يتوجه ملايين الروس اليوم إلى صناديق الاقتراع، للإدلاء بأصواتهم في لنتخابات رئاسة نتائجها معروفة سلفا. إذ يعرف الروس والعالم، حتى قبل البدء بفرز بطاقات اللقتراع مساء اليوم، اسم"القيصر"الروسي الجديد. ولا يشك أحد في قدرة مرشح الكرملين ديمتري ميدفيديف على الفوز بسهولة على"منافسيه"الثلاثة، الشيوعي غينادي زيوغانوف والقومي المتطرف فلاديمير جيرينوفسكي واليميني أندريه بوغدانوف. وينحصر التساؤل عن نسب توزيع الأصوات، أقل بقليل أم أكثر بقليل من 70 في المئة لميدفيديف، والمرتبة التي سيحل فيها زيوغانوف وامكان ان يجمع عشرة في المئة من الأصوات مثلا، أم ستكون هذه الانتخابات الضربة القاضية بالنسبة إليه والى حزبه، ومدى تقدم مواقع القوميين المتحالفين مع الكرملين في العهد الجديد! يقف الروس أمام استحقاق هو الثاني من نوعه خلال ثلاثة شهور. والنسختان متطابقتان من حيث الشكل والجوهر، لأن الأسئلة ذاتها طرحت خلال انتخابات الهيئة التشريعية في الثاني من كانون الثاني ديسمبر الماضي. وكانت النتيجة معروفة سلفا لمصلحة حزب الكرملين"روسيا الموحدة"، فيما تركزت علامات الاستفهام حول تفاصيل النسب والأرقام وحسب. باختصار، ينجز الكرملين اليوم"المرحلة الثانية والحاسمة لعمليات إعادة بناء هياكل السلطة"، كما قال الرئيس فلاديمير بوتين. أما الباقي فهو مجرد تفاصيل. وسيذكر الروس لبوتين الذي لا يغادر اليوم ساحة السياسة العليا أنه وفى بوعده. فهو نجح في المحافظة على مقاليد السلطة والمضي على النهج ذاته من دون أن يعدل الدستور ليبقى في ولاية رئاسية ثالثة. ويخرج من الكرملين في موعد انتهاء ولايته الثانية. وليس مهما أن قيصرا آخر حل مكانه، فكثيرون في روسيا يتذكرون أن خلف كل واحد من قياصرة روسيا كان ثمة... راسبوتين! أو راس بوتين كما يقول البعض الآن، يدير التحالفات والرؤوس ويتحكم بوسائل عدة لتسيير شؤون البلاد. لكن، ورغم المظاهر المطمئنة للرئيس الجديد، لا يستبعد كثيرون أن تعترضه صعوبات كبرى، خصوصا خلال الفترة الأولى من ولايته. وعلى عكس بوتين الذي يملك رصيدا من الإنجازات على الصعيدين الداخلي والخارجي يعزز مواقعه في مواجهة معارضيه، والذي يملك كاريزما قيادية حولته زعيما للأمة حتى من خارج الكرملين، يستمد ميدفيديف قوته من مصدر وحيد هو بوتين نفسه. ما يعني أنه سيكون هدفا أسهل لانتقادات معارضي الكرملين على رغم ضعفهم، وحتى نسبة السبعين في المئة من الأصوات التي من المتوقع ان تقترع له اليوم، لا تشكل سلاحا معه بل ضده، بحسب البعض. لأن هذه النسبة وفرها دعم بوتين اللامحدود. لذلك يتوقع كثيرون أن يغدو خطاب الكرملين أكثر ميلا إلى المرونة والهدوء خلال المرحلة المقبلة على الصعيدين الداخلي والخارجي، مع تأكيد عدم توقع تنازلات روسية في الملفات الحساسة.