كان طالب كنعان أول من يطل على شاشة "العربية" ليقدم نشرة الأخبار، وتمكن في فترة وجيزة من فرض نفسه في عالم الفضائيات العربية الواسع. وهو ان تميز في تقديم نشرة الأخبار المسائية المفصلة مع زينة يازجي كثنائي متناغم، إلا أنه برز في تقديم برنامج"حوار العرب"الشهري الذي يتم بالتعاون بين فضائية"العربية"و"مؤسسة الفكر العربي"بهدف التأسيس لثقافة الحوار والنقاش المفتوح والمسؤول في العالم العربي وتنميتها والارتقاء بها في إطار تحفيز الفعل الثقافي - الإعلامي الحامل لرؤى تجديدية وتنويرية. يقول كنعان عن تجربة"العربية"وعن تجربته الشخصية فيها بعد خمسة أعوام:"اعتقد أن قناة العربية حققت اختراقاً مهماً على مستوى الإعلام العربي، وباتت من أهم وسائل الإعلام المرئية على امتداد العالم العربي إن لم تكن أهمها. لقد استطاعت هذه القناة كسر أحادية الإعلام الفضائي الذي كانت تسيطر عليه إحدى المحطات، وأوجدت للمواطن العربي مصدراً جديداً للمعلومة يبتعد عن شحن العواطف والإثارة غير المبررة من خلال ابتعادها عن أساليب الخطابات الشعبوية والشعارات. ومنذ انطلاقتها لم تكن العربية رقماً زائداً، وهي الآن الرقم الصعب في أي معادلة إعلامية. أما تجربتي الشخصية معها فهي أكثر من ناجحة، إذ كان لي شرف إطلاق أول نشرة إخبارية على شاشتها كأول وجه يطل عليها، حتى أن بعض الزملاء يطلقون علي لقب"الفاتح من آذار"كون المحطة انطلقت في آذار مارس. لقد أعطتني العربية الكثير الكثير، وأدخلتني إلى ملايين البيوت على امتداد العالم العربي، لا بل إلى قلوب ملايين العرب". فهل نجح برنامج"حوار العرب"في تحقيق ما يصبو إليه القيمون عليه من إشاعة قيم الحوار العقلاني الهادئ؟ يجيب كنعان:"اعتقد أن برنامج"حوار العرب"الذي ترعاه"مؤسسة الفكر العربي"هو من أهم البرامج الفكرية التي تعرض الآن على الشاشات العربية. وهو تقاطع فكري ناجح بين المثقف العربي الأول الأمير خالد الفيصل وأهم قطب إعلامي في المنطقة الشيخ وليد الابراهيم. كان لدى الطرفين شعور بالحاجة إلى إشراك الشباب أكثر في القضايا الفكرية والاجتماعية والثقافية التي تشكل هاجساً لدى الشباب العربي، فكان"حوار العرب"برنامجاً يبتعد عن القضايا السياسية الآنية الساخنة التي نسمعها كل ساعة لننطلق إلى فضاء فكري أوسع من خلال تسليط الضوء على قضايا تمس العالم العربي مباشرة وتحديداً الشباب، مثل قضايا الهجرة والعولمة والتعليم". ويرى أن ثمة علاقة بين نجاح المذيع ونجاح البرنامج الذي يقدمه، ويقول:"اعتقد أن النجومية هي خلطة سحرية بين مذيع موهوب وبرنامج ناجح، إذ لا يمكن لبرنامج فاشل أن يصنع نجماً. كما أن لا يمكن لبرنامج ناجح أن يمنح نجومية لمقدم برامج فاشل. اعتقد أن"حوار العرب"جمع بين المذيع الناجح والبرنامج الناجح". وعن تغلب المذيع على الكاتب لدى طالب كنعان يقول:"لا أستطيع أن أتغلب على نفسي. طالب كنعان المذيع هو ذاته الكاتب ومقدم البرامج. لكن الحقيقة يجب أن تقال إنني عازف عن الكتابة الصحافية حالياً لانشغالي في أمور أخرى". ويشير الى ان"المنافسة الشريفة مطلوبة في أي عمل لأنها تحفز على التقدم والإبداع، والمنافسة موجودة في"العربية". أما عندما تتحول إلى مشاعر غيرة وحسد فإنها تضر بالعمل تماماً. من هنا احمد الله على ان مشاعر الحسد والغيرة تكاد تكون معدومة بين الزملاء في"العربية". وعلى المستوى الشخصي لا أشعر بأنني في صدد منافسة أحد أو أن أحداً يريد منافستي، الجميع أحبائي وزملائي". ورداً على سؤال حول دور التلفزيونات اللبنانية الأرضية منها والفضائية في الأزمة العاصفة ببلده لبنان، وهل هي عامل تأجيج وتأزيم أم أنها عامل انفراج وتنفيس، يقول بنبرة ملؤها الأسى والألم:"الحديث عن الإعلام اللبناني في هذه المرحلة حديث موجع، إذ للأسف كل المحطات اللبنانية تحولت إلى أسلحة في مشاريع سياسية متضاربة، ما ساهم في زيادة الشحن الطائفي والمذهبي... كما أنه اعمى بصيرة كثر عن حقيقة ما يدبر لهذا البلد في صراع الفيلة الجاري حالياً في المنطقة. القاعدة الأساسية التي تعلمناها كإعلاميين هي أن تفصل بين موقفك السياسي الشخصي وبين وقائع الأمور. ولكن، في لبنان وللأسف كل محطة تقاتل ضمن مشروع سياسي، أما الحقيقة فهي في مكان آخر". ولا يستبعد كنعان احتمال تقديمه برامج منوعات ومسابقات بعيداً من السياسة والأخبار، إذ يقول:"لا أستطيع الرجم بالغيب مع أنه يعن على بالي كثيراً تقديم برنامج للأطفال". وعن شروط التميز والريادة في ظل تكاثر الفضائيات الإخبارية المتخصصة، يقول كنعان:"كثرة الفضائيات ظاهرة صحية في شكل عام، لكن عندما تتحول بعض الفضائيات إلى أبواق لهذه الجهة أو تلك أو لهذه الطائفة أو هذا المذهب هنا الطامة الكبرى. ثم إن التميز والموضوعية مطلوبان بالدرجة الأولى لأي محطة تريد أن تكون ناجحة".