تدارس الرئيس الباكستاني برويز مشرف مع قادة الاجهزة تدهور الوضع الامني في البلاد، في اعقاب سلسلة هجمات استهدفت عسكريين، رداً على اقتحام"المسجد الاحمر"في إسلام آباد الاسبوع الماضي، وقتل واعتقال عشرات المتشددين الذين تحصنوا داخله. تزامن ذلك مع تقارير عن فرار آلاف السكان من شمال وزيرستان المنطقة القبلية الباكستانية المحاذية للحدود مع افغانستان امس، بعد تخلي قبليين موالين ل"طالبان"عن اتفاق سلام ابرموه مع الحكومة، يقضي بعدم ايوائهم مقاتلين اجانب، في مقابل سحب الجيش نقاط تفتيشه من المنطقة. في الوقت ذاته، نشرت صحيفة"نيويورك تايمز"ان واشنطن تعتزم تقديم 750 مليون دولار الى المناطق القبلية في باكستان لدعم حربها ضد"القاعدة"والناشطين الاسلاميين الموالين ل"طالبان". ونقلت الصحيفة عن مصادر مقربة من الملف ان قلقاً يثار حول مخاطر تقديم مثل هذا المبلغ الكبير لهذه المناطق القبلية التي يتعذر القيام فيها بأي أشكال المراقبة. وحذر احد معدّي هذا المشروع لمصلحة الوكالة الاميركية للتنمية الدولية من ان"القصور الخطير للادارة"في المناطق القبلية سيجعل من المستحيل عملياً تقديم مساعدة دائمة او التغلب على"سوء التنمية المزمن في هذه المناطق". وبحسب الصحيفة الاميركية، فإن مسألة معرفة من سيقوم بتوزيع المساعدة تشكل مصدر خلاف ايضاً بين السلطات المحلية الباكستانية والمسؤولين الاميركيين القلقين من مخاطر حصول اختلاس. وكتبت الصحيفة ان مساعد وزيرة الخارجية الاميركية المتخصص في شؤون باكستان ريتشارد باوتشر عرض هذا المشروع خلال زيارته إسلام آباد في حزيران يونيو الماضي، لإظهار دعم الادارة الاميركية للرئيس الباكستاني. جاء ذلك غداة تأكيد ادارة بوش دعمها لمشرف بعدما اعلن القبليون الموالون ل"طالبان"انسحابهم من اتفاق السلام مع الحكومة المبرم في العام 2006. في غضون ذلك، قتلت الشرطة الباكستانية في بلدة متى في إقليم سوات الجبلي شمال شرقي بيشاور، رجلاً كان يحاول تسلق السور الخارجي لمركز الشرطة التي قالت مصادرها إن الرجل الذي كان يحمل حقيبة في يده رفض الانصياع لأوامرها بتسليم نفسه، فأطلقت النار عليه. وجاء الحادث في وقت أنهى شيوخ القبائل في سوات اجتماعاً قبلياً موسعاً، طالب بإخراج فرقة من الجيش الباكستاني ارسلت الى المنطقة إثر الهجمات الانتحارية التي تعرض لها خلال اليومين الماضيين. وتنتشر في الإقليم حركة تطبيق الشريعة المحمدية التي شارك نحو عشرين ألفاً من أنصارها في الحرب إلى جانب"طالبان"بعد أحداث 11 ايلول سبتمبر 2001. وكانت حكومة إقليم بيشاور التي يسيطر عليها تحالف مجلس العمل المتحد ائتلاف من الأحزاب الدينية المعارضة لحكومة مشرف رفضت قرار الرئيس الباكستاني إرسال تعزيزات من الجيش والوحدات الخاصة وتزويد حرس الحدود والقوات شبه النظامية الدبابات والمدافع لمواجهة مقاتلي القبائل المعارضين، ودعت الحكومة المحلية في الإقليم إلى"عدم الزج بالقوات المسلحة في مواجهة مع الشعب". وأرسلت الحكومة الباكستانية التي تخشى من انهيار الاوضاع الأمنية في الإقليم ومناطق القبائل المحاذية لأفغانستان، وفداً لحض قادة القبائل على عدم إنهاء العمل باتفاق السلام. وطلب الرئيس الباكستاني من قادة أجهزته ومسؤولي الحكومة المركزية العمل على ضبط الوضع الأمني المتدهور. وناقش معهم تداعيات الوضع الأمني في البلاد وخصوصاً الهجمات الانتحارية واستهدافها في شكل مكشوف الجيش الباكستاني ومراكزه الأمنية في سوات ووزيرستان وديرة اسماعيل خان، ما أسفر عن مقتل أكثر من مئة شخص خلال أربعة أيام بحسب حصيلة رسمية. وفي ميرانشاه كبرى مدن اقليم شمال وزيرستان، بدت الاسواق مقفرة امس، في ظل تقارير عن مغادرة مئات الأسر المنطقة الى مناطق اكثر امناً. وتوقف بث اذاعة باكستان بعدما غادر العاملون فيها ميرانشاه على غرار موظفين آخرين، بحسب ما افاد سكان. وكان القائد الاسلامي المحلي عبدالله فرهد هدد نهاية الاسبوع الماضي ب"حرب عصابات"ضد السلطات.