يتناول الجزء الثاني من "دليل التاريخ" أو المرشد" الفرنسي - الألماني، وهو كتاب مدرسي لطلاب الصف الثانوي الأول، الحقبة الممتدة من 1814 إلى 1945 من تاريخ أوروبا. وهو ثمرة تعاون وثيق بين الفرنسيين والألمان قبل فيه الفرنسيون تعديل مخطط كتاب التاريخ المدرسي الذي لا يتطرق الى الحقبة هذه، وقبلت ألمانيا توحيد مخطط كتاب التاريخ في مقاطعات ألمانيا كلها. وجرت العادة في ألمانيا أن تضع كل مقاطعة مناهجها التربوية الخاصة. وأعد الكتاب عشرات الكتاب الألمان والفرنسيين، في غضون سنة، وفي إشراف لجنة علمية. وعلى خلاف المتوقع، لم يختلف الباحثون على صوغ فصول الحرب العالمية الثانية في الكتاب، بينما أثارت الحرب الكبرى، أي الحرب العالمية الأولى، مناقشات طويلة تناولت أعمال العنف الألمانية في شمال فرنسا وبلجيكا. وتوصّل الباحثون إلى حل وسط. وسلط الكتاب الضوء على الحصار الذي فرض على ألمانيا والنمسا ? المجر، ومعاناة السكان من انقطاع المواد الغذائية. ودار موضوع النقاش الثاني على المقارنة بين الجمهورية الثالثة والرايخ الألماني، في سياق تعريف الديموقراطية. والحق ان"دليل التاريخ"الألماني - الفرنسي هو نموذج للمصالحة مع عدو الأمس في بلدان كثيرة. وتبحث بولندا وتشيكيا في إقامة مشروع مماثل، وتسعيان الى إنشاء فريق عمل ألماني وبولندي لوضع أسسه. وفي تشيكيا، دعا وزير التربية الوطنية لجنة محلية أنشئت بعد"الثورة المخملية"ولم تثمر جهودها بعد، الى الاستفادة من تجربة الفرنسيين، والاستعانة بخبراتهم. وانتقل المؤرّخون الألمان والفرنسيون إلى كييف، حيث تدرس السلطات صوغ كتاب تاريخ مشترك مع روسيا. وفي ساراييفو، ثمة محاولة لوضع كتاب تاريخ مشترك بين الصرب والكروات والمسلمين، بالتعاون مع منظمة الأمن والتعاون بأوروبا. ويبدو أن دول البلقان مهتمة بمشروع كتاب تاريخ من هذا النوع. وذاع صيت الكتاب الفرنسي - الألماني بآسيا. وعرض وزير الحكومة الفرنسية للشؤون الأوروبية، جان بيار جوييه، ونظيره الألماني، هذا الكتاب أمام رئيس مجلس الشيوخ بطوكيو، وأهدياه نسخة منه. وأثار الكتاب اهتمام المسؤولين في هذا البلد الذي يبحث عن تسوية مع كوريا. وهذا العمل هو ثمرة جهود المستشار الألماني السابق، غيرهارد شرودر، والرئيس الفرنسي السابق، جاك شيراك، في 2003. وبعد مرور 60 عاماً على السلام بين ألمانياوفرنسا، تجاوز البلدان مشكلات كبيرة، وتفوقا على غيرهما من الأمم الأخرى التي تقاتلت في الأمس القريب، ولم تعتبر بعد من الدرس الألماني - الفرنسي في التواضع. عن أود سيريس ، "لوفيغارو" الفرنسية، 9/4/2008