في كل المؤتمرات العربية المهمة - خصوصاً القمة منها - تتكرر المشاهد نفسها في العلاقة بين الصحافيين والإعلاميين من جهة، وعناصر الأمن والمشرفين على هذه المؤتمرات. وهي علاقة شد وجذب تعرقل عمل الصحافي، وتعرض رجال الأمن الى إحراجات شديدة تصل أحياناً الى حد التلاسن بين الطرفين. وفي العديد من المؤتمرات العربية - للقمة أو غيرها - يبدو الأمر وكأن المسؤولين عن التحضير والإعداد للمؤتمر لا يعطون الاهتمام الكافي والمطلوب للصحافة والإعلام، على رغم أن معظم المؤتمرات العربية هي مؤتمرات إعلامية، ولولا الإعلام لما روج لهذا المؤتمر أو لهذا الزعيم وذاك المسؤول الكبير. ويعرف المسؤول العربي أهمية الإعلام، ومن أجل ذلك تحشد في المؤتمرات العربية الإمكانات"اللوجستية"للإعلاميين وبعض الدول يغري الصحافيين بالحضور للمؤتمرات التي تستضيفها عن طريق الدعوات والاستضافات، ولكن على رغم ذلك تبقى العلاقة بين الصحافيين والإعلاميين من جهة، ومنظمي المؤتمر ومشرفي الأمن ورجاله، علاقة شد وجذب تصل أحياناً الى حد التوتر. وفي قمة دمشق التي تبدأ اعمالها اليوم لم يختلف الوضع عنه في القمم السابقة التي ربما كان وضع الإعلاميين في بعضها أفضل، وفي بعضها كان أسوأ. فقد بلغ عدد الصحافيين والإعلاميين المسجلين 850 معظمهم يمثلون القنوات الفضائية العربية. وهؤلاء انتشروا في فنادق دمشق المختلفة ذات الخمس والأربع والثلاث نجوم، وبدلا من أن تتدخل الجهات المعنية لتفرض على هذه الفنادق تقديم أسعار معقولة لغرفها، تركت الفنادق لتستغل الوضع وتقدم أعلى الأسعار لغرفها. وكان كل هؤلاء الإعلاميين الضيوف يتجمعون مع المئات من الإعلاميين السوريين - ورجال الأمن أيضا - كل يوم، منذ الاجتماعات التحضيرية للقمة، في المركز الإعلامي الكبير الذي أقامته وزارة الإعلام على أرض المعارض بالقرب من فندق"إيبلا الشام"حيث مقر المؤتمر، والذي توافرت فيه كل الإمكانات اللوجستية التي تسهل للصحافي عمله ولمراسلي ومندوبي القنوات الفضائية إرسال أفلامهم وموادهم، مثل أجهزة الحاسب الآلي الكومبيوتر والانترنت السريع والاستديوهات التلفزيونية وأجهزة الإرسال والبث الفضائي المباشر - ويذكر ان هذا المركز تحملت دولة الإمارات تكاليف إقامته وقدمته هدية منها لسورية. وعلى رغم هذا المركز الكبير، إلا أنه لم يشهد زيارة أي مسؤول عربي له للقاء الصحافيين، واقتصر الأمر يوم الاجتماع التحضيري لوزراء الخارجية العرب، أول من أمس الخميس، على أخذ الصحافيين والإعلاميين إلى فندق"إيبلا الشام"وسط فوضى جعلت بعض الزملاء يفقدون أعصابهم من طول انتظارهم بالحافلات التي اقلتهم من المركز إلى قاعة الاجتماع، بالإضافة الى تكرار عمليات التفتيش الأمني في الدخول والخروج، وفي الحقيقة فإن كثرة عدد ممثلي ومصوري وفنيي القنوات الفضائية التلفازية كانت السبب الرئيسي في الفوضى التي حصلت، حيث كان المصورون يتدافعون نحو أي مسؤول عربي يوجد في بهو الفندق صرح أو لم يصرح، وبطريقة كانت تثير غضب الصحافيين الذين كانت الكاميرات تمنعهم من الانفراد بأي مسؤول، ولم يخل الأمر من مماحكات وشد وجذب. ومثلما لم يكن متوافراً في المركز الإعلامي الكبير المرطبات أو المشروبات الساخنة والمأكولات الخفيفة لتقديمها للصحافيين - أو ليشتروها - كذلك لم يتوافر هذا في ردهات أو بهو الفندق الذي جرى فيه الاجتماع. وإذ سمح للصحافيين والإعلاميين بالوجود في ردهات الفندق حيث اجتمع وزراء الخارجية أول من امس، استطاع هؤلاء ان يحصلوا على مواد تخدم مهنتهم، إلا أنهم اشتكوا امس من الملل حيث لم يُسمح لهم بالاقتراب من الفندق الذي يقيم فيه المسؤولون العرب، فأخذ مراسلو الفضائيات يعملون على ملء وقتهم بلقاءات مع زملائهم الصحافيين، والكل يتساءل عما إذا كان سيسمح لهم اليوم بالوجود قرب قاعة اجتماعات القادة أو الوزراء ليلتقوا بمن يعرفون منهم أو ان بعضهم سيسمح بذلك والبعض الآخر سيبقى"أسيرا"في المركز الإعلامي الكبير.