يشهد مجلس الأمن القومي الأميركي سلسلة تغييرات في قيادته تعكس تنامي نفوذ الخط المعتدل وتأثيره في رسم استراتيجية واشنطن للتعامل مع الملف الايراني وإدارة الحرب في العراق، مقابل تراجع أسهم المتشددين، بعد استقالة مايكل دوران وجاي دي كراوش الذي حل مكانه مساعد وزيرة الخارجية جيمس جيفري في منصب نائب مستشار الأمن القومي ستيفن هادلي. على صعيد آخر، أكد البيت الأبيض أن الرئيس جورج بوش سيخضع اليوم لفحص بالمنظار، وسيتولى نائبه ديك تشيني المسؤوليات الرئاسية، طوال فترة الفحص. على مستوى التعيينات الجديدة قالت مصادر الادارة الأميركية ل"الحياة"إن جيفري سيباشر مهماته الجديدة اليوم والذي يعتبر الذراع الأهم للبيت الأبيض في رسم السياسة الخارجية. وأشارت المصادر الى أن جيفري، المقرب من وزيرة الخارجية كوندوليزا رايس، سيلعب دوراً رئيسياً في الملف الايراني الذي أشرف عليه طوال السنة الماضية، وعمل عن كثب مع مساعد رايس نيكولا بيرنز. ويأتي تعيينه بعد استقالة النائب السابق لهادلي جاي دي كراوش المعروف بقربه من المحافظين الجدد، بعد خلافات مع رايس حول سياسة الخارجية في التعامل مع ملفي ايران وكوريا الشمالية. وتزامنت استقالته مع استقالة مدير مكتب افريقيا الشمالية والشرق الأوسط في المجلس مايكل دوران الذي ينتمي أيضاً الى المحافظين الجدد، ونقل الى منصب أقل نفوذاً في وزارة الدفاع البنتاغون ولم يعين بديلا له بعد. ويعتبر جيفري من الوجوه الأكثر اعتدالاً في الادارة، وأبرز المدافعين عن التعاطي الديبلوماسي مع ايران. وكان أكد في حديث الى"الحياة"أن"عامل الوقت ليس ضيقاً لاستكمال الجهود الديبلوماسية وردع طموحات ايران النووية"، مشدداً على أن واشنطن"لا تسعى الى مواجهة عسكرية مع طهران". كما لعب دور الوسيط بين البيت الأبيض والخارجية، بعد نشوب خلاف حول السياسة المعتمدة حيال ايران، واعتراض تشيني على لقاء رايس نظيرها السوري وليد المعلم خلال مؤتمر شرم الشيخ في آذار مارس الماضي. ويتميز جيفري بصراحته وخبرته الطويلة في المجالين الديبلوماسي والعسكري، اذ شارك في حرب فييتنام، وعمل في حقائب ديبلوماسية عدة بينها رئيس البعثة الأميركية في الكويت 1996 - 1999 وفي أنقرة 1999 - 2002 كما تولى بين 2004 و2005 مهمة كبير مستشاري وزيرة الخارجية للشؤون العراقية قبل ترقيته الى منصب مساعد الوزيرة، بعد استقالة ابنة نائب الرئيس اليزابيث تشيني في ربيع 2006. ولم يعد لنفوذ المحافظين الجدد اليوم تأثير كبير إلا في فريق تشيني، فضلاً عن مستشار الرئيس أليوت ابرامز، والرجل الثالث في وزارة الدفاع أريك أدلمان. وتراجع هذا النفوذ بشكل كبير خلال ولاية بوش الثانية، بعد استقالة السفير السابق لدى الأممالمتحدة جون بولتون، ووزير الدفاع دونالد رامسفيلد ومساعد رايس لوقف التسلح النووي روبرت جوزيف وأخيراً مدير البنك الدولي السابق بول وولفوفيتز. الى ذلك، أعلن البيت الابيض أمس، ان بوش سيخضع السبت لفحص روتيني بالمنظار للكشف على القولون، في المقر الرئاسي في كمب ديفيد ميريلاند، وستنقل سلطاته خلال فترة هذا الفحص الى تشيني. وقال الناطق باسم البيت الابيض توني سنو"لا اشارات الى اصابة الرئيس"بالسرطان، مذكراً بأن هذا الفحص روتيني وكان مقرراً منذ آخر فحص بالمنظار في حزيران يونيو 2002. وتابع سنو ان تشيني سيتسلم سلطات الرئاسة فور بدء الرئيس بالدخول تحت تأثير البنج وحتى إعلانه انه بات قادراً على معاودة ممارسة صلاحياته.