أطلقت استقالة رئيس القيادة العسكرية الأميركية في العراق وأفغانستان قائد العمليات العسكرية الأميركية في منطقة الشرق الأوسط الأدميرال وليام فالون، جدالاً في الوسط السياسي الأميركي، حيال احتمالات لجوء الرئيس جورج بوش إلى الخيار العسكري ضد إيران في السنة الأخيرة من ولايته، والتي كانت معارضة الأدميرال لها أحد أسباب استقالته، أو"إقالته"، المفاجئة أول من أمس. وفيما أكدت مصادر أميركية مسؤولة ل"الحياة"أن الخيار العسكري ضد طهران"مستبعد جداً"قبل انتهاء ولاية بوش، حذر مراقبون من شطب فرضية مماثلة، خصوصاً في ضوء الحركة السياسية لأركان في الإدارة في الشرق الأوسط، واستقالات في وزارتي الخارجية والدفاع لمشرفين على الملف الإيراني. وفاجأ إعلان وزير الدفاع الأميركي روبرت غيتس ليل الثلثاء-الأربعاء، خلال مؤتمر صحافي عقده في مقر وزارة الدفاع البنتاغون، أن فالون طلب السماح له بالتقاعد، و وافق على طلبه الوَسَطان الاشتراعي والسياسي في واشنطن، خصوصاً أن فالون كان موضع مقالة نشرت الأسبوع الماضي في مجلة"إسكواير"، جاء فيها أنه يعارض السياسة التي ينتهجها الرئيس بوش حيال إيران، وتحدث عن خلافات بينه وبين القائد الأعلى للقوات الأميركية في العراق ديفيد بترايوس. وجاء وصف المجلة للأدميرال فالون بأنه"الصوت المعارض الوحيد ضد شن عمل عسكري لوقف الإيرانيين عن المضي قدماً ببرنامجهم النووي"، ليفتح الباب على سيل من التساؤلات حول موقف الإدارة من توجيه ضربة لإيران قبل انتهاء ولاية بوش في كانون الثاني يناير المقبل. وأكدت مصادر أميركية رسمية ل"الحياة"أن هذا الخيار"مستبعد جداً، وغير مطروح في هذه المرحلة على الإطلاق"لدى الإدارة التي تعطي الأولوية - بحسب المصدر - للدفع باتجاه حل ديبلوماسي مع الأوروبيين، حول الملف النووي الإيراني. جاء ذلك فيما اعتبر وزير الدفاع الأميركي روبرت غيتس أن الربط بين الاستقالة والسياسة الأميركية حيال إيران"أمر سخيف". لكن مراقبين متابعين للملف الإيراني، أكدوا ل"الحياة"أن استقالة فالون جاءت بطلب"مباشر من البيت الأبيض"، الذي اعترض على أسلوبه في التوجه الى الإعلام مقابلة أسكواير ومفاخرته بأنه المسؤول"الوحيد"في القيادة في البنتاغون المعارض لخطوة"طائشة"تقدم عليها الإدارة حيال طهران، وسرده كيفية إقناعه البيت الأبيض، بالتعاون مع وزيرة الخارجية كوندوليزا رايس، في عام 2007 للعدول عن الفكرة. ورأت هذه المصادر في الإعلان عن تقاعد فالون"إجراء تأديبياً"له من الرئيس بوش. لكن تزامن الاستقالة مع زيادة الحركة الديبلوماسية الأميركية في المنطقة، واستعداد نائب الرئيس ديك تشيني الى التوجه الى السعودية وسلطنة عمان والأراضي الفلسطينية وإسرائيل، الى جانب مغادرة مساعد وزيرة الخارجية نيكولاس بيرنز منصبه، وهو أحد أبرز المناهضين لأي خطوة عسكرية تجاه طهران، فتحت التأويلات حيال سيناريو مماثل. وتنقسم الإدارة الأميركية بين خط وزيرة الخارجية رايس، ومعها غيتس ومدير وكالة الاستخبارات المركزية مايكل هايدن، ومدير الاستخبارات الوطنية مايك ماكونل، غير المحبذ للخيار العسكري، وبين خط مكتب نائب الرئيس ديك تشيني ونائب وزير الدفاع إريك أدلمان والمستشار الرئاسي أليوت ابرامز، الذي يرفض إزاحة خيار الحرب عن الطاولة. وأبدى زعيم مجلس الشيوخ السناتور الديموقراطي هاري ريد قلقاً حيال استقالة فالون، ومخاوف من"إسكات الإدارة الصوت المستقل والصريح في صفوفها". وذكر غيتس أن الأدميرال سيترك الخدمة في نهاية الشهر الجاري، وأن نائبه الجنرال مارتن ديمبسي سيتولى مسؤولية القيادة المركزية حتى اختيار خليفة له.