وقعت الحكومة الباكستانية الجديدة أمس، اتفاق سلام مع المقاتلين المتشددين الموالين ل "طالبان" في إقليم سوات السياحي شمال غربي باكستان، يفكّكون بموجبه معسكرات التدريب ويوقفون العمليات الانتحارية التي بلغت ذروتها بعد تدمير"المسجد الأحمر"في العاصمة إسلام آباد العام الماضي، وراح ضحيتها أكثر من 800 شخص، معظمهم من عناصر الجيش والأجهزة الأمنية. وأعلنت الحكومة موافقتها على سحب وحدات الجيش من الإقليم السياحي، على أن تتولى الشرطة المحلية التابعة لحكومة بيشاور الإقليمية الحفاظ على الأمن والنظام في المنطقة، وتطبق في الإقليم أحكام الشريعة التي علّقت في 1968. ويلزم الاتفاق المقاتلين المتشددين بتسليم من لديهم من المقاتلين الأجانب بناء على طلب حكومي، لكن المقاتلين الإسلاميين ينفون بشدة أن يكون في صفوفهم أي مقاتل أجنبي. وجاء الاتفاق في ظل جهود أخرى تبذلها الحكومة للتوصّل إلى اتفاق مماثل مع بيت الله محسود في اقليم وزيرستان والمناطق القبلية المحاذية للحدود مع أفغانستان، وسط معارضة شديدة من الإدارة الأميركية التي ترى ان هذا الاتفاق يفسح في المجال أمام"القاعدة"و"طالبان"للعمل في مناطق القبائل الباكستانية، ويزيد نشاطهما المعادي للقوات الأميركية في أفغانستان. وتجنّب اتفاق الحكومة مع مقاتلي إقليم سوات التطرق الى مصير قائد المقاتلين هناك مولوي فضل الله الذي يحمّله الجيش مسؤولية العديد من العمليات الانتحارية، لكن الحكومة الباكستانية ولإرضاء أتباعه أفرجت عن مولوي صوفي محمد، صهر مولوي فضل الله ومؤسس"حركة تطبيق الشريعة"في الإقليم . وكان إطلاق مولوي صوفي محمد أحد الشروط التي وضعها مولوي فضل الله للتوصل إلى اتفاق مع الحكومة. وأفادت مصادر في بلدة مينغورة مركز إقليم سوات، بأن الحكومة قبلت العفو عن الأخير شرط عدم قيامه بأي نشاط دعائي ضدها أو استهداف أتباعه لمدارس الفتيات أو محلات الحلاقة التي كانوا يعتبرونها مخالفة للشريعة. وأبلغ شهود في المنطقة"الحياة"أن الجيش الباكستاني سحب كل نقاط التفتيش التي أقامها في وزيرستان، وبدأ يخفف وجوده في المنطقة، رغم عدم اعتراف الحكومة رسمياً بذلك. وروى أحد سكان بلدة ميران شاه أن عمليات التفتيش اليومية للباصات المتّجهة من وزيرستان إلى بيشاور، أوقفت بالكامل. وتسعى الحكومة الباكستانية إلى إطلاق أكثر من 200 من المقاتلين القبليين المحتجزين لديها، في مقابل تحرير أكثر من ثلاثين من الجنود وضباط الجيش الذين يحتجزهم بيت الله محسود، زعيم ما يعرف ب"طالبان باكستان".