أكد مسؤولون أميركيون ل "الحياة" أن تقرير الاستخبارات الأميركية حول وقف ايران برنامج التسلح النووي"فاجأ مسؤولين في البيت الأبيض"، وخصوصاً مكتب نائب الرئيس ديك تشيني، وأن هؤلاء بدأوا"إعادة حساباتهم حول الخيار العسكري ضد طهران"، على نحو يقلل من احتمال اللجوء اليه خلال ما تبقى من ولاية الرئيس جورج بوش، في وقت رأى مسؤولون سابقون في الادارة والاستخبارات أن التقرير يؤجل أي ضربة أو تسوية للأزمة الايرانية، ويترك المهمة للإدارات اللاحقة. وأشار مصدر أميركي رسمي إلى أن التقرير أحدث بلبلة في البيت الأبيض، خصوصاً في أوساط الخط المتشدد والمحبذ لسياسة أكثر بطشاً تجاه طهران. ويتركز تبني الخيار العسكري ضد ايران في مكتب تشيني ومستشار بوش، إليوت ابرامز، فيما تدفع وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس ومساعدها نيكولاس بيرنز، ومعهما وزير الدفاع روبرت غيتس، نحو تبني الخط الديبلوماسي، وسياسة العقوبات من دون الغاء الخيار العسكري. ونقل المصدر ارتياحاً في أوساط رايس وغيتس، من استنتاجات التقرير، الذي أشار الى أن طهران أوقفت على ما يبدو برنامجها للتسلح النووي في خريف عام 2003، لكنها تواصل تخصيب اليورانيوم، ما يعني قدرتها على تطوير سلاح نووي بحلول عام 2010 أو2015. ووعدت رايس بالاستمرار في الضغط على ايران من خلال مزيد من العقوبات في الاممالمتحدة، على رغم تقرير الاستخبارات الاميركية. وقالت ان الولاياتالمتحدة والقوى العظمى الخمس الاخرى التي تعالج الملف الايراني, ستواصل الضغط الديبلوماسي على ايران لمنعها من حيازة السلاح النووي. وأضافت:"آن الاوان لتنشط الديبلوماسية, لكن الوقت لم يحن للتوقف والقول:"لم نعد نحتاج الى الديبلوماسية"". وأوضحت ان"من الضروري متابعة مشروع القرار في مجلس الامن. وحذرت من ان ايران تستمر في تخصيب اليورانيوم على"مستويات تزداد اهمية". في غضون ذلك، رأى المسؤول السابق ومدير"مجلس العلاقات الخارجية"ريتشارد هاس أن التقرير، أو"مفاجأة كانون الأول"ديسمبر، كما تحوّل عنوانه في العاصمة الأميركية، يؤجل خيار التسوية أو المواجهة الى ما بعد ولاية بوش، وأنه سيفرض على البيت الأبيض"تخفيف اللهجة"حيال ايران، لأن"الملف لم يعد مستعجلاً". وتجنب بوش في مؤتمره الصحافي أول من أمس، استخدام عبارات قاسية لدى وصفه التهديد الايراني. ولم يكرر التلويح بالحرب العالمية الثالثة التي كان استحضرها في السابق عند الحديث عن ايران. لكن هاس أكد أن النيات الايرانية والدوافع لم تتغير، وأن التقرير يمنح الادارة الحالية مزيداً من الوقت، لكنه لا يزيل من الحسابات الأميركية خيارات عدة للتعامل مع ايران، من بينها العسكري. ولم يلق التقرير ترحيباً في أوساط المحافظين الجدد. وهم شككوا في مضمونه وحذروا الادارة الأميركية من"الوقوع في شرك الخدعة الايرانية". ويشير المسؤول السابق البارز في صفوف المحافظين الجدد، مايكل ليدين، إلى أن الاستخبارات الأميركية"أخطأت قبلاً في تقديرها خطر القاعدة، ورصد أسلحة الدمار الشامل لصدام حسين، لذلك يجب التشكيك في معلوماتها حول ايران". وعلى رغم تأكيدات بوش بأن التقرير دقيق للغاية، وأن مستوى الاصلاحات التي لحقت بالاستخبارات حسّن نوعية المعلومات المستحصلة، أشار ليدين إلى أن النظام الايراني هو"من أكثر الأنظمة مهارة في الخداع"، وحذر الادارة من تكرار خطأ الادارات السابقة"التي تأخرت في رصد السلاح النووي للاتحاد السوفياتي وباكستان والهند، ولم تتحرك في الوقت المناسب في تجربتي ليبيا وكوريا الشمالية". وكان التقرير حاضراً في مناظرة الديموقراطيين الاذاعية ليل أول من أمس عبر محطة"أن بي أر"، والتي شهدت انتقادات لاذعة للمرشحة هيلاري كلينتون من جانب منافسيها، على خلفية تأييدها لسياسة متشددة حيال طهران، وتصويتها لاعتبار الحرس الثوري منظمة ارهابية. وهاجم المرشحان جون ادواردز وباراك أوباما تصويت كلينتون، واعتبرا أن التقرير يجب أن يكون اشارة إلى تغير السياسة الأميركية في التعامل مع طهران.