيضاً في أول الحرب ثم ألف كتب سفر كانت بين الأكثر مبيعاً مع تمتعها بأسلوب جميل. قال مثلاً عن لونغ آيلاند:"انها فكرة الأميركيين عما كان الله سيفعله بالطبيعة لو امتلك المال". ملحمة القرن العشرين نال بول فرهيغن جائزة"ذي اندبندنت"السنوية لأفضل كتاب أجنبي عن روايته"أوميغا الصغرى"الصادرة عن دالكي اركايف برس. ترجم عالم النفس البلجيكي الأصل روايته الواسعة الطموحة من الهولندية الى الإنكليزية، وتبرع بقيمة الجائزة البالغة عشرة آلاف جنيه استرليني للاتحاد الأميركي للحريات المدنية، بعدما تخلى عن قيمة الجائزتين البلجيكية والهولندية لجمعيتين خيريتين. يحاول فرهيغن الإحاطة بالقرن العشرين في رواية واحدة فتتداخل قصص عدة تتعلق بالتاريخ والأدب والفلسفة والفن والفيزياء وعلم الأعصاب عبر رحلة عالم نفس بلجيكي الى بوتسدام. يضربه نازيون جدد ويفتن بباحثة إيطالية ويصادق ناجياً من المحرقة يملي عليه مذكراته. يركز على صعود النازية وسقوطها ومنهج الإبادة فيها، وبين الشخصيات امرأة يهودية مستقاة من الواقع تدل الغستابو الى أبناء عرقها المختبئين لكي تحرّر منهم شخصاً تختاره. يربط فرهيغن بين حرب النازيين والسوفيات"على العقلانية"وأميركا ما بعد العراق، ويعجب لأنه لم ير الميول الفاشية في البلاد التي باتت بلاده منذ أكثر من عقد.