ما زالت المرجعية الدينية في النجف تلتزم الصمت حيال العمليات العسكرية الجارية في العراق بين القوات الحكومية وعناصر من"جيش المهدي"التابع للزعيم الشيعي الشاب مقتدى الصدر، على رغم مواقفها المعلنة الداعية الى حصر السلاح بيد الدولة وانهاء دور الميليشيات في البلاد، فيما أبدى عدد من المراجع ورجال الدين ممن يعدون من الخط الثاني للمرجعية، آراء مختلفة ابرزها الدعوة لإنهاء فوري للقتال. وعلى رغم الزيارة التي قام بها وفد من التيار الصدري الى المرجع الشيعي الأعلى آية الله علي السيستاني في النجف التزم وفد التيار الصمت ولم يفصح عن نتائج الزيارة، بعدما تردد انه طالب بتدخل المرجعية كحكم بينه وبين الحكومة. وذكر مصدر قريب من مكتب السيستاني في النجف ان المرجع لم يعط أي وعد للصدريين بالتدخل، بل طالب بحفظ الدم العراقي وعدم اراقة الدماء فضلاً عن مطالبته الصريحة بضرورة حصر السلاح بيد الدولة، معرباً عن استيائه من مجمل الوضع الامني. وكانت عضو الهيئة السياسية في التيار الصدري النائب اسماء الموسوي قالت:"نحن الآن بانتظار موقف معلن من مرجعية السيستاني، لا سيما ان هذه الحكومة تتبجح بأن مواقفها وأعمالها تأتي بالتشاور مع هذه المرجعية عبر الزيارات المتكررة التي يقوم بها رموزها الى النجف ولقاء السيستاني". وكان السيستاني رعى اتفاقاً بين زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر وحكومة اياد علاوي عام 2004 بعد المعارك العنيفة بين"جيش المهدي"والقوات الحكومية في النجف ادت الى تهدئة الاوضاع في المدينة. وتؤكد مصادر قريبة من المراجع الاربعة الرئيسيين في النجف، وهم آية الله السيستاني وآية الله محمد سعيد الحكيم وآية الله بشير النجفي وآية الله محمد اسحاق الفياض، ان المراجع لا يتدخلون مباشرة بمواضيع تخص تفاصيل امنية كالتي تعيشها البلاد. وكان آية الله النجفي أصدر قبل يومين بياناً دعا فيه الى"حفظ الدماء المحرمة وحصر السلاح بيد الدولة، حسب الدستور"مطالباً العراقيين ب"التعاون مع الحكومة لحفظ الدماء وإقرار الأمن والطمأنينة"ودعا الحكومة الى"توخي الحذر الشديد كي لا يصاب الأبرياء". وقال مصدر في مكتب المرجع الفياض ل"الحياة"ان"كل المراجع في النجف يطالبون بحصر السلاح بيد الدولة وإنهاء دور الميليشيات في البلاد"، مشيراً الى ان المرجعية لا تدعم اية جهة على حساب اخرى، لافتاً الى ان الامر متروك للحكومة والبرلمان اللذين يتمتعان بالشرعية التي جاءت عبر الانتخابات. لكن يبدو ان مواقف المراجع الأربعة لا تشبه مواقف المراجع الآخرين، ممن يعتبرون من الصف الثاني، كالشيرازي والمالكي والحسني الصرخي والخالصي. فقد دعا آية الله صادق الحسيني الشيرازي في كربلاء الى وقف فوري لاطلاق النار ينفذه الجميع والاحتكام الى لغة الحوار وحل المشكلات بالطرق السلمية. وأعرب الشيرازي، في تصريح الى"الحياة"عن"القلق العميق من القتال الذي يجري في البصرة وبغداد والكوت والحلة ومدن اخرى في العراق الجريح". واعتبر هذا القتال"فتنة تهدد استقرار العراق والمنطقة وهو انتهاك لحرمات الله"، كما دعا الى تدخل العلماء والقوى الاسلامية الوطنية والعشائر من اجل الاصلاح. ووصف الشيخ فاضل المالكي في بيان العمليات العسكرية في البصرة بأنها"انتهاك للحريات وحرب مفتوحة ضد العراقيين تنفذها الحكومة"، ووصف ما يحدث في جنوبالعراق بأنه"انتفاضة ضد الفساد والاحتلال". وعبّر عن الموقف نفسه آية الله احمد الحسني البغدادي الذي دعا الى وقف فوري للمعارك، الذي اعتبر ان"أي مساس بالخط الصدري المجاهد يعني مساساً بكل المقاومة الوطنية والاسلامية"، وطالب بإقالة"حكومة الاحتلال الرابعة لما ارتكبته من ممارسات اجرامية بحق أهلنا ومقاومتنا الباسلة"، ودعا الى"تشكيل مجلس استشاري وحكومة انتقالية تتولى ادارة شؤون البلاد ... بعد الانسحاب الكامل للقوات الاميركية".