في ظل إمكاناته المحدودة مادياً وإعلامياً يلجأ بعض الفضائيات العربية إلى ابتداع أساليب تساعده على جذب المشاهدين ليعوض بها قصوره عن تقديم سلة من البرامج المنوعة والمواد الإخبارية والثقافية التي تجتمع حولها غالبية أفراد العائلة. وتنظر هذه المحطات إلى خدمة الرسائل القصيرة SMS على أنها الطريق الأسهل لتحقيق كسب مادي سريع بأقل التكاليف، فتعمد إلى وضع فتاة جميلة على الشاشة تحت اسم مذيعة لتطرح على المشاهدين بعض الأسئلة شديدة الصعوبة بالغة التعقيد وتحتاج إلى شخص واسع الاطلاع موسوعي المعرفة ليجيب عنها، ومنها مثلاً من أي جهة تشرق الشمس؟ أو ربما التساؤل عن عدد أيام الأسبوع وكل ما على المشاهد فعله هو الاتصال فقط أو إرسال جوابه من خلال رسالة قصيرة لتنهال عليه آلاف الدولارات. وبالفعل نجح هذا الأسلوب بداية في خداع قسم من المشاهدين، ولكن مع بعض التمعن والتدقيق في هذه البرامج بان زيف هذه المسابقات وصار هناك لدى شريحة كبيرة من المشاهدين العرب الوعي الكافي لإدراك انعدام صدقية هذا النوع من المسابقات، من فبركة الاتصالات و أسماء الفائزين... وتبرر فضائيات أخرى إمكاناتها المادية الضعيفة وكادرها الإعلامي غير المؤهل بالقول انها تطبق مبادئ تلفزيون الواقع لتقنع المشاهدين ان هفواتها المتكررة والارتباك الواضح في عملها ما هو إلا جزء من تلفزيونها الواقعي. كما تتذرع بهذه الحجة لتصوير غالبية برامجها بالأسلوب ذاته والديكور المتواضع وعدد الكاميرات القليل، وطبعاً ضمن إطار استديو واحد، إضافة إلى الضعف الواضح للقسم الأكبر من مذيعيها الذين يبدلون في شكل دوري. وهكذا بفضل جهود أشباه المحطات سيصل عدد مذيعينا العرب خلال سنوات قليلة إلى الآلاف بالطبع. هذا الرقم ما كان أجمله لو أنه يأتي من نهضة إعلامية عربية، وليس لأن تغيير المذيعين أصبح لدى البعض أسهل من تغيير ربطة العنق. وهكذا أدخلنا الشعوذة إلى برامجنا وپ"طورنا"فكرة تلفزيون الواقع وافتتحنا قنوات للزواج وأخرى للتعارف والدردشة... وطالما كانت الحاجة أم الاختراع فليس في وسع المشاهد العربي إلا الجلوس وانتظار المزيد من هذه الابتكارات.