كشفت صحيفة "ذي تايمز" البريطانية أن العلاقات بين بريطانياوالعراق تعرضت "لأزمة اخفاق" بعدما تجاهلت بغداد القوات البريطانية وطلبت المساعدة من الأميركيين خلال الهجوم الأخير الذي وقع ضد الميليشيات الشيعية في البصرة. وبالفعل تم نقل 550 جندياً أميركياً من بغداد إلى البصرة للانضمام إلى 150 جندياً أميركياً كانوا مرابطين بالفعل مع القوات العراقية في ثاني أكبر المدن العراقية. وكانت وزارة الدفاع البريطانية أكدت أن قواتها في قاعدة المطار خارج البصرة لم تتلق طلباً من بغداد لمساعدتها في المراحل الأولى من العملية التي قامت بها القوات العراقية ضد ميليشيات"جيش المهدي". وقال مسؤولون بريطانيون في ذلك الوقت إن الهجوم العراقي على هذه الميليشيات خير دليل على أن القوات العراقية بوسعها القيام بمفردها بمثل هذه العمليات العسكرية. وعلمت"ذي تايمز"أنه عندما وصل البريغادير جوليان فري، قائد الفرقة المدرعة الرابعة البريطانية، إلى البصرة كي يطلع على حقائق الأوضاع، رفض رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي، الذي اشرف على العملية بنفسه، مقابلته. وكان البريغادير فري وصل إلى البصرة جواً برفقته اللفتنانت جنرال لويد اوستين قائد القوات الأميركية والقوات المتحالفة في العراق، في 27 آذار مارس الماضي، أي بعد يومين من بدء العملية ضد"جيش المهدي". وذكر مصدر اطلع على مجريات هذه الأحداث يبدو أن المالكي كان"مستاء"من البريطانيين، وذلك بسبب"الصفقة"المزعومة التي توصلت إليها القوات البريطانية مع الميليشيات الشيعية العام الماضي. ووافقت هذه الميليشيات، وفقاً لهذه الصفقة، على عدم الهجوم على آخر كتيبة بريطانية أثناء انسحابها من البصرة إلى قاعدة المطار خارج المدينة ذاتها، في مقابل الافراج عن عدد من الأعضاء البارزين المعتقلين في هذه الميليشات. وأكدت تقاير صحافية أميركية أن بغداد طلبت المساعدة من الأميركيين عندما بدأت القوات العراقية شن عملية البصرة. من ناحية أخرى، ذكر مصدر لصحيفة"تايمز"أن القوات الأميركية كانت مرابطة في البصرة وتقيم إلى جانب القوات العراقية هناك وتقوم بالمهمات التي كان ينبغي أن تقوم بتنفيذها القوات البريطانية، ولذلك فإن الصحيفة تصف هذا الموقف بأنه كان عبارة عن"اخفاق طارئ في العمل الديبلوماسي". واشار المصدر إلى أن القوات الأميركية زودت العراقيين بعدد كبير من المعدات الفنية والقدرات القتالية، وتوقفت الهجمات غير المباشرة اليومية التي كانت تتعرض لها القوات البريطانية في قاعدة المطار فور وصول القوات الأميركية إلى البصرة وقيامها مباشرة بشن هجمات على المنازل في المدينة. وقال المصدر إن الحال النفسية للقوات البريطانية في هذه القاعدة كانت خلال ذلك الوقت تتميز بالتشاؤم. وذكرت الصحيفة أنه ثارت أيضاً تكهنات بأن المالكي رفض التحدث مع رئيس الوزراء البريطاني غوردون براون منذ بداية هذه العملية. ولكن ناطقاً باسم"داونينغ ستريت"قال إن المالكي تحدث هاتفياً مع براون خلال قمة الناتو التي عقدت في بوخارست الأسبوع الماضي. وفي الوقت ذاته، فإن مصدراً دفاعياً سعى إلى التقليل من أهمية هذه الازمة قائلاً إن"المالكي يتعامل فقط مع الناس عند مستوى معين". وأضاف المصدر ان الميجور جنرال بارني هوايت سبانير القائد البريطاني للقوات المتعددة الجنسية في جنوب شرقي البصرة كان خارج العراق خلال تلك العملية، وفي نهاية المطاف فإن القوات البريطانية شاركت في العملية من خلال قصف تحليق طائرات"تورنادو"البريطانية في طلعات تحذيرية فوق المناطق التي كانت توجد فيها الميليشيات الشيعية في البصرة، وبعد ذلك قامت القوات البريطانية بتزويد القوات العراقية بالمؤن لكنها لم تقدم أي مؤن للبصرة نفسها. وعادت القوات البريطانية حالياً إلى البصرة وهي تقف إلى جانب القوات العراقية للمرة الأولى منذ انسحابها من المدينة في أيلول سبتمبر الماضي.