تسارعت الأحداث في باكستان خصوصاً في مناطق القبائل (شمال غربي) المحاذية للحدود مع أفغانستان، ما ينذر بجولة قتال جديدة في إقليم وادي سوات، لكن أكثر توسعاً من سابقاتها، وذلك بعد إعلان الملا صوفي محمد، مؤسس حركة «تطبيق الشريعة» في سوات وقف جهوده من أجل تحقيق السلام في الإقليم، واتهامه الرئيس آصف علي زرداري بتفادي تطبيق بنود اتفاق السلام ومحاولة عرقلتها، على رغم الجهود التي تبذلها حكومة الإقليم الحدودي الشمالي الغربي في سبيل إنجاح الاتفاق. لكن الملا صوفي الذي وقع قبل أسابيع اتفاق السلام مع الحكومة الإقليمية، أكد انه لم يتخلَ عن الاتفاق ولم يطلب إلغاءه. لكنه شدد على عدم إمكان قبوله مماطلة إسلام آباد في شأن السماح بتطبيق قوانين المحاكم الشرعية في الإقليم بدلاً من القانون المدني الموروث عن الاحتلال البريطاني للمنطقة، في مقابل تعهد المسلحين عدم رفع السلاح في وجه الدولة، والتزام الهدوء وإطلاق مخطوفين لديهم سواء كانوا من قوى الأمن أو مدنيين آخرين. وأكد افتخاري حسين، وزير إعلام حكومة الإقليم الحدودي، التزام حكومة الإقليم اتفاق السلام، وحض الرئيس زرداري على اعتماد بنوده على صعيد السماح بإقامة محاكم شرعية في سوات، علماً ان زرداري أمر أخيراً، تحت ضغوط أميركية على الأرجح، بعدم إلغاء المحاكم المدنية، ما دفع صوفي الى اتهامه بوضع عراقيل أمام تطبيق الاتفاق بالكامل. وكان المبعوث الاميركي الخاص الى أفغانستانوباكستان، ريتشارد هولبروك، أكد أخيراً قلق بلاده البالغ من اتفاق سوات، «لأنه قد يمنح المقاتلين المتشددين في سوات وغيرها فرصة التفرغ لدعم حركة طالبان الأفغانية، تمهيداً لزيادة قدرتها على شن هجمات على القوات الأميركية في أفغانستان». تزامن ذلك مع ورود أنباء عن نجاح مسلحي حركة «طالبان باكستان» في السيطرة على مديرية بنير التي تقع بين سوات وإسلام آباد وبسط نفوذهم فيها، ما يشير إلى اقترابهم تدريجاً من العاصمة إسلام آباد. كما فرض مقاتلون موالون للحركة سيطرتهم جزئياً على مرتفعات ووديان منطقة درة أعظم خيل التي تشتهر بصناعة الأسلحة وتقع على طريق يربط بين بيشاور وكوهات جنوباً. وأعلن الملا نظير، نائب زعيم «طالبان باكستان» بيعة الله محسود في شريط فيديو بثته مؤسسة «السحاب» الذراع الإعلامي لتنظيم «القاعدة»، أن الحركة تفكر في التوجه لاحتلال العاصمة إسلام آباد، إذا لم تتوقف الحكومة عن التعاون مع الأميركيين في قصف مناطق القبائل، وتزويدهم معلومات استخباراتية عن أماكن وجود عدد من المقاتلين القبليين في المنطقة. وتحالف الملا نظير حتى وقت قريب مع القوات الحكومية الباكستانية، وقاتل لإخراج المقاتلين الأزبك من إقليمي شمال وزيرستان وجنوبها قبل نحو سنة ونصف السنة، لكنه انضم أخيراً إلى تحالف تشكل من محسود وقادة آخرين في مناطق القبائل، وأعلن تأييده لزعيم «القاعدة» أسامة بن لادن والملا محمد عمر في أفغانستان. وفي خضم الجدال الدائر في باكستان حول الغارات الأميركية على مناطق القبائل، شهدت مدينة بنون القريبة من إقليم شمال وزيرستان تظاهرات حاشدة للتنديد بالهجمات. وتزامن ذلك مع حصول مواجهات دامية في إقليم بلوشستان (جنوب غربي) أسفرت عن مقتل عدد من رجال الشرطة، وتلت اغتيال مجهولين أربعة من قياديي الحركة القومية البلوشية. كما شهدت بلدة كشمور (شمال غربي) انفجار قنبلة قرب مركز أمني، ما أدى الى مقتل عدد من رجال الشرطة. وأشار رئيس حكومة إقليم بلوشستان الى ان الحادثة تهدف الى تقويض الجهود التي تبذلها حكومته في التواصل مع جماعات مختلفة، وتحقيق الاستقرار في الإقليم. وفي أفغانستان، قتل طفل وأربعة شرطيين من وحدة مكافحة تهريب المخدرات في هجوم نفذه انتحاري فجر قنبلة حملها وسط موكب للشرطة خلال تنفيذه عملية للقضاء على زراعة الأفيون في ولاية هلمند (جنوب).