سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
74 قتيلا ومئات الجرحى حصيلة مجزرتين قبل الاتفاق ، الأميركيون يعلقون العمليات ، لقاء المرجع الشيعي مع الإيرانيين في لندن كان عاصفاً . ازمة النجف الى حل بعد موافقة الصدر على شروط السيستاني
اكدت مصادر قريبة الى المرجع الشيعي آية الله علي السيستاني وفي الشرطة العراقية ان الاخير توصل الى اتفاق مع رجل الدين الشاب مقتدى الصدر لانهاء القتال في النجف. وكان السيستاني عاد الى النجف امس حيث التقى مقتدى الصدر، وذلك بعد رحلة علاج في لندن. وعلمت "الحياة" أن لقاء عاصفاً حصل بين المرجع الشيعي ووفد إيراني ضم مختلف التيارات، زاره في لندن، في محاولة لإقناعه بدور لطهران في العراق، فرفض ذلك رفضاً قاطعاً، وعلى اثر ذلك قرر السيستاني حزم حقائبه والعودة إلى العراق من دون تنسيق مع الأميركيين أو البريطانيين أو الحكومة الموقتة. ونقلت وكالة "فرانس برس" عن احد ممثلي السيستاني مساء انه تم التوصل الى اتفاق بين المرجع الشيعي ومقتدى الصدر لانهاء المعارك في مدينة النجف. واكد المصدر خارج الفيلا التي نزل فيها السيستاني بعد عودته الى النجف ان "اتفاقا تم التوصل اليه وستسمعون اخبارا سارة قريبة". وطلب من الصحافيين الانتظار حتى يتم الاعلان عن تفاصيل الاتفاق الذي يفترض ان يضع حدا للمعارك الدائرة في النجف منذ الخامس من اب اغسطس الجاري بين القوات الاميركية وانصار الصدر المتحصنين حول ضريح الامام علي وسط المدينة الواقعة جنوببغداد. وعلم ان الاتفاق ينص على اعلان النجف والكوفة مدينتين خاليتين من السلاح وانسحاب كل القوات الاجنبية من النجف وتكليف الشرطة العراقية مهمات الامن فيها، وان تقوم الحكومة العراقية بالتعويض للمتضررين من الاشتباكات الاخيرة. وهذه البنود هي الشروط نفسها التي كانت اقترحها السيستاني لانهاء القتال وعودة الهدوء الى النجف. وقال ناطق باسم السيستاني ان مقتدى الصدر وافق على الشروط التي وضعها المرجع الشيعي. وكان السيستاني عقد أمس اجتماعاً للمرة الأولى منذ اندلاع الأزمة الحالية، مع زعيم "جيش المهدي" مقتدى الصدر لاقناعه بقبول المبادرة التي أعلنت قبل عودة المرجع الشيعي إلى العراق، واقتصرت المفاوضات على الزعيمين دون مساعديهما. وكانت عودة السيستاني تزامنت مع مجزرتين في الكوفة والنجف راح ضحيتهما أكثر من 74 قتيلاً ومئات الجرحى، معظمهم من الذين لبوا نداءه وتوجهوا إلى المدينة الشيعية المقدسة ل"انقاذها". وأكدت مصادر شيعية ل"الحياة" ان مفاوضات بدأت أمس بين السيستاني والصدر تركزت على اقناع الأخير بقبول مبادرة المرجع الشيعي لإنهاء الأزمة عبر وقف النار وانهاء المظاهر المسلحة في المدينة. وأوضحت ان الصدر توجه الى منزل السيستاني في حي السعد شرق المدينة، بعدما تعهد الأخير بتأمين سلامته. وقالت إن المفاوضات التي كانت جارية حتى ليل أمس اقتصرت على الزعيمين وحدهما. وأكدت المصادر ان وفداً ايرانياً رفيعاً "من مختلف الأجنحة" زار لندن الأسبوع الماضي واجتمع مع السيستاني "مرتين أو ثلاثاً" للبحث في الوضع المتفجر في النجف. وأوضحت ان اللقاءات جرت عقب خروج السيستاني من المستشفى الأربعاء الماضي، وان عودة المرجع الى العراق كانت مقررة الأحد الماضي لكنها أجلت للافساح في المجال أمام المحادثات التي اقتصرت على الوفد الايراني وعلى حلقة ضيقة من المحيطين بالسيستاني. وكشفت المصادر ان الايرانيين "حاولوا انتزاع تأييد من السيستاني لدور لهم في العراق الجديد"، لكنه "أبلغهم عدم ارتياحه إلى تدخلهم في الشؤون الداخلية للعراق، وطلب منهم وقف هذا التدخل وانهاء دعمهم لحركات العنف المسلح"، في اشارة الى تيار الصدر. وأفادت ان آخر اللقاءات كان عاصفاً، وان السيستاني والحلقة الضيقة من حوله قرروا عقب اللقاء حزم الحقائب والعودة الى العراق، من دون تنسيق مع الأميركيين أو البريطانيين أو مع الحكومة العراقية، على رغم ان وزير الدولة العراقي قاسم داود كان على اتصال يومي للتنسيق مع مساعدي السيستاني في لندن. وأكدت المصادر ان السيستاني بعث خلال المفاوضات برسالتين الى الصدر يحضه فيهما على قبول مبادرة المؤتمر الوطني العراقي برئاسة السيد حسين الصدر لانهاء الأزمة والخروج من الصحن الحيدري. ورأت ان عودة السيستاني المفاجئة ربما كان سببها موافقة الصدر على التفاوض، لافتة الى ان المرجع تدخل مرتين سابقاً لحفظ ماء وجه الزعيم الشاب، أولاهما اثر صدور مذكرة توقيف في حقه في آب اغسطس الماضي على خلفية اغتيال السيد عبدالمجيد الخوئي في الصحن الحيدري غداة سقوط نظام صدام حسين، وذلك عندما طلب السيستاني من السيد محمد بحر العلوم عضو مجلس الحكم السابق انهاء الموضوع، وثم في نيسان ابريل الماضي عندما شارك محمد رضا السيستاني، نجل المرجع وساعده الأيمن، الى جانب ممثل لمرشد الجمهورية الإيرانية آية الله علي خامنئي والدكتور أحمد الجلبي للتوصل الى وقف للنار في النجف بين قوات جيش المهدي والقوات الأميركية. ورأت المصادر ان "لا حل أمام الصدر الا في ان يضع نفسه في تصرف المرجعية، وهي الوحيدة القادرة على حمايته اليوم". لكنها أبدت خشيتها من بروز تعقيدات قد تؤجج الأزمة مثل تدخل طرف ثالث بقصف مجهول المصدر كما حدث في الكوفة أمس، مؤكدة وجود "مقاتلين من الفلوجة متحصنين في سراديب مقبرة النجف التي تبلغ مساحتها عشرات الكيلومترات"، مشيرة الى ان هذه المخاوف وراء مناشدة حامد الخفاف، كبير مساعدي السيستاني، الحشود الراغبة بالدخول الى النجف البقاء خارج المدينة، وتأكيده ان أحداً لن يدخل اليها إلا بعد الخضوع للتفتيش. ودخل موكب السيستاني مدينة النجف أمس وسط عشرات من سيارات الشرطة التي أطلقت أبواقها. ولوح عشرات من رجال الشرطة ببنادق الكلاشنيكوف أثناء مرورهم قرب آلاف الشيعة المصطفين في الشوارع. وقال شهود إن عشرات الآلاف الذين استجاب كثير منهم لنداء السيستاني لانقاذ المدينة تدفقوا على النجف قادمين بالسيارات وسيرا على الاقدام من مناطق مختلفة من العراق. لكن السيستاني طلب منهم الانتظار على مشارف المدينة الى حين انتهاء المفاوضات مع الصدر. وتوجه السيستاني على الفور الى منزله في حي السد الذي ضرب الحرس الوطني العراقي طوقا حوله مانعا الدخول اليه، فيما انتشرت اعداد من رجال الشرطة حول المنزل نفسه. ومع انطلاق موكب السيستاني من البصرة، وجه رئيس الوزراء العراقي اياد علاوي ما سمّاه "النداء الاخير" الى مسلحي "جيش المهدي" لوقف النزاع المسلح، طالباً منهم "تسليم أسلحتهم ومغادرة الصحن الحيدري الشريف". وقال علاوي: "هذا هو نداء السلام الأخير وهذه هي الفرصة الأخيرة لوضع حد ناجز لنزيف الدماء البريئة". واضاف: "اننا نؤكد مرة اخرى بأننا سنؤمن للسيد مقتدى الصدر ممراً آمناً إذا اختار وقف النزاع المسلح". وبدوره، أعلن الجيش الاميركي انه اوقف عملياته الهجومية في النجف، "بناء على طلب السلطات العراقية المحلية والوطنية لتسهيل عودة آية الله العظمى السيستاني الى مدينة النجف المقدسة". وتزامنت عودة السيستاني مع وقوع مجزرتين في الكوفة والنجف، حيث تعرض مسجد الكوفة الذي أمه المئات استعداداً لتلبية نداء المرجع الشيعي بالزحف إلى النجف لإنقاذها، لقصف بقذائف الهاون، أسفر عن مقتل 25 شخصاً واصابة 60، فيما تعرضت تظاهرات ومواكب أخرى لإطلاق نار أسفر عن مقتل العشرات. وفي النجف وحدها قتل 39 شخصاً واصيب حوالى 255.